مع الشروق :حين تصمت الأنظمة وتتكلم الشعوب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق :حين تصمت الأنظمة وتتكلم الشعوب, اليوم الاثنين 16 يونيو 2025 12:48 صباحاً

مع الشروق :حين تصمت الأنظمة وتتكلم الشعوب

نشر في الشروق يوم 15 - 06 - 2025

2356963
ليست القوافل جديدة على هذه الأرض الطيبة الطاهرة ، فقد عرفت تونس خطى المقاومين الذين شقوا الصحاري والوديان دفاعًا عن الأرض، ومضوا بأقدام حافية وإرادة صلبة بين الجبال ينسجون للوطن معنى لا يُشترى.
اليوم، لا تختلف الروح وإن اختلفت الوجوه، قافلة جديدة تنطلق من تونس الخضراء لا ببضاعة ولا بموكب رسمي، بل بحمولة من الحب والكرامة، تسير صوب معبر رفح، حيث يتقاطع الدم العربي مع الصمت العربي.
حين تحركت الإرادة الشعبية من عمق الشارع التونسي ، ولدت لحظة فارقة جسّدتها قافلة الصمود المشرفة التي قرر أصحابها أن لا يقفوا على هامش التاريخ. بل كتابة التاريخ بحروف صادقة حملت توقيعات شعب استقبلته شعوب أخرى بحفاوة تجسد التضامن والقرب في الموقف والكلمة،
القافلة التي انطلقت من تونس وهب إليها أشقاء سالت دماء أجدادهم مع دماء أجدادنا ، لم تكن مجرد شاحنات وسيارات وحافلات تحمل أدوية وماء ووجوها منهكة من السهر على الأخبار، بل إعلان صارخ بأن تونس، رغم كل الجراح العربية ، ما زالت قادرة على أن تقول "لا". .لا للحصار، لا للخذلان، لا للعار.
قافلة الصمود وكسر الحصار ليست الا رجع صدى لصوت طارق بن زياد من الضفة الأخرى للبحر، تهمس في الأذن الفلسطينية: لسنا بعيدين عنكم كما توهمنا وترهبنا الخرائط. رفح لم تكن يوما مجرد معبر ، إنها الشاهد الوحيد الذي لا يغمض عينيه، هي تلك الفتحة الصغيرة في جدار هذا العالم الظالم تمرّ منها الأحلام المذبوحة، وتعود منها الجثامين مكفنة بالصمت ، وتونس، بحناجر أبنائها وقلوب نسائها وطيبة عجائزها واندفاع شبابها وكهولها ، قررت أن تطرق هذا الباب المغلق، حتى وإن علمت أن ألف يد مرتجفة، وألف قرار مأجور لا يريده ان يفتح.
قافلة تونس إلى غزة ليست فعلاً انسانيا تضامنيا فقط ، هي موقف سياسي بامتياز، فحين يصمت الرسميون ويتكلم الشعب، يصبح لكل خطوة وزن التاريخ ، وحين يكتب أبناء تونس وبناتها أسماءهم وأسمائهن على لافتات وشعارات التضامن، فهم يوقعون عريضة الوفاء للعروبة التي نكص عنها أهل السلطة الذين " باعوا القضية ".
أما الزخم الإعلامي الوطني والدولي الذي رافق الحملة ، فلم يكن من باب التغطية فحسب، بل من باب الانخراط..مقالات، برامج، تغطيات مباشرة، ومنصات التواصل كلها تحوّلت إلى مرآة لوجدان جماعي، يثبت تموقع تونس في خريطة المساندة، ويذكّر بأن التضامن ليس فعلاً رمزيًا بل موقفًا يصنع الفرق.
وغزة الصامدة الأبية ، وإن لم تفتح ذراعيها بعد، فهي تعلم في يقينها أن تونس قادمة... قادمة بشعاراتها العميقة، بلهجتها التي لا تتقن التملّق، وبمواقفها التي لم تتورّط في المواقف المخزية ..قادمة بالورد والياسمين.. وغصن زيتون مرت القافلة أو لم تمرّ سيان ، فالرمزية ثبتت في زمن الهزائم والخذلان ..وشعب تونس قال كلمته.
راشد شعور

.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق