الصوم هو ممارسة روحية قديمة تمتد جذورها إلى آلاف السنين، وقد تباينت أشكاله وأهدافه بين الحضارات والأديان. من مصر القديمة إلى الديانات السماوية، يحمل الصوم معاني مختلفة تتراوح بين التطهير الروحي والتقرب إلى الله. يتناول هذا المقال تطور مفهوم الصوم عبر التاريخ، مع التركيز على دوره في الديانات الرئيسية ومنطقة الشرق الأوسط.
الصوم في الحضارات القديمة
في مصر القديمة، كان الصوم جزءاً من الطقوس الدينية التي تهدف إلى التقرب من الآلهة وتطهير النفوس. اختلفت آراء الباحثين حول طبيعة الصوم لدى المصريين القدماء، فبعضهم يرى أنه كان ممارسة خاصة بالكهنة، بينما يشير آخرون إلى أن عامة الناس أيضاً مارسوا أشكالاً من الصوم. كانت فترات الصوم تتراوح بين ثلاثة أيام إلى 70 يوماً، يتم خلالها الامتناع عن الطعام والشراب والجماع.
تقاليد الصوم في الزرادشتية والإيزيدية
الزرادشتية، التي ظهرت في بلاد فارس، كانت تُحرّم الصوم خوفاً من تأثيره السلبي على صحة الإنسان وإنتاجيته. على الجانب الآخر، يُعتبر الصوم في الإيزيدية ممارسة مقدسة تستمر ثلاثة أيام، يتم خلالها الامتناع عن الطعام من شروق الشمس إلى المغيب. يلتزم رجال الدين بصوم مكثف يمتد لمعظم أيام السنة، في حين أن الصوم الاختياري يعد وسيلة للتقرب من الإله.
الصوم في الديانة اليهودية
يُعد يوم كيبور (الغفران) أهم أيام الصوم في الديانة اليهودية، حيث ينأى اليهود عن الملذات الدنيوية ليتفرغوا للعبادة ومحاسبة الذات. يستمر الصوم لمدة 26 ساعة، ويُمنع الصوم في أيام السبت أو الأعياد، باستثناء يوم الغفران. هناك أيضاً صوم اختياري يُمارس للتكفير عن الذنوب أو طلب الرحمة من الإله.