نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
يوسف أيوب يكتب: الخطة المصرية تتصدى لسيناريوهات «اليوم التالي» الكارثية في غزة, اليوم السبت 22 مارس 2025 03:29 مساءً
القاهرة أحبطت مخطط التهجير وتصفية القضية بخطة متكاملة وشاملة لإعمار القطاع في وجود سكانه
مساندة عربية إسلامية أوربية للخطة.. وبدء التجهيز لتنظيم مؤتمر دولي لإعادة الإعمار بالتنسيق مع الأمم المتحدة والبنك الدولي نهاية أبريل
منذ بدء الحرب الإسرائيلية الهمجية ضد الفلسطينيين في قطع غزة، في السابع من أكتوبر 2023، كان السؤال الذى يتردد حينها هو شكل اليوم التالى في القطاع، ووضعت سيناريوهات عدة أغلبها معتمد على سيناريو اسرائيلى مدعوم امريكياً باخلاء القطاع بالكامل من سكانه تحت أوصاف متعددة وصلت اقصاها إلى التهجير سواء كان طوعيا او قسريا.
وسط هذه السيناريوهات التي تم الترويج لها حينها إعلامياً عبر الإعلام الغربى، خرجت القاهرة لتنبه الجميع، من خطورة مستقبل الحرب على غزة، وأن هذه الحرب غرضها الاساسى يتخطى فكرة إعادة المحتجزين من غزة او حتى تلقين الفصائل والمقاومة درسا، وانما الهدف هو تصفية القضية الفلسطينية، والقضاء تماما على حلم الدولتين من خلال تحويل القطاع إلى منطقة غير مأهولة سكانيا وجعل الحياة به شديدة الصعوبة.
ومع هذه التحذيرات كانت القاهرة أول من حث الجميع للبحث عن صيغ مقبولة لليوم التالى فى غزة، ومع استمرار آلة الحرب نشطت القاهرة مع الفلسطينيين والأشقاء العرب والشركاء الغربيين فى البحث عن سيناريوهات معقولة ومقبولة لليوم التالى فى القطاع، سواء فيما يتعلق بشكل الادارة او الامن، واستمعت القاهرة لافكار واراء متعددة وتدخلت للتوفيق بين هذه الاراء، فتوصلت إلى اتفاق فلسطينى على لجنة إسناد مجتمعى، تطورت لاحقا وسريعا إلى لجنة مستقلة لإدارة القطاع، ثم انتجت هذه اللقاء والتحركات المصرية فى نهاية المطاف الخطة الكاملة والمتكاملة لإعادة إعمار غزة، التي أصبحت اليوم خطة عربية إسلامية، بعد اعتمادها من قمة القاهرة العربية الطارئة في 4 مارس، ثم اجتماع وزراء خارجية الدول الإسلامية، فقد حددت الخطة، مراحل ثلاثة لرفع وإزالة الركام من القطاع، ثم البدء في عملية الأعمار، وفق خطة زمنية تستمر حتى 2030، وبتكلفة مالية محددة، مع وضع إجابات واضحة حول العديد من الأسئلة الجوهرية، المرتبطة بإدارة القطاع والمسئولية الأمنية به، فقد حددت لجنة تكنوقراط مقترحة لإدارة غزة، مع التأكيد على أن الأمن مسؤولية السلطة الفلسطينية، واللجنة الخاصة بإدارة قطاع غزة تتكون من 15 شخصاً من الشخصيات الفلسطينية من سكان القطاع من التكنوقراط ممن لا علاقة لهم بأي من الفصائل الفلسطينية، وهذه اللجنة ستتولى إدارة القطاع لفترة زمنية محددة، وبالتزامن يتم نشر السلطة الفلسطينية لتتولى مهام الإدارة والحكم.
فيما يتعلق بقضية الأمن، حددت الخطة المصرية، عناصرها بشكل واضح، فهناك عناصر شرطة فلسطينية موجودة داخل قطاع غزة وتتبع السلطة الفلسطينية وتتقاضى رواتبها من السلطة، وتتحدث الخطة عن إعادة تدريب هذه القوات الموجودة بالفعل في غزة لتتولى قضية الأمن والاستقرار وإنفاذ القانون. وخلال الفترة الماضية، تلقت القاهرة بالفعل مجموعة من الأسماء التي تقوم حالياً بمراجعتها أمنياً ليتم البدء في تدريبها وهم مجندون جدد، ليتم نشرهم داخل القطاع لملء الفراغ الأمني.
وتقوم الخطة على الارتباط الموضوعي بين الضفة الغربية والقطاع، باعتبار أنهما الإقليم المستقبلي للدولة الفلسطينية المستقبلية.
كما تشمل اعتزام القاهرة تنظيم مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة بالتنسيق مع الأمم المتحدة والبنك الدولي، في نهاية أبريل المقبل.
شمولية الخطة المصرية، هو ما جعلها مقبولة عربياً أولاً ثم إسلامية، وغربيا، حتى ان الإدارة الأمريكية، بدأت تتجاوب معها ومع تفاصيلها، ومن نتاجها التطور الإيجابى الحادث اليوم في الموقف الأمريكي، وأخرها تصريحات الرئيس دونالد ترمب بأنه لا حاجة لطرد سكان القطاع من أراضيهم، وهو تطور شديد الأهمية، يمكن اعتباره أنه تجاوب أمريكى مع الخطة المصرية، التي لم تضع ثغرة والا أغلقتها بتصور كامل وشامل.
والأسبوع الماضى، نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تقريراً مهما عن الخطة المصرية العربية، ووصفتها بالخيار العملى والعقلانى الوحيد المطروح الأن على الطاولة، وقالت إن الخطة المصرية للتعافي المبكر وإعادة إعمار وتنمية قطاع غزة، المدعومة عربيا وإسلاميا وأوروبيا؛ تقدم نقطة انطلاق مفيدة للمحادثات حول مستقبل غزة وخارطة طريق واضحة لإعادة الإعمار، وتحدد تكلفة مالية وتستحق الدراسة الجادة من الولايات المتحدة وإسرائيل، ونصحت الصحيفة، الإدارة الأمريكية بالتعامل بجدية مع الخطة العربية لغزة باعتبارها الخيار "العملي والعقلاني الوحيد" القابل للتطبيق على الأرضن لاسيما بعد أن لقيت الخطة العربية دعما إسلاميا وأوروبيا يهيئ كل السبل لإنجاح تنفيذها.
وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن الدول العربية، إلى جانب معظم دول العالم، أدانت اقتراح ترامب للسيطرة على غزة، وتهجير أكثر من مليوني فلسطيني بشكل دائم وتحويل القطاع المدمّر بفعل الحرب إلى "ريفييرا فاخرة" على البحر الأبيض المتوسط، وقالت إن هذه المقترحات التي تثير الدهشة، وضعت العبء على قادة العرب والفلسطينيين لتقديم رؤية بديلة ليوم ما بعد الحرب في غزة، وقد قاموا بذلك، بعدما وافق القادة العرب في قمة القاهرة، على خطة واقعية قدمها الرئيس عبد الفتاح السيسي لإعادة بناء غزة على مدى عدة سنوات، والتي ستترك الفلسطينيين في وطنهم، بينما يسهم المجتمع الدولي ودول المنطقة ذات القدرة في تمويل إعادة البناء، موضحة أنه سرعان ما دعمت كل من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا، بالإضافة إلى الصين و57 دولة إسلامية ممثلة في منظمة التعاون الإسلامي، الخطة العربية.
وتشمل الخطة العربية لغزة جهودًا لإعادة البناء على ثلاث مراحل، ففي المرحلة الأولى، التي من المتوقع أن تستمر ستة أشهر، سيركز العمل على إزالة الركام والذخائر غير المتفجرة، وبناء 200 ألف منزل مؤقت لأكثر من مليون شخص، وإصلاح حوالي 60 ألف مبنى يمكن ترميمه، ومن المُقدر أن تكلف هذه المرحلة 3 مليارات دولار، وخلال المرحلة الثانية، التي قد تستمر حتى ثلاث سنوات، سيتم بناء حوالي 400 ألف منزل دائم، واستعادة خدمات المياه والكهرباء والاتصالات، وإعادة بناء ميناء غزة ومطارها الدولي الذي كان مغلقًا لفترة طويلة، والتقدير المالي لهذه المرحلة هو 20 مليار دولار.
أما المرحلة الثالثة، التي ستكلف 30 مليار دولار على مدار عامين ونصف العام، فستشهد اكتمال بناء المنازل لجميع السكان، وإنشاء منطقة صناعية وموانئ تجارية جديدة. وإجمالي تكلفة المراحل الثلاث هو 53 مليار دولار.
وتدعو الخطة كذلك إلى إنشاء صندوق لإدارة الاستثمارات، فضلاً عن توفير قوة لحفظ السلام من الأمم المتحدة، كما وعدت مصر والأردن بتدريب الشرطة الفلسطينية التي ستُحافظ على النظام خلال عملية إعادة البناء.
أذن نحن اليوم امام خطة كاملة، ومكتملة العناصر والتفاصيل، وموقف دولى بدأ يتعاطى معها إيجابياً، ولعل ما نشرته الصحيفة الامريكية، يأتي في سياق تحرك إيجابى لبناء رأي عام داخلي وخارجي بأن العرب جاهزون بخطة تعارض الرأي الأمريكي الداعي لتهجير الفلسطينيين من غزة بحجة إعمارها، وأن هذه خطوة في الاتجاه الصحيح وفرصة يجب البناء عليها لاستمرار الرفض للتهجير وقبول الخطة المصرية المدعوة عربيا ودوليا، أخذا في الأعتبار أن "واشنطن بوست"، تعد إحدى المنصات الإعلامية الأقرب إلى دوائر صنع القرار الأمريكي، ولا يمكن لها أن تتبنى هذا الطرح دون أن يكون هناك إدراك حقيقي داخل مؤسسات الإدارة الأمريكية بأهمية المبادرة العربية التي قادتها مصر، وضرورة التعامل معها بجدية، كما أن الإعلام الأمريكي له دور مؤثر في الداخل الأمريكي، والعديد من الأمريكيين يعتمدون عليه لفهم الأوضاع الداخلية والخارجية، وبالتالي فإن الخطة المصرية العربية بشأن غزة أصبحت الآن أمام الشعب الأمريكي بتفاصيلها.
والسؤال الأن، هل ستتواصل الردود الإيجابية وتتحول إلى واقع على الأرض؟.. هذا السؤال مهم، والاجابة عليه مرتبطة بنتائج التحركات العربية خاصة المصرية الأردنية مع واشنطن، التي عليها أن تنظر بإنصاف لمصالح طرفي الصراع، وتسعى لحلحلته بما يحقق النفع للفلسطينيين والإسرائيليين، على حد سواء، وان تدرك أن النظرة الأحادية أفقدت دول المنطقة والمجتمع الدولي الثقة في الرؤية الأمريكية، لذلك فإن ترامب، الذى يريد إعادة تقديم نفسه كرجل سلام، عليه ان يعى بحقيقة الفرصة التاريخية السانحة أمامه اليوم، والتى تقتضي صدق الرؤية للأطراف الدولية الفاعلة للجلوس على مائدة المفاوضات وحل تلك الإشكالية من جذورها، وهو ما سيسهم في حلحلة تلك النزاعات وإحلال السلام، لكي يعيش الفلسطينيون والإسرائيليون، جنبًا إلى جنب، بعيدًا عن الصراع الدموي المستمر، وفق حل الدولتين.
0 تعليق