رصدت دراسة أعدها المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، عدد من الدلالات الاستراتيجية لانعقاد القمة الحادية عشرة لأكبر تجمع اقتصادي للدول النامية الإسلامية، بالقاهرة ومن أبرزها:
تبرز دور مصر في العالم الإسلامي ومكانتها الإقليمية
على الرغم من أن انعقاد القمة في مصر يأتي في ظل رئاستها الدورية للمجموعة للمرة الثانية -حيث تولت الإدارة في عام 2001- إلا أن هناك رمزية لانعقاد القمة في القاهرة، تكمن في أن مصر لديها ثقل اقتصادي وسياسي كبير بين الدول الإسلامية، كما أن أهداف القمة تتماشى مع أولويات الدولة المصرية بتقديم نموذج للتعاون الإقليمي الفعال اقتصاديًا وسياسيًا، وذلك عبر الدفع بعجلة التنمية في المنطقة لتحقيق نمو اقتصادي مستدام من خلال تعزيز الأطر القائمة بالفعل في مجالات كالتجارة والزراعة والصناعة والسياحة والاستثمار والصحة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وكذلك سياسيًا من خلال إبراز الدور المصري في التعاطي مع كافة القضايا الإقليمية والدولية المختلفة، وتسليط الضوء على المجهودات التي بُذلت في هذا الصدد، وتوحيد المواقف السياسية تجاه القضايا الدولية.
وأشارت الدراسة إلى أن مصر كانت حريصة منذ بداية تأسيس المجموعة على دورها الفعال فيها، وعلى دعمها وتشجيعها للتعاون ما بين الدول الأعضاء إيمانًا منها بقوة العمل المشترك وتأثيره على التنمية الاجتماعية والاقتصادية من خلال تطبيق مبادئ السلام وتحسين أوضاع الدول الاقتصادية وزيادة المشاركة التجارية وتحسين مستويات معيشة الشعوب. كما تأتي القمة في إطار الدور المصري المتواصل في استضافت عدة فعاليات لدعم التعاون وتبادل الخبرات في القطاعات الاقتصادية المختلفة، وأهمها قطاع الأسمدة والطاقة والبنية التحتية الى جانب تبادل السلع والخدمات.
التحديات السياسة الإقليمية المشتركة
بالنظر إلى جدول الأعمال المرتقب للقمة، فقد تمت الإشارة إلى وجود جلسات متعلقة بالقضايا الإقليمية الراهنة والمشتعلة، أبرزها القضية الفلسطينية ومسار الحرب في قطاع غزة، وأيضًا الوضع في لبنان، فضلًا عن المستقبل غير الواضح للدولة السورية وتداعياته الداخلية والإقليمية. ولذلك تأتي هذه المحاور لتعيد تأكيد وتسليط الضوء على دور المنظمة في مواجهة الأزمات الإقليمية من منظور شامل، مع التركيز على تعزيز التنمية وإعادة الإعمار كخطوة لإعادة الاستقرار، ما يعكس دلالة محورية لهذه القمة في أن تكون المجموعة ذات رؤية استراتيجية كصوت إسلامي قوي يسعى لتحقيق التوازن في النظام الدولي ودعم قضايا المنطقة.
التعاون المستقبلي بين الدول الأعضاء
تؤكد قمة مجموعة الدول الثماني النامية على توافق الدول الأعضاء حول أهمية تعزيز الجهود المشتركة لتحقيق التنمية الشاملة ومكافحة الفقر، مع التركيز على استشراف فرص جديدة تسهم في تحقيق تحول مستدام في الأداء الاقتصادي. يمثل هذا التوجه مؤشرًا واضحًا على مستقبل التعاون بين الدول الأعضاء، الذي يمتد ليشمل مشروعات استثمارية مشتركة في قطاعات استراتيجية واعدة، مثل: الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والاقتصاد الرقمي، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، والصناعات التحويلية. إضافة إلى ذلك، يحظى قطاع الطاقة الجديدة والمتجددة، خاصة الهيدروجين الأخضر، بأولوية قصوى في خطط التعاون المستقبلية. وتفتح هذه المجالات آفاقًا للتنمية المستدامة وتعزز فرص تبادل الخبرات والموارد بين الدول الأعضاء، ما يجعل المنظمة منصة مثالية لدفع العلاقات الثنائية نحو مشروعات إنتاجية ملموسة تعود بالفائدة على شعوبها وتؤسس لمستقبل اقتصادي أكثر استقرارًا وتكاملًا.
قوة مؤثرة
تمتلك المجموعة مقومات استثنائية تؤهلها لتصبح قوة مؤثرة في النظام العالمي إذا تم استثمار قدراتها بشكل فعال، بما يشمل ثرواتها الطبيعية الهائلة من النفط والغاز (إيران ونيجيريا) والموارد الزراعية (بنجلاديش وإندونيسيا)، إلى جانب قاعدة بشرية تتجاوز مليار نسمة، ما يوفر سوقًا واسعة وفرصًا للنمو الاقتصادي. وتبرز دول مثل ماليزيا وتركيا بصناعاتها المتقدمة وتكنولوجياتها التي يمكن استغلالها لتعزيز التعاون البيني.
وتمثل القمة الحادية عشرة، المزمع عقدها بالقاهرة فرصة لتعزيز هذا التعاون من خلال تقليل الاعتماد على الأسواق العالمية الكبرى، وتطوير اقتصادات محلية قائمة على التجارة البينية ونقل التكنولوجيا وتسريع الابتكار. كما تتيح القمة فرصة لصياغة موقف سياسي موحد تجاه القضايا الدولية، بما يعزز نفوذ المجموعة في المنتديات الكبرى مثل الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية، ويكرس مكانتها كقوة مؤثرة في النظام الدولي.
0 تعليق