استهداف قطر يهدد أمن المنطقة

بالرغم من الجهود السعودية المستمرة لإحلال السلام في المنطقة، ودعم فكرة حل الدولتين، ودعوتها للمؤتمر الدولي في الأمم المتحدة بجانب فرنسا، وما تمخض عنه من اعتراف عالمي بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، والرفض القاطع للممارسات الإسرائيلية في الاحتلال غير الشرعي للأراضي الفلسطينية، واستخدام الإبادة الجماعية، والتهجير القسري والتجويع للسكان، وتدمير البنى التحتية.. ومع ذلك تتعدى إسرائيل على كل القوانين الدولية والأعراف الدبلوماسية وتستهدف قطر، ومقر الفريق التفاوضي الذي يقود مع مصر وأمريكا جهودا كبيرة لإحلال السلام؛ فتتمادى إسرائيل في غطرستها، وتضرب بعرض الحائط كل القرارات الدولية والقوانين العدلية، وتوسّع دائرة الإرهاب، إلى إرهاب دولة لها سيادتها.
انتفض العالم ودعا إلى جلسة طارئة لمجلس الأمن، وكان الإجماع من الجمعية العامة للأمم المتحدة ومن معظم المشاركين في الأمم المتحدة بشجب واستنكار الاعتداء على قطر؛ حيث تمعَّر وجه المندوب الإسرائيلي الذي كانت كلمته خالية من أي تفنيد مُقْنِع للتصرفات الإسرائيلية، خاصةً حينما تحدث عن ازدواجية المعايير، فقال: كيف بأمريكا تضرب باكستان للقضاء على أسامة بن لادن، وبريطانيا تضرب العراق للقضاء على داعش، ولم يتكلم أحد؟!.. وهي مقارنة بمنطق أعوج، فأولئك خفافيش ظلام ولم تكن لهم أهداف إنسانية، بينما القطريون يقودون مفاوضات سلام من أجل حقوق شعب في أرضه وكرامته، وتحقيق السلام والأمن في المنطقة كلها!! الرائع أن هناك 143 صوتًا في مجلس الأمن أيّدوا إقامة دولة فلسطينية مقابل 9 أصوات معارضة، وهنا نجد أن التاريخ يدعم القضية الفلسطينية بتأييد إقامة دولة فلسطينية مستقلة.. وكان ذلك بمثابة زلزالًا دبلوماسيًا يعيد رسم السياسة الدولية.
وقد وصف رئيس وزراء قطر وزير الخارجية محمد بن عبدالرحمن آل ثاني الاعتداءات «بأنها العربدة الإسرائيلية لزعزعة أمن واستقرار المنطقة، وهي إرهاب دولة ورسالة إلى المنطقة، وأن نتنياهو قد هدَّد بأنه سيُغيِّر وجه الشرق الأوسط، فهل سيُغيِّر منطقة الخليج»؟!.. نعم سؤال كبير يجب الانتباه إليه، فالعربدة الإسرائيلية والدمار لم يكن في غزة فحسب، بل في سوريا ولبنان واليمن وإيران، كما تم تهديد باكستان سابقاً، وإمكانية ضرب أي منطقة للوسطاء.. وكلها رسائل بأنه لن يكون هناك سلام ولا وقف للحرب؛ فقط ما يريده المجرم نتنياهو هو تحرير كامل الأسرى وإلقاء سلاح حماس، ولا حقوق ولا مطالبات للشعب الفلسطيني!!
وما تتمناه شعوب المنطقة بعد هذه الأحداث المشينة أن يتم تفعيل التضامن العربي الإسلامي بإجراءات عملية؛ واستخدام مكامن القوة في كل دولة؛ وتأسيس مجلس للدفاع العربي المشترك، ووضع خطة إستراتيجية للدفاع الخليجي – العربي- الإسلامي، ونعد لهذا الكيان الغاصب ما استطعنا من قوة أساساً للتعامل معه، حتى لا يتمادى في تهديده للسلم والأمن في المنطقة والعالم؛ لتحقيق دجل ونبوءات لا أصل لها بـ(إسرائيل الكبرى).. وعلى كل الدول المؤيدة لإقامة دولة فلسطينية أن توقف كافة أشكال التعامل التجاري والاقتصادي والسياسي والدعم العسكري لإسرائيل؛ الذي لولاه لما استمرت في عربدتها بالمنطقة.