تقترب سلطنة عمان من تحقيق اكتشاف نحاس، في خطوة من شأنها أن تدعم خطط البلاد الرامية إلى زيادة مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي، ضمن إطار إستراتيجية تنويع الاقتصاد الوطني.
وكشفت شركة تنمية معادن عمان خطة لطرح منطقة الامتياز "بي 11" (B-11) التي تمتد على مساحة 84.5 كيلومترًا مربعًا غرب ولاية صحار للاستثمار والشراكة مع مستثمرين إستراتيجيين.
وأظهرت بيانات -اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- أن فِرق الاستكشاف أحرزت تقدمًا ملموسًا عبر سلسلة من الدراسات الجيولوجية المتعمقة، والمسوحات الجيوفيزيائية، وعمليات الحفر التي كشفت مؤشرات مشجعة لرواسب النحاس.
ونجح قطاع التعدين في سلطنة عمان خلال 2024 باستئناف إنتاج النحاس بعد توقُّف دام 10 سنوات، إذ تمّ تصدير أول شحنة من مركزات النحاس من عدّة مناجم في السلطنة.
ومن المتوقع أن تصل الطاقة الإنتاجية لإنتاج النحاس في سلطنة عمان نحو 150 ألف متر مكعب سنويًا، بنسبة نقاوة تتراوح بين 18% و22%، مما يفتح آفاقًا جديدة للاستثمار والإنتاج، ويؤكد الإمكانات الواعدة لقطاع التعدين العماني.
مؤتمر مستقبل التعدين
تشارك سلطنة عمان في مؤتمر مستقبل التعدين، الذي انطلقت فعالياته اليوم الثلاثاء 14 يناير/كانون الثاني (2025) في العاصمة السعودية الرياض، بوفد رفيع المستوى يضم وكيل وزارة الطاقة والمعادن العماني محسن الحضرمي، والرئيس التنفيذي لشركة تنمية معادن عمان مطر البادي، وعددًا من المسؤولين في وزارة الطاقة والمعادن وشركات التعدين في سلطنة عمان.
ويعدّ المؤتمر منصة دولية مرموقة تجمع بين الحكومات والشركات العالمية والمؤسسات البحثية والخبراء في قطاع التعدين، إذ يناقش أحدث التطورات التقنية والفرص الاستثمارية المتاحة.
وأكد الحضرمي أن مشاركة سلطنة عمان في المؤتمر تأتي ضمن حرص بلاده على تعزيز أواصر التعاون وبناء العلاقات مع دول العالم، بهدف تطوير قطاع المعادن لكونه ركيزة أساسية لتحقيق التنويع الاقتصادي وتعزيز التنمية المستدامة.
وأشار إلى أن سلطنة عمان تسعى من خلال المشاركة إلى استقطاب الاستثمارات العالمية، وتبنّي أحدث التقنيات المبتكرة، وتمكين الكفاءات الوطنية، وتشجيع الصناعات التحويلية المرتبطة بالقطاع لتعظيم القيمة المضافة، وتحقيق أهداف رؤية عمان 2040.
وأضاف: "تمتلك سلطنة عمان ثروات معدنية غنية ومتنوعة تشمل النحاس، والكروم، والنيكل، والسيليكا، والليثيوم، والعديد من المعادن ذات القيمة الاقتصادية العالية، مما يجعلها وجهة واعدة للاستثمار الإقليمي والعالمي".
وشدد على أن هذه الموارد مدعومة ببُنية أساسية متطورة وسياسات تشجع على الابتكار وتعزيز الشراكات الاستراتيجية مع الشركات الرائدة، لبناء قطاع تعدين قوي قادر على المنافسة عالميًا.
وأشار إلى أن سلطنة عمان تؤمن بأن الابتكار وتعزيز الشراكات الإستراتيجية هما الركيزتان الأساسيتان لتحقيق التميز في قطاع التعدين، ودفعه ليصبح مسهمًا رئيسًا في الصناعات المستقبلية، مثل تقنيات الطاقة النظيفة، والبطاريات، والسيارات الكهربائية.
ويلتزم قطاع التعدين في سلطنة عمان بمبادئ الاستدامة من خلال تبنّي تقنيات متطورة تقلل من التأثيرات البيئية، وتحقّق الكفاءة في العمليات التعدينية، بما يعكس رؤية تنمية شاملة ومستدامة تعود بالنفع على الأجيال الحالية والمستقبلية.
التعدين في سلطنة عمان
قال الرئيس التنفيذي لشركة تنمية معادن عمان، المهندس مطر بن سالم البادي: "تمثّل مشاركتنا في مؤتمر التعدين الدولي امتدادًا لالتزامنا المستمر بدعم وتطوير قطاع التعدين في سلطنة عمان، وتعزيز مكانتها بصفتها وجهة استثمارية رائدة".
كما قال: "نعمل على تسليط الضوء على الفرص الاستثمارية الواعدة التي يوفرها هذا القطاع، بدءًا من الاستكشاف، مرورًا بتطوير المشروعات التعدينية في الشق العلوي، وصولًا إلى تعزيز الصناعات التحويلية لتحقيق التكامل في سلسلة القيمة وتعظيم الفائدة من موارد السلطنة".
وتستهدف شركة تنمية معادن عمان من خلال المؤتمر شراكات إستراتيجية لتنفيذ مشروع تعدين الكوارتز السيليكي، بطاقة إنتاج تصل إلى 3 ملايين طن سنويًا، لتلبية الطلب المتزايد على هذه المادة في الأسواق الصناعية.
وتسعى الشركة في قطاع الصناعات التحويلية إلى تطوير مشروعات إستراتيجية تشمل إنشاء مصهر النحاس ومصنع السيليكون المعدني، إضافة إلى مشروعات الفيروسيليكون والدولوميت بجودة عالية.
وتهدف هذه المشروعات إلى تعظيم القيمة المضافة من موارد السلطنة الطبيعية، وتعزيز مكانتها بصفتها مركزًا عالميًا للصناعات التعدينية.
استثمارات التعدين في سلطنة عمان
اتخذت وزارة الطاقة والمعادن عددًا من الخطوات المهمة لتعزيز استثمارات التعدين في سلطنة عمان، وتحقيق الاستدامة في القطاع، أبرزها:
- تحديث الإطار القانوني والتنظيمي، إذ تمّ تطوير منظومة التشريعات بما يواكب أفضل الممارسات العالمية لتعزيز الشفافية والجاذبية الاستثمارية، من خلال وضع إطار مالي مرن، يشمل إتاوات تنافسية تتراوح بين 5% و10%، وتخفيض تكلفة الإيجار السطحي خلال مرحلة الاستكشاف.
- تخصيص مناطق استثمارية ذات جدوى اقتصادية عالية، بما يسهم في استغلال الموارد الطبيعية بشكل أمثل، وتعزيز القيمة المضافة، مستفيدةً من بنية أساسية متطورة تشمل موانيَ عالمية ومناطق صناعية متكاملة.
- إطلاق منصة رقمية متكاملة لإدارة عمليات الاستثمار وتسهيل الإجراءات، مما يمكّن المستثمرين المحليين والدوليين من الوصول إلى الفرص الواعدة بكل سهولة وشفافية.
- وضع دليل شامل للصحة والسلامة المهنية يضمن الالتزام بأعلى معايير الصحة والسلامة المهنية في الأنشطة التعدينية، مما يسهم في حماية العاملين والحفاظ على الاستدامة البيئية.
- إطلاق برامج تدريب وتأهيل متخصصة تهدف إلى تطوير الكفاءات الوطنية وتعزيز قدرات العاملين في القطاع، بما يواكب احتياجات السوق وأحدث التطورات التقنية العالمية.
وتُجسّد الخطوات التزام السلطنة بتهيئة بيئة استثمارية محفّزة ومستدامة، تُعزز من مكانة قطاع التعدين بصفته إحدى ركائز النمو الاقتصادي.
يشار إلى وزارة الطاقة والمعادن كانت قد خصصت العديد من مناطق الامتياز للاستثمار من خلال التنافس على هذه الفرص، إذ تمّ توقيع اتفاقيات تعدينية تشمل 21 منطقة امتياز للاستكشاف والتنقيب عن مختلف الخامات مع شركات محلية وعالمية.
ويُقدَّر إجمالي الاستثمارات المتوقعة من مناطق التعدين في سلطنة عمان بنحو 37 مليون ريال عماني (96,2 مليون دولار)، منها 14 منطقة مُنحت لشركة تنمية معادن عمان لتطوير موارد مثل النحاس، والكروم، والسيليكا، والخامات الصناعية الأخرى.
كما طُرِحَت 6 مناطق امتياز جديدة للمزايدة، تحتوي على خامات، مثل الكروم، والنحاس، والمنجنيز، والجرانيت، والمعادن المصاحبة الأخرى، في إطار الجهود المستمرة لتعزيز الاستثمار واستدامته.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
0 تعليق