شهد المجلس الأعلى للثقافة، الخميس، مؤتمر التمكين الثقافي لذوي الاحتياجات الخاصة لفرع ثقافة القاهرة، تحت عنوان "التدخل المبكر مع ذوي الإعاقة.. تحديات وفرص"، برعاية د.أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، ونظمته الهيئة العامة لقصور الثقافة، بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، وعقد برئاسة الدكتور أحمد زيدان أستاذ التربية الخاصة بكلية التربية جامعة السويس.
المؤتمر نظمته هيئة قصور الثقافة، من خلال فرع ثقافة القاهرة، التابع لإقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد الثقافي، برئاسة لاميس الشرنوبي، بالتعاون مع الإدارة العامة للتمكين الثقافي، التابعة للإدارة المركزية للشئون الثقافية، برئاسة الشاعر د. مسعود شومان.
استهلت الفعاليات بافتتاح معارض نتاج ورش لذوي الهمم بمشاركة مدرسة الأمل للصم بنات بحلوان، وقصر ثقافة المطرية وعين حلوان، بجانب معرض كتب إصدارات الهيئة.
وبدأ المؤتمر بالسلام الجمهوري، وقدمه د. وليد نادي مدير إدارة برامج الصم وذوى الإعاقة الذهنية بالإدارة العامة للتمكين الثقافي بالهيئة.
وفي كلمتها أشارت د. ابتهال العسلي، مدير عام فرع ثقافة القاهرة، إلى الأمل وأهميته في حياتنا، موضحة أنه القيمة الكبرى التي تعطينا القدرة على مواجهة صعوبات الحياة، ولعل النموذج الأمثل لذلك هو الدكتور طه حسين الذي كانت لديه القدرة على الإضافة للآخرين بأفكاره المدهشة والدافعة إلى النور والمعرفة، وقالت: كان ولا يزال هذا الشعاع الذي نستمد منه وجودنا المعرفي والإنساني من خلال خبرته الملهمة، واختتمت كلمتها بالتأكيد على أهمية الاهتمام بأبنائنا من ذوي الهمم وتنمية وتطوير قدراتهم من أجل إشراكهم في المجتمع في شتى المجالات وذلك بالتعاون مع الجهات المختلفة في الدولة.
وتحدثت د. هبه كمال مدير عام الإدارة العامة للتمكين الثقافي بالهيئة، عن نشأة الإدارة على يد الراحل محمد زغلول وذلك في عام 2009 واعتمادها في الجهاز المركزي للتنظيم عام 2012 وكان الهدف الأساسي من الإدارة هو الاهتمام بكل القضايا الخاصة بأبنائنا من ذوي الاحتياجات الخاصة، ومن أبرز أهدافها إقامة مؤتمر التمكين الثقافي بكل فرع من فرع الثقافة يتناول الموضوعات من خلال رؤيته والمشكلات التي تقابله.
وأشادت بعنوان المؤتمر ومناقشته التدخل المبكر مع ذوي الإعاقة، قائلة" إنه من المهم جدا متابعة أبنائنا وملاحظة أي تغيرات تطرأ عليهم، وفي حالة وجود أي قصور أو إعاقة يجب التعامل معها بالطريقة الصحيحة من خلال التأهيل والتدريب من أجل استثمار الطاقات
ورحب د. أحمد زيدان رئيس المؤتمر، بالحضور في هذا الصرح العلمي، وبوجود نخبة من الخبراء والباحثين وصناع القرار لمناقشه أحد اهم القضايا في مجال التربية الخاصة وهو التدخل مبكر لذوي الإعاقة تحديات وفرص، مؤكدا أن هذا الحفل العلمي الذي تقيمه وزارة الثقافة دليل على اهتمام الدولة بأبنائنا من ذوي القدرات الخاصة.
وأكد أن مصر رائدة في العالم العربي في رعايتهم وذلك منذ الخمسينات، وهذا يدل على أن حضارة الإنسان المصري رائدة في أعماق التاريخ منذ القدم، واختتم حديثه مؤكدا أن ذوي الاحتياجات الخاصة لهم الحقوق والرعاية في شتى جميع التخصصات والوزارات، وعلى أهمية دمجهم فى المجتمع وإشراكهم فى عملية التنمية حتى يكونوا فاعلين في المجتمع.
أعقب ذلك تكريم عدد من الشخصيات متحدى الإعاقة وهم د. رضا فضل فنان تشكيلي، د. جامعى من ذوى الإعاقة يرسم بفمه وقدميه، مريم وجيه بطلة رياضية وفنانة تشكيلية وأول طالبة من أصحاب متلازمة داون تدرس بأكاديمية الفنون، باتريك عادل عازف موسيقى من ذوى اضطراب التوحد، هادى جلال فنان كفيف وبطل فرقة "إحنا واحد المسرحية" لذوى الاحتياجات الخاصة، بجانب تكريم رئيس المؤتمر، والباحثين المشاركين فى المؤتمر، تخلل الجلسة فقرات عزف للطفل المعجزة باترك عادل .
وأقيمت الجلسة البحثية الأولى وأدارها د.أحمد مصطفى شلبي استشارى الصحة النفسية، وتضمنت مناقشة ثلاثة أبحاث.
جاء البحث الأول بعنوان "التدخل المبكر وأسر الأطفال ذوى الإعاقة الذهنية" ناقشت به د.داليا الشيخ - دكتوراه فى دراسات الإعلام وثقافة الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة جامعة عين شمس، دور التدخل المبكر وأهميته فى تقديم خدمات طبية وتأهيلية ونفسية للأطفال ذوي الإعاقة الذهنية لضمان نموهم واندماجهم في المجتمع بمشاركة الأسرة والمؤسسات المعنية، وأوضحت أنه تشير الدراسات إلى أهمية البرامج الوالدية التي تُشرك الأسرة في تنمية مهارات الطفل، مع ضرورة مواجهة التحديات النفسية والاجتماعية التي تواجه الأسر، مثل الضغوط ورفض الإعاقة.
كما تناولت أهمية توفير دعم شامل للأسر من خلال برامج معرفية، وجدانية، وسلوكية لتحسين جودة الحياة وتطوير مهاراتهم في التعامل مع أطفالهم، بالإضافة إلى دور الإعلام في التوعية والتثقيف لدعم أسر الأطفال المعاقين.
وجاء البحث الثاني بعنوان "التدخل المبكر من خلال برنامج "بورتاج" أشارت هدى الإنشاصي - أخصائي نفسي إكلينيكي وخبير بوزارة التربية والتعليم، أن برنامج بورتاج يستهدف فئات متعددة بدءا من الأطفال من الولادة وحتى سن التاسعة، ويشمل أيضا أسر الأطفال والعاملين في مؤسسات وجمعيات المعوقين. ويهدف إلى تقديم المساعدة في مجال التدخل المبكر لتطوير قدرات الأطفال وتنمية مهاراتهم في مختلف الجوانب بصورة متكاملة.
أما البحث الثالث بعنوان "التدخل المبكر مع ذوي الاحتياجات الخاصة.. رؤية مستقبلية" فقدمته د. أسماء إسماعيل أحمد مدرس بقسم العلوم التربوية كلية التربية للطفولة المبكرة جامعة القاهرة، وأشارت أن تعتبر الطفولة المبكرة فترة حاسمة يمكن خلالها الحد من آثار الإعاقة عبر برامج تربوية وعلاجية متخصصة، يرتكز التدخل على الشراكة الفعالة بين الأسرة والمتخصصين، حيث تلعب الأسرة دورا رئيسا في دعم الطفل، بينما يشرف فريق متنوع من الأخصائيين على تصميم وتنفيذ البرامج المناسبة. تتضمن استراتيجيات التدخل المبكر تدريب الطفل على مهارات حياتية متنوعة مع التركيز على تعزيز استقلاليته.
وشهدت الجلسة البحثية الثانية التى أدارها رئيس المؤتمر، بحثين، جاء الأول بعنوان "التدخل المبكر من خلال العلاج بالفن مع اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه" للباحثة حسناء رمضان - ماجستير الصحة النفسية كلية التربية جامعة طنطا، وتناولت دور التدخل المبكر باستخدام العلاج بالفن التشكيلي في خفض أعراض اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) لدى الأطفال.
ويبرز البحث أهمية مرحلة الطفولة كفترة أساسية للنمو، وتأثير ADHD السلبي على التركيز والسلوك الاجتماعي والأكاديمي للأطفال. ويوضح العلاج بالفن كطريقة غير لفظية للتعبير عن المشاعر وتعزيز مهارات التركيز والتواصل الاجتماعي، مما يجعله مناسبًا كبرنامج تدخل مبكر. يهدف البحث إلى تصميم وقياس فعالية برنامج علاجي بالفن لتقليل أعراض ADHD وتعزيز القدرات المعرفية والحركية والاجتماعية للأطفال. كما يسلط الضوء على دور الأسرة في دعم الأطفال لتحقيق نتائج مستدامة، مما يسهم في تحسين جودة حياتهم.
وفى البحث الثاني بعنوان "التدخل المبكر مع الأطفال ذوي الاعاقة في المجال الرياضي" للباحث د. محمد فتحى سليمان استشارى التربية الرياضية المعدلة، نائب رئيس جهاز ذوى القدرات الخاصة بالنادي الأهلي
أشار إلى أن التدخل المبكر أحد أبرز المجالات في التربية الخاصة، حيث يهدف إلى تطوير قدرات الأطفال ذوي الإعاقة، خصوصًا في السنوات الثلاث الأولى من حياتهم. وأن التربية الرياضية المعدلة ترتكز على تمارين وأنشطة خاصة لتطوير القدرات البدنية والحركية والمعرفية للأطفال ذوي الإعاقة الذهنية، مع مراعاة نقاط قوتهم واحتياجاتهم.
وأضاف أن برنامج المهارات الحركية الأساسية يتضمن تحسين التوازن، التوافق، والقوة البدنية من خلال أنشطة بسيطة وتدريجية. تواجه هذه الفئة مشكلات حركية وعقلية ونفسية، مثل ضعف اللياقة، التأخر في النمو المعرفي، وضعف الانتباه، لحل هذه التحديات، يعتمد على تبسيط المهارات، استخدام الوسائل المرئية، والتشجيع المستمر. مؤكدا أن التدخل المبكر في تعزيز الاستقلالية، تطوير المهارات الحياتية، ودمج الأفراد ذوي القدرات الخاصة في المجتمع بفعالية.
توصيات المؤتمر
واختتمت الفعاليات بإعلان توصيات المؤتمر وهي:
1- تحديث برامج التدخل المبكر لتواكب المعايير العالمية، مع التركيز على إشراك الأسرة في جميع مراحل البرنامج لضمان تحقيق نتائج فعّالة.
2- التأكيد على أهمية وجود فرق عمل متكاملة تضم معلمين، أخصائيين نفسيين، أطباء، ومعالجين وظيفيين ونطق لضمان تقديم خدمات شاملة للأطفال.
3- إعداد برامج تدريبية مكثفة لتوعية الأسر والمجتمع بدور التدخل المبكر وأهميته في تحسين حياة الأطفال ذوي الإعاقة.
4- توفير برامج دعم نفسي وجلسات استشارية فردية وجماعية لأولياء الأمور لمساعدتهم على مواجهة التحديات.
5- تطوير واعتماد نماذج تقييم موحدة لقياس كفاءة برامج التدخل المبكر وضمان الجودة والموضوعية.
6- تقديم ورش عمل وبرامج تدريبية دورية للمعلمين والأخصائيين حول أحدث أساليب التدخل المبكر وبناء شراكة فعّالة بين الأسرة والمؤسسات.
7- توفير بيئة داعمة وآمنة للأطفال تعزز شعورهم بالراحة والثقة وتساعد على تنمية مهاراتهم الحياتية والحركية والاجتماعية.
8- تعزيز التنسيق بين الوزارات والمؤسسات الحكومية، وبناء شراكات مع القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني لضمان تكامل الخدمات.
9- دمج الأنشطة الفنية والرياضية المصممة وفق احتياجات الطفل وخصائص نموه كجزء أساسي من برامج التدخل المبكر.
10- تنفيذ دراسات ميدانية دورية لقياس فعالية برامج التدخل المبكر، وتحديد العوامل التي تسهم في نجاحها، ودعم الابتكار في تقديم هذه الخدمات.
0 تعليق