شهدت أسواق الغاز الأوروبية ارتفاعًا ملحوظًا في أول أيام تداولات عام 2025، وذلك في ظل تزايد القلق من شتاء قارس مع نقص إمدادات الغاز الروسية. 

أول أيام تداول الغاز عالميا في عام 2025 

فقد ارتفعت أسعار الغاز للأشهر القادمة بنسبة 4.3%، حيث سجلت 51 يورو للميجاواط ساعة، وهو أعلى مستوى لها منذ أكتوبر 2023، بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط.

السوق الأوروبية في وضع غير مستقر 

يأتي هذا الارتفاع في الأسعار في وقت حساس، حيث توقفت شحنات الغاز الروسي عبر أوكرانيا مع بداية العام الجديد، بعد انتهاء اتفاقية عبور الغاز بين البلدين المتحاربين، وهو ما يترك السوق الأوروبية في وضع غير مستقر، في ظل غياب البدائل الفورية للإمدادات الروسية.

من ناحية أخرى، يترقب التجار عن كثب التطورات في هذا الشأن، خاصة ما يتعلق بتأثير فقدان تدفقات الغاز الروسية على المخزونات الأوروبية، وفي الوقت الذي تشهد فيه المخزونات تراجعًا سريعًا، وهو ما يزيد من المخاوف من تأثر استقرار السوق في حال استمر الوضع على ما هو عليه. ويضاف إلى ذلك أن التوقعات تشير إلى أن درجات الحرارة في العديد من الدول الأوروبية ستنخفض إلى ما دون الصفر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في الطلب على الغاز للتدفئة.

تواجه الأسواق صعوبة في إعادة ملء المخزونات لمرحلة الشتاء المقبل 

ورغم هذه التحديات، من المتوقع أن تتمكن أوروبا من تأمين احتياجاتها من الغاز خلال الشتاء الحالي، بفضل المخزونات الموجودة والتوريدات من مصادر أخرى، ومع ذلك، قد تواجه الأسواق صعوبة في إعادة ملء المخزونات لمرحلة الشتاء المقبل، خاصة مع ارتفاع أسعار الغاز لفصل الصيف المقبل، التي فاقت أسعار الغاز الشتوي.

كما أن روسيا كانت قد أمدت السوق الأوروبية بكميات قياسية من الغاز الطبيعي المسال في العام الماضي، ما جعلها ثاني أكبر مورد للغاز بعد الولايات المتحدة، التي بدأت مؤخرًا في تشغيل منشأتين جديدتين للتصدير.

تأتي هذه التطورات في وقت حساس للاقتصاد الأوروبي، حيث تزداد المخاوف بشأن تأثير التوقف الكامل لشحنات الغاز الروسي على الاستقرار الطاقي في المنطقة، في ظل الأوضاع الجيوسياسية الحالية.

الأسواق لا تزال في حاجة إلى تأمين حلول طويلة المدى 

في الختام، يظل مستقبل أسواق الغاز الأوروبية في عام 2025 محاطًا بعدد من التحديات فإن هناك إشارات إيجابية من حيث قدرة أوروبا على التكيف مع الوضع من خلال المخزونات الحالية وتوسيع شراكاتها مع موردين آخرين، إلا أن الأسواق لا تزال في حاجة إلى تأمين حلول طويلة المدى لضمان استقرارها في مواجهة التحولات الجيوسياسية وتقلبات الطلب على الطاقة.

إن تزايد أسعار الغاز في بداية العام قد يفرض تحديات على العديد من الدول الأوروبية، خاصة في ظل انخفاض المخزونات وارتفاع الطلب على الغاز الطبيعي لتلبية احتياجات التدفئة في فصل الشتاء، وعلى الرغم من أن السوق قد تتجنب نقص الغاز هذا الشتاء، فإن الضغوط المستقبلية على إعادة ملء المخزونات لموسم التدفئة المقبل تبقى قائمة، مما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل أكبر.

وفي هذا السياق، يشكل تعزيز التنوع في مصادر الطاقة والتحول نحو الطاقة المتجددة جزءًا من الحلول التي يتعين على الدول الأوروبية اتخاذها لمواجهة التحديات المقبلة، كما أن تعزيز التعاون الإقليمي والبحث عن مصادر طاقة بديلة من شأنه أن يسهم في تقليل الاعتماد على إمدادات الغاز التقليدية ويساعد في تأمين مستقبل طاقي مستدام للقارة.

باختصار، تظل أسواق الغاز الأوروبية في مرمى التحديات الجيوسياسية والاقتصادية، ولكن الفرص للاستفادة من الابتكارات في مجال الطاقة والتعاون الدولي تظل قائمة، ما يتيح فرصة للتكيف مع المتغيرات العالمية وتحقيق الأمن الطاقي بعيدًا عن الاعتماد على مصادر محدودة.