تحليل ديناميات الاختلال في ببناء سردي لرواية “أصل الأنواع”

رواية “أصل الأنواع” لأحمد عبداللطيف: تجربة سردية فريدة
تقدّم رواية “أصل الأنواع” للروائي والمترجم المصري أحمد عبداللطيف، تجربة سردية لافتة، إذ تنطلق من قاعدة تبدو واقعية تمامًا قبل أن تُحدث فيها شقوقًا صغيرة تتسع تدريجيًا، لتصنع عالمًا لا ينفصل عن الواقع لكنه لا يخضع له بالكامل.
سرد يتحدى التقاليد
ما يلفت الانتباه منذ الصفحات الأولى أن السرد لا يقدّم الحكاية بوصفها سلسلة أحداث، بل بوصفها حالة، تتغير وتتأرجح، وتُصاغ وفق إيقاع داخلي متوتر. البداية نفسها تأتي من نقطة اختلال، دون أن تمنح القارئ فرصة لالتقاط الكثير من التفاصيل التمهيدية.
تقنية السرد وبناء الشخصيات
تتطور تقنية السرد مع تقدم الصفحات لتكشف عن تواشج واضح بين الواقعي والغرائبي. وتستند الرواية في بناء شخصياتها إلى تقنية “الكشف المرحلي”، التي تمنح كل شخصية طبقة جديدة عند كل ظهور. مع لغة تقوم على التداخل بين الجمل الوصفية القصيرة والجمل المتمددة التي تقترب من الإيقاع الحلمي.
تنظيم الفصول والفانتازيا
أما فيما يتعلق بتنظيم الفصول، فالفصول لا تتتابع وفق منطق سببي مباشر، بل تُبنى كمشاهد منفصلة ظاهريًا متصلة داخليًا. ومن الجوانب اللافتة أن الفانتازيا في الرواية تُستخدم كامتداد للطبيعة الواقعية، وليس كعنصر دخيل.
زمن الرواية
الزمن في الرواية هو كذلك أحد عناصر اللعب السردي؛ لا وجود لتواريخ أو فواصل زمنية، بل تُقدَّم الأحداث في كتلة زمنية واحدة، تتراوح بين البطء الشديد والقفزات المفاجئة.
ختام مثير
في المجمل، تقدم أصل الأنواع سردًا يقوم على تفكيك أدوات الرواية التقليدية، وبناء عالم تُشكّل فيه اللغة والإيقاع والغرائبية شبكة واحدة. ليست رواية تعتمد على المفاجآت، بل على التوتر الداخلي، وعلى قدرة السرد نفسه على خلق الإحساس بالاختلال.



