مستقبل السفر الأخضر من خلال السياحة الجيولوجية

في عالم يتسارع فيه الوعي البيئي ويبحث فيه المسافرون عن تجارب تتجاوز حدود الاسترخاء والترفيه التقليدي، برزت السياحة الجيولوجية كأحد أكثر الاتجاهات نموا وتأثيرا في صناعة السفر الحديثة. يقوم هذا النوع من السياحة على استكشاف التراث الجيولوجي من جبال بركانية وكهوف وصخور متحجرة، مما يلبي شغف المسافرين بالمعرفة والمغامرة، وفي الوقت نفسه يسهم في حماية البيئة ودعم المجتمعات الريفية لتعزيز اقتصاداتها المحلية.

تمتعت المملكة العربية السعودية بالاعتراف الدولي الهام بعد تسجيل متنزهين جيولوجيين جديدين ضمن قائمة المتنزهات الجيولوجية العالمية، مما يعكس ثراءها الجيولوجي وجهودها نحو تعزيز موقعها كوجهة رائدة في السياحة المستدامة. شهد قطاع السياحة الجيولوجية نموا كبيرا، حيث ارتفع حجم السوق من 668.9 مليار دولار في عام 2023 إلى أكثر من 709 مليارات في 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى 755 مليارا خلال عام 2025، بفضل زيادة الوعي بالسفر المسؤول الذي يجمع بين الاكتشاف والحفاظ على البيئة.

تفيد البيانات بأن حوالي 70% من السياح حول العالم يفضلون الوجهات الطبيعية التي تقدم تجربة معرفية، وزاد عدد السياح الدوليين إلى أكثر من 1.5 مليار مسافر في 2024 نتيجة لعودة قوية للقطاع واعتماد متزايد على زيارة المواقع الجيولوجية الفريدة. يعود هذا النجاح إلى ارتفاع الوعي البيئي لدى الأجيال الشابة وتأثير المنصات الرقمية مثل إنستغرام وتيك توك.

تلعب السياسات الدولية دورا بارزا في تعزيز هذا التوجه، حيث تقود اليونسكو برامج لدعم المتنزهات الجيولوجية وتطوير السياحة الجيولوجية لضمان حماية المواقع الهشة وتحقيق استفادة مستدامة للمجتمعات المحلية. تتصدر السعودية هذا المشهد عبر مشروعات متنزهات جيولوجية جديدة ورؤية 2030 التي تجعل السياحة الطبيعية أحد محركاتها الأساسية.

يبدو أن السياحة الجيولوجية مسارا يجمع بين سحر الطبيعة ومسؤولية الحفاظ عليها، ويجعل كل زيارة رحلة نحو فهم أعمق لتاريخ الأرض ومستقبلها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى