النمّام.. خطر يهدد أواصر المجتمع – صحيفة المدينة

في كل مجتمع، هناك الأتقياء والأوفياء، والصالحون والأقوياء بمبادئهم، أو بجاههم، أو بمالهم. وهناك القانعون بما آتاهم الله من فضله، وهم غالبية المجتمع. وهناك مَن لديه الكثير، لكنه يعاني من عقدة نقص ما، يفكر بما يفعله الآخرون، ويريد من المجتمع إكمال ما ينقصه.
أصحاب النفوس المريضة من الضعفاء، بعضهم نمام، وبعضهم مداح؛ لإرضاء نفسه، ولو لم يكن مستفيدًا، فمن سنة الحياة أن يكون بيننا أمثالهم.
الجانب الإيجابي أن تترك أثرًا نافعًا: أولا بينك وبين ربك.. وثانيًا لمراجعة نفسك: هل قلبي بغيض أو حاسد؟، هل أنا سلبي؟، هل الإيجابية في حياتي مجرد نقل كلام، أو نشر بغضاء؟.
انظر لنفسك بالمرايا، هل وجهك بشوش؟ هل نفسك صافية؟ اعرف أين المشكلة وعالجها.
يقول الله تبارك وتعالى: (بل الإنسان على نفسه بصيرة).. تبصر في نفسك ومجتمعك، من أين أنت؟ لا تصدق أن نقل النميمة يجد رضا الله. حتى من يستمع لك، قد يزدريك سرًا.
من يقول كلمة الحق، يحترمه الناس، حتى لو كانت الحقيقة مرة، فالصراحة راحة.
المجتمع يتكون من: الأسرة، العائلة، القبيلة، الحي، والوطن.. إذا فسد الصغير، فسد الكبير، وإذا صلحت وقويت المجتمعات، قويت الأمم. والجار وصى به الله ورسوله: يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه».
اقضوا على النمامين، بعدم الاستماع إليهم.
سأل معاذ -رضي الله عنه- النبي -صلى الله عليه وسلم-: هل يحاسب الناس على ما يقولون؟ فقال: نعم. «وهل يكب الناس على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم؟!».
الصلاة والورع الظاهر ليس مقياسًا للتقوى، المقياس هو النفس المطمئنة المحبة، والله أعلم بالسرائر. يقول الله تبارك وتعالى: (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي).
في نهاية المطاف، قوة المجتمع تبدأ من قوة النفس وصلاحها. كل واحد منا مسؤول عن كلماته وأفعاله، وعن التأثير الذي يتركه فيمن حوله.
بتقوى النفس، ونقاء السريرة، ونبذ النميمة والمدح الفارغ، نرتقي بأنفسنا ومجتمعنا.
اجعل قلبك صافيًا ولسانك صادقًا، وكن سببًا في إصلاح نفسك ومن حولك قبل إصلاح الآخرين، فالصلاح يبدأ من الفرد، ثم يمتد إلى الأسرة، والحي، والوطن، وهكذا تُبنى الأمم وتقوى القيم.



