ما هي الأليات التي تستخدمها واشطنن للدفاع عن الدولار كعملة احتياطية عالمية؟ – مصر سبورت


الاحد 23 فبراير 2025 | 04:00 مساءً

مصطفى عبدالفتاح

قبل أربع سنوات، كشف بنك التسويات الدولية ــ البنك المركزي للبنوك المركزية ــ عن مشروع ابتكاري حمل الاسم “mBridge”، وهو مشروع يهدف إلى إنشاء عملة رقمية للبنوك المركزية عبر الحدود تربط بين البنوك المركزية في الصين وهونج كونج وتايلاند والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وغيرها من دول العالم.

مشروع ” mBridge”

ووصف تقرير نشرته “فاينانشيال تايمز” أن المشروع في الأساس بـ “المعركة الأكبر” والتي قد تكون ذات أهمية كبيرة في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خصوصًا بعدما انسحب بنك التسويات الدولية بشكل غير متوقع من ” mBridge”، وهذا ما يعني فعليا التنازل عن السيطرة للصين وبقية الشركات.

1ترامب والدولار

وزعم بنك التسويات الدولية أن هذا كان بسبب وصوله إلى مرحلة “المنتج القابل للتطبيق الأدنى”، وهو ما أثا ذعر الولايات المتحدة لأنه يشكل تهديدا، وقد يكون بابًا للتهرب من سلاح العقوبات الأمريكية الدولارية والذي يصنف على أنه أحد الأسلحة الأهم، والتي تستخدمها الولايات المتحدة ضد أعدائها.

وعلى الرغم من أن جوستين كارستينز، رئيس بنك التسويات الدولية، نفى ذلك علناً، فإن المضاربات مستمرة، خصوصًا مع حرب ترامب النقدية، والتي لاحت بشائرها الشهر الماضي عندما هدد على موقع “تروث سوشيال” بأن التهديدات بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على البلدان التي تحاول “استبدال الدولار الأميركي القوي” بعملات أو أنظمة دفع جديدة.

التعريفات الجمركية

ولفت التقرير إلى أنه بالرغم من تهديدات ترامب بشأن التعريفات الجمركية التجارية والتي تصدرت عناوين الأخبار مؤخراً، لكن هذه المعركة الأقل وضوحاً حول المال لها أهمية عميقة، فالنظام المالي العالمي القائم على الدولار هو المصدر الحقيقي للقوة المهيمنة الأميركية اليوم، والذي تريد واشنطن الدفاع عنه، وهو الأكثر إلحاحًا.

1التعريفات الجمركية

ورصد التقرير أنه ليس لدى ترامب ما يدعوه للقلق، إذ تظهر البيانات الأخيرة الصادرة عن صندوق النقد الدولي أن الدولار يشكل نحو 58% من احتياطيات البنوك المركزية، وهذا أقل قليلا مما كان عليه في بداية القرن، ولكن التنويع الأخير شمل في الغالب عملات أصغر حجما، وليس منافسين مثل اليورو أو الرنمينبي الصيني.

كما أن الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن بيانات سويفت تشير إلى أن 49.1% من جميع المدفوعات كانت بالدولار في العام الماضي، وهو أعلى مستوى في 12 عاما.

ورغم هذه النقاط الإيجابية إلا أن هناك ثلاثة تحذيرات حاسمة، تشغل بال الولايات المتحدة بشكل كبير حاليًا يأتي على رأسها قيام البنوك المركزية بشراء الذهب “بسرعة مذهلة”، كما أشار مجلس الذهب العالمي مؤخرا، وهذا يشير إلى الرغبة في التحوط من تعرضها للدولار.

نظام سويفت

التحذير الثاني أن بيانات سويفت قد تكون مضللة بعض الشيء لأن النشاط يتضخم خارج المنصات الغربية، فالصين تبني نظامها الخاص للدفع عبر الحدود بين البنوك، وهو نظام صغير وبدائي، ولكنه يضم 160 عضوا، وقد قفز حجم المعاملات بنسبة 80% منذ عام 2022.

1سويفت

ثالثا، يبدو أن تسليح واشنطن المالي يغذي ــ وليس يوقف ــ الجهود التي يبذلها آخرون للتخلي عن الدولار، ومن هنا تأتي أهمية “mBridge”، فإذا نجحت هذه الأنابيب الرقمية في العمل بالسرعة والحجم المطلوبين (وهو أمر مشروط)، فإن هذا من شأنه أن يشكل تحديا لنظام الدولار العالمي الذي يركز عليه بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي.

ووفقًا لتصريحات كريس جيانكارلو، رئيس لجنة تداول العقود الآجلة للسلع الأساسية خلال إدارة ترامب الأولى، فإن ترامب سيستخدم سياسة الجزرة عبر السياسات التي تجعل استخدام الدولار مقنعا تماما لغير الأميركيين، وهو ما يتطلب الدفاع عن القيم الاقتصادية الجيدة، عبر مشروع الدولار الرقمي.

يتزامن ذلك مع استخدام ترامب سياسة العصا أيضًا عبر إصداره الشهر الماضي أمرًا تنفيذيا يحظر استخدام أي عملة رقمية صادرة عن البنوك المركزية في أمريكا، لأنها “تهدد استقرار النظام المالي، والخصوصية الفردية، وسيادة الولايات المتحدة، كما دافع عن عملة البيتكوين باعتبارها تحوطاً بالدولار الورقي، كما دعم أيضاً “نمو العملات المستقرة القانونية والشرعية المدعومة بالدولار في جميع أنحاء العالم.

كما أن هناك عاملًا اخر متمثلًا في العملات المستقرة قد تكون سلاحا سريا لتعزيز المزيد من الدولرة وليس التقليل منها، وذلك لأن العملات المستقرة في القرن الحادي والعشرين ــ مثل سوق الدولار الأوروبي في القرن العشرين نتج عنها إجراء معاملات بالدولارات الخارجية خالالية من القيود التنظيمية المرهقة في الداخل. وهذا يروق للعديد من الممولين الذين يتصارعون مع المخاطر الجيوسياسية “حتى لو كانت العملات المستقرة، على عكس الدولار الأوروبي، لا تدفع عوائد”. 

وأشار التقرير أنه مع استمرار ترامب في محاولة إعادة تشكيل النظام الجيوسياسي العالمي، فإن الحفاظ على هيمنة الدولار سيكون أمرًا ذا اهمية خلال فترة حكم الرئيس الأمريكي.