إن حرمة الأشهر الحرم ثابتةٌ منذ عهدِ سيدنا إبراهيم عليه السلام كما ورد في شريعته، وقد استمرت القبائل في شبهِ الجزيرة العربية علىٰ تحريم القتال علىٰ نفسها خلال هذه الأشهر علىٰ مر السنين والعصور، بهدف تسهيل سير القوافل التجارية في مواسم الحج نحو مكة، مع وجود بعض القبائل العربية التي أحلت لنفسها القتال وخوض الحرب في هذه الأشهر، ومع مجيء الإسلام استمرت حرمة هذه الأشهر قائمة حتىٰ الآن وتمتد حرمتُها إلىٰ يوم القيامة.
سبب التسمية بالأشهر الحرم
سميت الأشهر الحرم بهذا الاسم: لزيادة حرمتها، وعظم الذنب فيها، ولأن الله سبحانه وتعالىٰ حرم فيها القتال، فقال تعالىٰ: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير...} [البقرة: 217]، وقد بينها رسول الله ﷺ فيما أخرجه البخاري عن أبي بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه، أنه ﷺ قال: «ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادىٰ وشعبان».
طاعات الأشهر الحرم
ينبغي علىٰ المسلم خلال الأشهر الحرم أن يجتهد في الطاعات، وهي كثيرة، منها:
1) الإكثار من العمل الصالح، والاجتهاد في الطاعات، والمبادرة إليها، والمواظبة عليها؛ ليكون ذلك داعيا لفعل الطاعات في باقي الشهور.
2) أن يغتنم المؤمن العبادة في هذه الأشهر التي فيها العديد من العبادات الموسمية كالحج، وصيام يوم عرفة، وصيام يوم عاشوراء.
3) أن يترك الظلم في هذه الأشهر؛ لعظم منزلتها عند الله، وخاصة ظلم الإنسان لنفسه بحرمانها من نفحات الأيام الفاضلة، وحتىٰ يكف عن الظلم في باقي الشهور.
4) الإكثار من إخراج الصدقات.
5) الإكثار من الصيام.
حرمة الأشهر الحرم
خص الله هذه الأشهر الأربعة بمزيد حرمة؛ ونهى الناس أجمعين عن ظلم النفس فيها بانتهاك الحرمات ومقارفة الآثام؛ فقال تعالىٰ: {...فلا تظلموا فيهن أنفسكم...} [التوبة: 36].
فالظلم في هذه الأشهر أعظم خطيئة ووزرا من الظلم فيما سواها.
والظلم في الآية يشمل المعاصي كلها كبيرها وصغيرها، كفعل محرم أو ترك واجب.
كما يشمل ظلم الإنسان في حقوق الخالق، وظلم الإنسان لنفسه، وظلم الإنسان لأخيه الإنسان، وظلم الإنسان لأي مخلوق.
كما أن الظلم في هذه الأشهر أشد وأبلغ في الإثم من غيرها، كما أن المعاصي في البلد الحرام تتضاعف؛ لقوله تعالىٰ: {...ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم} [الحج: 25].
0 تعليق