نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق : وجهان لعملة واحدة, اليوم الخميس 20 مارس 2025 12:50 صباحاً
نشر في الشروق يوم 19 - 03 - 2025
في عالم يدّعي السعي نحو السلام والاستقرار، يعود العدوان الصهيوني على غزة مرة أخرى، مُنهيا وقف إطلاق النار الهش بطبعه والذي كان يُفترض أن يمنح الفلسطينيين لحظة أمل في إنهاء الحرب المستمرة بوحشية التي تستهدف اقتلاعه من أرضه وتصفيته عرقيا.
هذا العدوان الوحشي ليس مجرد عودة للحرب فحسب، بل هو فصل آخر في سلسلة طويلة من الجرائم ضد الإنسانية، تُرتكب تحت غطاء المصالح الجيوسياسية للكيان الغاصب وأمريكا بعد أن أتى القصف الصهيوني بضوء أخضر حصل عليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشن هجوم جديد على الشعب الفلسطيني في غزة، مما يؤكد أن الولايات المتحدة وإسرائيل شركاء فعليون في جرائم الإبادة الجماعية التي تشهدها المنطقة.
هذا العدوان الصهيوني الهمجي كان منتظرا ممن يعرف طبيعة الكيان المحتل وسوابقه في الغدر وفي نكث العهود والتنصل من كل الالتزامات، وقد كانت مؤشراته جليّة في تهرّب نتنياهو من تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وتشديد الحصار على غزة، بدلا من مواصلة ما تم الاتفاق عليه مع حماس في مرحلته الثانية التي كانت تهدف إلى إنهاء الحرب بشكل نهائي، لكن إسرائيل، بدلاً من الالتزام، تسعى إلى إطالة أمد التهدئة دون التوصل إلى حل نهائي، بينما تُصر حماس على الانتقال إلى المرحلة التالية لضمان وقف دائم للصراع، وهو ما يكشف هشاشة الاتفاق وغياب النوايا الحقيقية لتحقيق السلام.
فالقصف الصهيوني الغاشم الذي يتم بدعم صريح من واشنطن يعتبر إجهازا ضمنيا على اتفاق وقف إطلاق النار ولا يعدّ البتة مجرد خرق بل دليل على استمرار سياسة الإبادة الجماعية مكتملة الأركان ضد الفلسطينيين، بدعم أمريكي صريح، وفي ظل سياق متكامل دعت فيه إدارة ترامب إلى السيطرة على غزة وإعادة توطين الفلسطينيين خارج القطاع بشكل دائم كواحدة من أخطر المقترحات التي طرحتها إدارة أمريكية في السنوات الأخيرة في محاولة لتشريع التطهير العرقي تحت ذريعة "الأمن" و"التنمية"، ومن جانبه، أبدى نتنياهو موافقته على المضي قدمًا في هذه الخطة، مؤكدًا أن إسرائيل ستواصل حربها حتى تحقيق "النصر"، وهو مصطلح يعني في سياقه استمرار العمليات العسكرية ضد الفلسطينيين، وهو ما يقيم الدليل على أن هذا التحالف بين ترامب ونتنياهو يُظهر أن الولايات المتحدة ليست مجرد داعم لإسرائيل، بل مشارك فعال في صياغة وتنفيذ سياسات تستهدف الوجود الفلسطيني في غزّة.
ولاشكّ أن هذه المعاناة المتكررة التي يعيشها الشعب الفلسطيني هي فصل جديد من الاحتلال والتهجير، تحوّلت معه غزّة على وجه الخصوص إلى سجن مفتوح يتعرض لحروب متكررة تنضاف إلى الظروف الكارثية التي يعيشها سكانه في ظل النقص الحاد في الغذاء والماء والدواء، ودمار شبه كامل للبنية التحتية.
فعودة الحرب الصهيونية في غزّة وانتهاك وقف إطلاق النار يكشفان زيف الادعاءات الأمريكية بالحياد، إذ أن الولايات المتحدة، بدعمها اللامحدود لإسرائيل، ليست وسيطًا بل شريكًا فيما يرتكبه الصهاينة من جرائم، فالشعب الفلسطيني يستحق العيش بكرامة في أرضه، والمجتمع الدولي مدعو اليوم للتحرّك لوقف هذا العدوان وتحقيق السلام العادل، فالعدالة هي السبيل الوحيد لإنهاء هذه المأساة المستمرة.
هاشم بوعزيز
.
0 تعليق