أعتبر هاني دنيا، خبير تكنولوجيا المعلومات والمتخصص في الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، أن الاهتمام الذي توليه الحكومة المصرية، وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتكنولوجيا المعلومات – والذي تم التأكيد عليه في مناسبات عدة – تجلى في إطلاق العديد من المبادرات الرقمية الهادفة إلى بناء قاعدة واسعة من الكوادر الرقمية في مختلف المجالات التكنولوجية. ويعكس ذلك رؤية سياسية استراتيجية تدرك التصاعد المستمر للأهمية الاقتصادية لهذا القطاع، حيث أن أكبر الشركات على مستوى العالم من حيث حجم الأعمال والقيمة السوقية تعمل في مجالات متنوعة ضمن تكنولوجيا المعلومات.
وفيما يتعلق بالأهمية الاقتصادية المتزايدة لتكنولوجيا المعلومات في العصر الحديث، أكد هاني دنيا في لقائه مع برنامج ” أوراق اقتصادية ” على قناة النيل للأخبار أن تكنولوجيا المعلومات أصبحت من العوامل الرئيسية التي تسهم بشكل كبير في تسهيل حياة المواطنين، من خلال تقليص الوقت والجهد، حيث أتاح استخدامها الواسع في الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية الوصول إلى خدمات ومنتجات تكنولوجية مبتكرة.
وأضاف أن تكنولوجيا المعلومات لا تقتصر على تحسين جودة الحياة، بل تسهم أيضًا في تعزيز الاقتصاد الوطني من خلال قدرتها على تحقيق قفزات اقتصادية غير مسبوقة.
وأشار هاني دنيا إلى أن قطاع تكنولوجيا المعلومات يتمتع بقدرة هائلة على التأثير في الناتج القومي الإجمالي، حيث يمكن لعدد صغير من الكوادر المتخصصة والمؤهلة أن يُحدث ثورة اقتصادية. فعلى سبيل المثال، يمكن لمجموعة من 10 إلى 20 باحثًا متخصصًا أن تحدث طفرة في الاقتصاد، خصوصًا في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو ما يُترجم إلى إضافة قيمة كبيرة للناتج القومي تصل إلى أكثر من مليار دولار. وأوضح أن هذا الابتكار والتميز التكنولوجي لا يعتمد فقط على العدد الكبير من العاملين، بل على جودة وتأهيل المهارات المتخصصة، التي تُمكن مصر من أن تصبح مركزًا رائدًا في مجالات مثل تحليل البيانات، تطوير نظم الذكاء الاصطناعي، وتقنيات الأمن السيبراني, ما يدعم إنتاجية الاقتصاد ويُمكنه من جذب الاستثمارات العالمية. إن تطور الاقتصاد الرقمي والاعتماد على القوة البشرية الرقمية المؤهلة يُساهم بشكل مباشر في تعزيز مكانة مصر كمنافسة في السوق العالمي، مما يؤدي إلى نمو الناتج القومي من خلال الاستفادة من الاختراقات التكنولوجية الحديثة في مجموعة واسعة من المجالات.
أوضح خبير الذكاء الاصطناعي أن الطابع النوعي الفريد لتكنولوجيا المعلومات يدعم تمامًا رؤية رئيس مجلس الوزراء د. مصطفى مدبولي، الذي يؤكد أن تكنولوجيا المعلومات هي أمل مصر الحقيقي. وأشار إلى أن هذه التكنولوجيا، بقدرتها على الابتكار والتحول، تمتلك الإمكانية الطبيعية لإحداث نقلة نوعية في الاقتصاد المصري وتحقيق زيادة ملحوظة في الناتج القومي الإجمالي.
وشدد هاني دنيا على أن تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي لا ترتكز اقتصادياً على كثافة العمل التقليدية، بل تعتمد بشكل أساسي على العامل البشري المدرب والمتقن للمهارات العالية، والمزود بخبرة متعمقة. وأوضح أن هذا التوجه يجعل الاستثمار في الكوادر البشرية المتخصصة محوراً رئيسياً لتحقيق طفرة نوعية في مختلف القطاعات الاقتصادية.
وتناول هاني دنيا مبادرة رواد رقميون التي أطلقها معالي رئيس الوزراء بمباركة من السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في فبراير الحالي وأكد على انها تعمل على خلق هذا العامل البشري المدرب عالي المهارة من خلال تدريب 12 ألف شاب وشابة سنويا بتكلفة تتراوح بين 2.5 الى 3 مليار جنية متوقعا ان يؤدي النجاح في تحقق الاهداف التدريبية من المبادرة إلى التأثير العميق في الاقتصاد المصري وذلك من خلال ايجاد وفرة كوادر في تخصصات كثيرة ؛ ومن ضمنها الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والبرمجة وتطبيقات الشركات ؛ بالاضافة إلى ان طبيعتها كمبادرة تدريبية تشمل 4 مستويات ، تدريب 4 أشهر ، وتدريب 9 أشهر ، وللمرة الاولي ماجستير سنه واخر سنتين في تخصصات علمية دقيقة في تكنولوجيا المعلومات المختلفة مثل الذكاء الاصطناعي وبتمويل من الدولة .
وتوقع هاني دنيا بأن تُحدث هذه المبادرة، مع اكتمال أعمالها، تحولاً جذرياً في سوق العمل المصري من خلال إعداد كوادر بشرية عالية التدريب وبمهارات فائقة الجودة، قادرة على جذب الشركات العالمية للاستثمار في الاقتصاد المصري. وأوضح أن هذا التطور سيؤدي إلى تأثيرات اقتصادية إيجابية متضاعفة، تظهر في زيادة سنوية مستمرة للعوائد المالية تتجاوز التكاليف الاستثمارية المبذولة. وأشار إلى أن 10% فقط من الكوادر التي سيتم تدريبها في مجال الذكاء الاصطناعي يمكنها أن تُضيف ما يزيد على مليار جنيه سنوياً إلى الناتج القومي الإجمالي المصري.
ودعا خبير الذكاء الاصطناعي الدولة إلى توسيع نطاق الاهتمام ليس فقط بتكنولوجيا المعلومات، بل بتخصصي الفيزياء والرياضيات أيضًا، لما يتمتعان به من إمكانيات هائلة ودور محوري في دفع عجلة الابتكارات الحديثة في مجالات متعددة مثل التشفير والذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية. وأكد على ضرورة مضاعفة الاستثمارات المخصصة لتكنولوجيا المعلومات في هذين المجالين، من خلال توفير منح دراسات عليا واسعة النطاق للمتخصصين في الرياضيات والفيزياء، بالإضافة إلى الاهتمام المبكر بهذه التخصصات عن طريق تنظيم مسابقات علمية في المدارس تركز على الفيزياء والرياضيات. هذا النهج المتكامل يعزز التفاعل البنّاء بين هذه العلوم وتكنولوجيا المعلومات، مما يمهد الطريق لتحقيق اختراقات علمية وعملية تؤدي إلى قفزات نوعية في الناتج القومي الإجمالي. كما سيمكن من تطوير نماذج وطنية للذكاء الاصطناعي بتكاليف منخفضة، وجذب استثمارات الشركات العالمية العاملة في مجال التكنولوجيا لفتح فروع في مصر، مستفيدة من توفر كادر بشري عالي التخصص قادر على تقديم منتجات تقنية مبتكرة وعالية الجودة.