نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حروب العقيدة تُهدد استقرار المنطقة.. صراع «الحاخامات» و«الملالي» إلى أين؟, اليوم الاثنين 16 يونيو 2025 07:14 مساءً
منذ ثورة الخميني عام 1979، اتخذ النظام الحاكم في إيران طابعًا دينيًا، تمركزت السلطة العليا في يد «المرشد الأعلى»، الذي يشغله منذ أكثر من 35 عامًا، علي خامنئي، تحديدا، منذ الرابع من يونيو 1989، بعد وفاة الخميني.
يتمتع «المرشد الأعلى»، بصلاحيات واسعة تتجاوز صلاحيات السلطات التنفيذية، والتشريعية والقضائية. هذا الشكل من الحكم، الذي يجمع بين المرجعية الدينية والقيادة السياسية، أفرز بنية مؤسسية خاصة مثل «الحرس الثوري» الذي يتبع مباشرة المرشد الأعلى.
يؤدي «الحرس الثوري» دورًا محوريًا في السياسات الأمنية والعسكرية للدولة، لكن رغم إجراء انتخابات دورية وتداول بعض المناصب عبر صناديق الاقتراع، إلا أن النظام يظل خاضعًا لسلطة مركزية دينية تُحكم قبضتها على مفاصل الدولة.
وبموجب الدستور الإيراني، فإن للمرشد الكلمة الفصل في شئون الدولة، سواء السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية، وهو من يوجه السياسات العامة ويشرف على تنفيذها، حتى في وجود مؤسسات منتخبة كالبرلمان ورئاسة الجمهورية.
ومع تصاعد التحديات الأمنية والتقنية في السنوات الأخيرة، أثيرت تساؤلات متزايدة حول قدرة هذا النموذج في الحكم على مواكبة المتغيرات الاستراتيجية، والتعامل مع أزمات الداخل والخارج بالكفاءة اللازمة، خاصة في ظل التوتر المتصاعد مع إسرائيل.
الصراع بين إيران وإسرائيل سلط الضوء على نقاط ضعف أمنية خطيرة وأعاد الجدل حول فعالية هذا النمط من الإدارة العليا للملف القومي الإيراني، حيث تتداخل المرجعية الدينية مع صنع القرار، ما يثير بين الحين والآخر نقاشًا داخليًا وخارجيًا حول طبيعة هذا النموذج.
وفي ضوء التصعيد الأخير، ظهرت تساؤلات حول كفاءة الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في التعامل مع التحديات المعقدة، لاسيما مع تفوق الخصم الإسرائيلي في استخدام الوسائل التقنية المتطورة في تنفيذ عمليات دقيقة ومنخفضة التكاليف، كما حدث في العملية الأخيرة.
ويعيد ذلك إلى الواجهة النقاش حول أهمية تحديث البنى التحتية الدفاعية والاعتماد على الكفاءة والخبرة التقنية بدلًا من الولاء السياسي وحده، لضمان استجابة أكثر فعالية في ظل بيئة أمنية متغيرة.
يشير محللون إلى أن النظام الإيراني، لم يتمكن حتى الآن من تحقيق مستويات تنموية تتناسب مع الإمكانات الطبيعية والاقتصادية التي تمتلكها البلاد، حيث تُعد إيران من بين الدول الأغنى عالميًا من حيث احتياطيات النفط والغاز، بالإضافة إلى تنوعها الجغرافي ومواردها الزراعية والمعدنية.
تجارب إقليمية مشابهة، كما في «حزب الله» اللبناني توضح ضعف مناعة هذا النموذج، بعدما تعرض لإخفاقات شاملة أضرت بالحزب نفسه ولبنان ككل، لاعتبارات عقائدية قد تعوق أحيانًا عملية التحديث المؤسسي، حتى في النظم التي تجمع بين المظاهر الديمقراطية والمرجعية الدينية.
ومع ذلك، ففي المقابل، لم تعد إسرائيل تخفي طبيعتها كدولة ذات توجه ديني قومي متشدد، بعدما تَقدَّم اليمين الديني صفوف الحكم، وأصبح شريكًا رئيسيًا، بل مُحدِّدًا، لاتجاهات الدولة وسلوكها، وأفرز التحالفات السياسية حكومة حالية تُعد من الأكثر تطرفًا في تاريخ الكيان.
حكومة بنيامين نتنياهو تضم شخصيات من تيارات صهيونية دينية تعتبر الضفة الغربية «أرضًا توراتية» غير قابلة للتقسيم، وترفض بشكل علني أي تسوية سياسية مع الفلسطينيين، وقد انعكست هذه التوجهات في سلسلة من التشريعات والمواقف المتطرفة داخل الكنيست.
وتعزز هذه السياسات الدعم الواضح لتوسيع الاستيطان، وتقويض سلطة القضاء، وفرض وقائع ميدانية تُقوّض فرص السلام، وباتت أصوات الحاخامات المتشددين ذات تأثير مباشر على السياسات الأمنية والعسكرية.
بل إن بعض القرارات الحاسمة «خاصة في القضايا الدينية والسيادية» لا تمر دون تدخل المرجعيات الدينية أو بدعم منها. وهكذا، تتقاطع «دولة الحاخامات» مع «دولة الملالي» من حيث تغلغل السلطة الدينية في مفاصل الدولة، رغم اختلاف المرجعيات والخطابات السياسية.
وفي ظل هذا المشهد، يصبح من الصعب الحديث عن نموذج ديمقراطي صافٍ أو متوازن، سواء في طهران أو تل أبيب، إذ تزداد السلطة تمركزًا في أيدي من يقدمون العقيدة على العقل، ما يُهدد استقرار المنطقة، ويفتح الباب أمام صراعات مفتوحة تتغذى على القداسة أكثر مما تُدار بالحكمة.
اقرأ أيضاً
لحظة قصف مبنى الإذاعة والتليفزيون الإيراني | فيديومدير مركز الفكر ديبلو هاوس الإيراني: إيران لن تستسلم ولا اتفاق بعد الآن
من التضليل إلى التسليح.. حدود التنسيق الخفي بين أمريكا وإسرائيل ضد إيران
0 تعليق