العدو المشترك .. ما لا يُقال عن صراع إيران وإسرائيل

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
العدو المشترك .. ما لا يُقال عن صراع إيران وإسرائيل, اليوم الأربعاء 18 يونيو 2025 05:42 مساءً

في خضمّ التصعيد المتسارع في الشرق الأوسط، يتصدّر مشهد الصراع الإيراني الإسرائيلي واجهة الإعلام والتحليلات السياسية.

عناوين تملأ الشاشات: “إسرائيل تستهدف مواقع إيرانية”، “إيران تتوعّد بالرد”، “حرب الظل تتسع”… لكن خلف هذا الضجيج، يقف سؤال أكثر عمقًا: هل نحن أمام صراع حقيقي بين قوتين متناقضتين؟ أم أمام مشهد معقّد تشترك فيه القوتان في خدمة مشروع أكبر، تشكّل عبر عقود من السياسات الأمريكية المتعاقبة؟

الوجه الظاهر: حرب التصريحات والضربات

منذ الثورة الإيرانية عام 1979، قدّمت طهران نفسها كخصم استراتيجي لإسرائيل، متبنية شعار “الموت لإسرائيل” وداعمة لفصائل المقاومة، من حزب الله في لبنان، إلى حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين.
في المقابل، تنظر إسرائيل إلى إيران بوصفها التهديد الأول لوجودها، خاصة مع سعيها لتطوير برنامج نووي وامتلاكها شبكة نفوذ إقليمي مسلحة.

الضربات الإسرائيلية المتكررة لمواقع إيرانية في سوريا، وعمليات الاغتيال النوعية لعلماء نوويين ومسؤولين في الحرس الثوري، تؤكد وجود صراع فعلي على الأرض. كما أن استهداف السفارات، والمنشآت النووية، والقواعد اللوجستية، كلها تشير إلى صراع استخباراتي وعسكري مفتوح.

لكن هذه الحرب الظاهرة تخفي تحتها طبقات أعمق وأكثر إرباكًا.

الجذور المشتركة: كيف خدم النظامان المصالح الأمريكية؟

بعيدًا عن لغة الخطابات، من الصعب تجاهل حقيقة أن إسرائيل وُلدت بدعم غربي مباشر، وأن النفوذ الإيراني الحديث تشكّل وتوسّع في لحظة كانت فيها الولايات المتحدة تعيد رسم خارطة الشرق الأوسط.

إسرائيل كانت - ولا تزال - الذراع المتقدمة للغرب في قلب المنطقة، وغطاءً دائمًا لتبرير التدخلات العسكرية، وتجميد أي مشروع وحدوي عربي.
أما إيران، فقد استفادت بشكل مباشر من الغزو الأمريكي للعراق، وملأت الفراغ الذي تركته واشنطن، بتواطؤ واضح أو صمت مريب.

بل إن كثيرًا من الحركات المسلحة الموالية لإيران لم تكن لتتمدد لولا اختلال التوازن الذي خلّفته مغامرات الغرب في أفغانستان والعراق وسوريا.
النتيجة؟ خارطة ممزقة، طائفية متفشية، انهيار للأنظمة الوطنية، وحالة دائمة من اللااستقرار… وكل ذلك يصب في صالح من؟ واشنطن وتل أبيب.

أدوات مختلفة، والنتيجة واحدة: تدمير العمق العربي

إسرائيل تستخدم القصف، والاحتلال، والتجويع، والعقاب الجماعي.
إيران تستخدم الميليشيات، والتحشيد الطائفي، وتفتيت المجتمعات من الداخل.

كلا الطرفين يتحدث باسم “الخوف”: إسرائيل تدّعي الدفاع عن بقائها، وإيران تتحدث عن الدفاع عن العقيدة والمستضعفين.
لكن خلف هذه السرديات، هناك مشهد دموي لا يتوقف، تنهار فيه العواصم واحدة تلو الأخرى، ويُستنزف فيه الإنسان العربي بلا أفق.

إن كان من فرق حقيقي، فهو في أسلوب العمل فقط، أما في النتائج، فهما متشابهان حد التطابق: تهشيم الهوية، وإجهاض الاستقلال، وتحويل القضية الفلسطينية من مشروع تحرر إلى ورقة مساومة.

القادم: فوضى مقصودة أو إعادة رسم خرائط

الوضع الحالي يشير إلى أن المنطقة مقبلة على مرحلة إعادة تشكيل جديدة، لكن هذه المرة ليست على أساس اتفاقيات سايكس–بيكو، بل عبر فوضى شاملة يقودها سلاح الجو، وصواريخ الميليشيات، وحروب السيبرانية، والاغتيالات النوعية.

الخطير أن بعض الأنظمة العربية، التي أُنهكت من الصراعات، باتت أقرب إلى الرضوخ لهذا الواقع، أو البحث عن حماية ولو كانت من “الشيطان”، مقابل البقاء.

وفي ظل غياب مشروع عربي حقيقي، تتقدّم القوى الإقليمية غير العربية – إيران وتركيا وإسرائيل – لملء الفراغ، كلٌّ بطريقته، وكلٌّ يحمل خريطة جديدة للمنطقة… لكنها جميعًا، للأسف، لا تعترف لا بعروبة فلسطين، ولا بسيادة العراق، ولا بوحدة سوريا.

خاتمة: بين الحقيقة والوهم

ما نشهده ليس صراعًا وجوديًا بين عدوين، بل لعبة أدوار معقّدة، تُدار بحنكة، ويُروّج لها بوصفها “حربًا مصيرية”، بينما الحقيقة أن الخاسر الوحيد فيها هو الإنسان العربي، والأمة العربية.

إيران وإسرائيل –رغم ما بينهما – تتقاطعان في جوهر مشروع واحد: إبقاء هذه المنطقة ضعيفة، مشلولة، منهكة، لا تنهض أبدًا.

ووراء الستار، تبقى واشنطن حاضرة… ترسم، وتوجّه، وتضبط الإيقاع كما تشاء.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق