استضاف مركز عبد الله بن ماجد فى سفارة سلطنة عمان بالقاهرة احتفالية بمناسبة اليوم العالمى للغة العربية، بحضور الدكتور نظير عيَّاد، مفتى الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم، والدكتور عمرو موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، والدكتور عبد الحميد مرعى، رئيس مجمع اللغة العربية. وقد شهدت الاحتفالية حضور العديد من الشخصيات الثقافية والدبلوماسية، حيث تم التأكيد على أهمية الحفاظ على اللغة العربية باعتبارها جزءًا أساسيًّا من الهُويَّة الثقافية والدينية للعالم العربي.
فى بداية الاحتفال، رحَّب السفير عبد الله بن ناصر الرحبى، سفير سلطنة عمان فى القاهرة، بالمفتى وبالحضور، مشيدًا بِدَور اللغة العربية فى ربط الشعوب العربية بحضارتها ودينها. كما أشار إلى أن اللغة العربية، التى تمثل هوية مشتركة للأمة العربية، تعتبر وسيلة للحفاظ على الموروث الثقافى والتاريخى للأمة.
ثم ألقى الدكتور نظير عياد، مفتى الجمهورية، كلمة أكد خلالها على أهمية اللغة العربية فى فهم الدين، مشيرًا إلى أن اللغة العربية ليست مجرد وسيلة للتواصل فحسب، بل هى أداة لفهم القرآن الكريم ومقاصده. وقال :"إن الله سبحانه وتعالى اختار اللغة العربية ليتنزل بها القرآن الكريم، وهذه حقيقة لا يمكن لأحد أن يغيرها.
فاللغة العربية هى أداة لفهم وتفسير القرآن الكريم، ولا يمكن لأى شخص أن يفهم الإسلام بشكل كامل دون أن يتقن اللغة العربية. من هنا، فإن تعلم اللغة العربية ليس فقط ضرورة دينية، بل هو شرف لا يدانيه شرف".
وأضاف : "فهم القرآن الكريم ومعرفة مضامينه والوقوف على أسراره، من أهم مقاصد تعلم اللغة العربية. إنها ليست فقط وسيلة لفهم النصوص الدينية، بل هى أيضًا أداة لحسن العبادة ولعرض الدين بشكل صحيح. اللغة العربية كانت ولا تزال هى التى استعان بها العلماء لفهم ما يشار إليه فى القرآن والسنة".
وتابع: "وفى وقتنا الحالى، تتزايد الأصوات التى تنادى بطمس اللغة العربية والقضاء عليها، وهو أمر يتطلب منا التصدى له بكل قوة. أن العناية باللغة العربية هى عناية بالحضارة الإسلامية نفسها. فهذه اللغة تشجع على الحضارة والتمدن، وهى وسيلة لفهم الدين والحفاظ على الهوية الثقافية".
وأردف : "فى الوقت الذى نجد فيه تحولًا عالميًّا كبيرًا فى النظرة إلى اللغة العربية، إذ تُعتبر لغة فكر مرنة ومتجددة بما يواكب العصر، نلاحظ أن اللغة العربية تعانى من جناية أهلها عليها، والتشبع بغيرها من اللغات، وهو ما يجعل من الضرورى أن نواصل العناية بها وحمايتها من التهميش".
وأشار إلى أن اللغة العربية كانت ولا تزال هى اللغة التى استعان بها العلماء فى فهم القرآن وتفسيره، لافتًا النظر إلى أن العلماء الأوائل كان لهم دَور عظيم فى الحفاظ على اللغة العربية ورفع مكانتها فى العالم الإسلامي. وأوضح أن الدين الإسلامى قد انتشر فى مختلف أنحاء العالم بفضل اللغة العربية، وأن هذه اللغة لا تقتصر على المسلمين فقط، بل هى لغة ثقافية وعلمية لكل من يهتم بالعلوم والفنون.
كما أضاف : "اللغة العربية ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هى جزء من هويتنا وحضارتنا. فخلال التاريخ، كانت اللغة العربية هى أداة الفهم والانتقال للمعرفة فى جميع المجالات، من العلوم والفلسفة إلى الفنون والأدب".
وفى إطار التأكيد على دَور القرآن الكريم فى الحفاظ على اللغة العربية، قال المفتي: "إن القرآن الكريم كان له دور كبير فى الحفاظ على اللغة العربية، فقد ساعد فى تعزيز مكانة اللغة عبر العصور. فلم يكن القرآن مجرد نص دينى فقط، بل كان مرجعية لغوية أساسية حافظت على اللغة العربية من الاندثار، وساهمت فى إبرازها فى مختلف مجالات الفكر والعلم، مما جعلها أداة قوية للتواصل فى جميع الأزمنة".
من جانبه، أكد الدكتور عمرو موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، أهميةَ الحفاظ على اللغة العربية فى مواجهة اللغات الأخرى التى تحاول أن تحل محلها فى مجالات الإعلام والتعليم. وقال: "إن اللغة العربية هى جزء أساسى من هويتنا، وهى الرابط القوى بيننا وبين ديننا وثقافتنا. من الضرورى أن نواصل العمل على إحياء اللغة وتعزيز حضورها فى جميع المجالات." وأضاف أن الدول التى تحترم لغتها، مثل فرنسا، تفرض استخدامها فى كافة المجالات مما يعكس التزامها العميق بهويتها الثقافية.
وفى مداخلة له، تحدث الدكتور عبد الحميد مرعى، رئيس مجمع اللغة العربية، عن إنجازات المجمع فى الحفاظ على اللغة العربية وتطويرها. وأشار إلى أن المجمع أصدر معجمًا شاملًا للغة العربية يضم المعارف الإسلامية والعلوم التى تم تعريبها على مر العصور.
وأضاف أن المجمع قام بمراجعة العديد من المصطلحات العلمية وتحديثها لتواكب التطورات الحديثة، مؤكدًا على ضرورة إحياء اللغة العربية فى جميع المجالات، بما فى ذلك الوثائق والمحافل الرسمية والإعلانات والمكاتبات.
0 تعليق