نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أردوغان واحتمالية السقوط بذات السيف, اليوم الاثنين 24 مارس 2025 03:52 مساءً
نشر بوساطة نزار الجليدي و مقيم بفرنسا في الشروق يوم 24 - 03 - 2025
في خطاب ألقاه بمناسبة عيد "النيروز" يوم الجمعة في ساحة ساراتشهانه بالعاصمة التركية إسطنبول، وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المتظاهرين المناوئين ب"السارقين ومثيري الفوضى"، مؤكدا أن تركيا لن تتسامح مع أي تهديد للنظام العام وستقف بحزم ضد أعمال التخريب والعنف في الشوارع.
الخطاب، الذي بثه التلفزيون التركي، أثار جدلاً واسعا حول تناقض مواقف أردوغان عبر السنوات،
في عام 2011 خلال الفوضى التي شهدتها بعض الدول العربية دعا أردوغان إلى احترام حقوق الإنسان وحرية التعبير، مشددا على أن استخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين أمر غير مقبول، وحث الحكومات على الاستماع لمطالب شعوبها والعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية والإصلاحات السياسية، لكن تصريحاته الأخيرة تعكس سردية متناقضة، وصفها وزير التعليم الأسبق وأحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية، حسين تشيليك، بأنها "حالة فصام"؛ وقال تشيليك في تصريحات صحفية: "حرمان الشعب من حق الاحتجاج فتح جروا لا تلتئم في ديمقراطيتنا وسيادة القانون الهشة أصلاً، اتخاذ تدابير استثنائية دون إعلان حالة الطوارئ هو في الواقع تطبيق للأحكام العرفية".
من جانبه، أعرب الرئيس التركي السابق عبد الله غل، وأحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية، عن قلقه من تصاعد التوتر بين الحكومة والمعارضة. وقال: "لا ينبغي أن تُرتكب أخطاء مماثلة بحق أكرم إمام أوغلو، الذي انتُخب رئيسا لبلدية إسطنبول بإرادة الشعب، لا ينبغي أن نفقد سيادة القانون والعدالة، وإلا ستخسر تركيا"، وأضاف غُل: "تصعيد التوتر بين الحكومة والمعارضة، واتباع سياسة تهيمن عليها لغة الصراع، لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمات الحالية".
وفي سياق متصل، وجه نائب حزب العدالة والتنمية السابق في ولاية إزمير، حسين كوجابيك، انتقادات لاذعة لأردوغان عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، متسائلًا: "رجب طيب، هل حاربنا من أجل هذا؟ هل هذا هو أصلك؟ هل جررنا أنفسنا إلى المحاكم لسنوات بسببه؟ في الواقع، لقد دبرت انقلابا ضد نفسك من حيث لا تدري".
على إثر هذه التصريحات، أُحيل كوجابيك إلى اللجنة التأديبية بالحزب مع توصية بفصله.
ما الذي تغيّر؟
يرى مراقبون للشأن التركي أن البيروقراطية التي يدير بها حزب العدالة والتنمية البلاد لم تعد مقبولة، وإلا لما خرج عشرات الآلاف من الشباب، الذين نشأوا في عهد حكم أردوغان، للتظاهر ضده، في مشهد وصفه مراقبون أتراك بالجديد من ناحية اهتمام جيل الشباب بالسياسة إلى هذا الحد الاحتجاجات لم تقتصر على إسطنبول، بل امتدت إلى إزمير وأضنه 10 مدن كبرى حيث وقعت صدامات بين المتظاهرين والشرطة مساء الجمعة.
في إسطنبول، استخدمت الشرطة الرصاص المطاطي، بينما في إزمير، ثالث أكبر مدينة في البلاد، لجأت إلى مدافع المياه لتفريق المتظاهرين، وفقًا لتقارير إعلامية محلية.
تركيا إلى أين
يرى مراقبون أن مسار أردوغان الحالي الممزوج بالعناد والتصلب، قد يُشعل فتيل تحولات جذرية في تركيا لا يمكن التنبؤ بمآلاتها بدقة. فبينما يراهن على استنزاف خصومه وكبح جماح الغضب الشعبي، قد يكون في الواقع يزرع بذور انهيار هيكلي أعمق، حيث تتحول الدولة تدريجيا إلى كيان هش يعتمد على ولاءات شخصية أكثر من تماسك مؤسسي. هذا الاضطراب، المغذى بتراجع الاقتصاد وتفكك الثقة العامة، قد يفتح الباب أمام سيناريوهات متباينة: إما انفجار اجتماعي يُسقط النظام تحت وطأة الضغوط الداخلية، أو تآكل تدريجي لسلطته يمهد لصراعات داخلية على السلطة.
في كلا الحالين، يبدو أن أردوغان، بتحديه المستمر للواقع، يقود تركيا نحو مفترق طرق تاريخي، حيث قد تُعاد صياغة هويتها السياسية بعيدا عن ظله، لكن بكلفة باهظة قد تدفعها الأجيال القادمة.
وفي كل الأحوال يكاد يكون هناك إجماع بين المراقبين أن اعتقال أكرم إمام أوغلو سيحوّله إلى بطل في نظر الشعب الذي خرج فعلا بمئات الآلاف يرفعون صوره ويهتفون باسمه ويرون فيه المُخلص لتركيا من أزماتها ومما يرونه طريقا الى الدكتاتورية تمضي فيه.
.
0 تعليق