الشعب قدّم ضريبة الدم مطالبا ببرلمان وطني..9 أفريل 1938 منعطف كبير في مسار التحرّر الوطني

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الشعب قدّم ضريبة الدم مطالبا ببرلمان وطني..9 أفريل 1938 منعطف كبير في مسار التحرّر الوطني, اليوم الثلاثاء 8 أبريل 2025 01:28 مساءً

الشعب قدّم ضريبة الدم مطالبا ببرلمان وطني..9 أفريل 1938 منعطف كبير في مسار التحرّر الوطني

نشر في الشروق يوم 08 - 04 - 2025

alchourouk
مثلت ملحمة 9 أفريل 1938 بكل المقاييس منعطفا مدويا في معركة التحرر الوطني قاد مباشرة إلى استقلال 20 مارس 1956 في ذاك اليوم التاريخي الذي تحيي تونس بكل اعتزاز وخشوع ذكراه السابعة والثمانين ارتقى 22 شهيدا فيما أصيب 150 من أحرار تونس بآلة القمع الفرنسية أثناء مسيرات شعبية حاشدة اندفعت للمطالبة ببرلمان وطني مجسّدة استعداد الشعب التونسي بكل أطيافه للتضحية بالغالي والنفيس من أجل الانعتاق واسترداد السيادة الوطنية.
والواضح أن المستعمر الفرنسي كان يدرك جيدا أن الحشود التي اندفعت يوم 8 أفريل من «الحلفاوين» و«رحبة الغنم» سائرة إلى أبعد مدى في تقويض عرشه فقام باعتقال الزعيمين الوطنيين «محمود بورقيبة» و«الهادي البلهوان» الذي كان رمزا للشباب الثائر في تلك الحقبة من تاريخ تونس ليزيد في إشعال وجدان التونسيين الذين قارعوا قمع الاستعمار بإبراز تضامنهم مع زعمائهم وتمسكهم بالحق في تقرير المصير مجسّدين إرادة الشعوب التي لا تقهر.
وفي الواقع جاءت ملحمة 9 أفريل أربعة أعوام بعد مؤتمر قصر هلال (2 مارس 1934) الذي أعلن عن انبعاث الحزب الحر الدستوري ومن ثمة اكتساب المقاومة الوطنية بعدها الشعبي وتهيكلها في مسار شامل له أدواته وغاياته ويقوم على التناغم بين النضال السياسي والمقاومة المسلحة فقد ضغط زعماء الحركة الوطنية وفي مقدمتهم باني الدولة الوطنية الزعيم الراحل «الحبيب بورقيبة» على واعز الكرامة الذي اقترن في ذهنية الشعب التونسي بدحر الاستعمار وبالتالي تحققت التعبئة الوطنية الشاملة ضد فرنسا.
وعلى هذا الأساس تشكل بعد ملحمة 9 أفريل مسار ثابت تصاعدت خلاله وتيرة النضال الوطني مثلما سالت دماء الآلاف من أحرار تونس تعبيرا عن قوة الإرادة الوطنية التي توجت بقيام برلمان وطني في جويلية 1957 (المجلس الوطني التأسيسي) جسّد الشعار المركزي لملحمة 9 أفريل 1938.
وعلى هذا الأساس اعتبر الناشط السياسي ووزير التربية الأسبق محمد علي البوغديري أن ملحمة 9 أفريل أكدت أن الشعب التونسي شعب حرّ وصعب المراس فقد تحدى آلة القمع الفرنسية بالخروج في مسيرات حاشدة والمطالبة ببرلمان وطني وقدم في سبيل ذلك الكثير من الشهداء الأبراز كما أدى هذا الحدث المهيب إلى انتشار المقاومة في كل أرجاء تونس رغم ردة الفعل الوحشية للمستعمر الذي قام باعتقال قرابة ثلاثة آلاف من المناضلين ومحاكمتهم بتهمة التأمر على أمن الدولة الداخلي والإنضمام إلى الحزب الدستوري قبل أن يتم تحريرهم من السجون من قبل القوات الألمانية عندما دخلت إلى تونس في ذروة الحرب العالمية الثانية.
وشدد محمد علي البوغديري على التمازج في الأبعاد والغايات بين ملحمة 9 أفريل 1938 والمقاومة في فلسطين المحتلة التي اكتسحت الساحات في كل أنحاء العالم بفضل الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني الأبي أمام حرب الإبادة المتوشحة التي يمارسها الكيان الصهيوني معربا من يقينه في أن هذا التمسك بالأرض والحق رغم التقتيل والتجويع سيؤول إلى تحرير فلسطين.
ومن جهته اعتبر محسن النابتي الناطق الرسمي باسم التيار الشعبي ملحمة 9 أفريل واحدة من أهم المحطات في نضال الشعب التونسي ضد الاستعمار حيث جسدت الأبعاد الثلاثة للتحرر الوطني وهي السيادة والديمقراطية والتنمية ومثلت من ثمة تحولا نوعيا في النضال الوطني من خلال التعبئة الشعبية الشاملة وتشكل قيادة جديدة وتجسيد شمولية المقاومة بأبعادها السياسة والعسكرية والشعبية.
وتابع أن المستعمر الفرنسي فهم خطورة هذا التحول على مستقبل وجوده في تونس حيث أن خلايا المقاومة التي كانت في حالة مدّ وجزر قبل 9 أفريل 1938 تحولت إلى مقاومة شاملة وبالتالي تمثل هذه الملحمة أحد التواريخ المؤسسة لإنتصار الشعب التونسي على المستعمر الفرنسي.
كما لاحظ محسن النابتي أن الشعب التونسي قاوم الإستعمار منذ اللحظة الأولى التي دخل فيها إلى تونس حيث تشكلت المقاومة المسلحة في الشمال الغربي وعرفت لاحقا عدة محطات بقيادة المقاومين الأحرار مثل «علي بن خليفة» و«محمد الدغباجي» و«البشير بن سديرة» لكن ملحمة 9 أفريل مثلت نقلة نوعية في مسار مقاومة الاستعمار الفرنسي بتحقيق التعبئة العامة لمختلف أطياف الشعب التونسي.
وشدد على أن الدرس الكبير الذي تفرزه ملحمة 9 أفريل هو أن التحرر الوطني معركة شاملة فلا نجاح لأي حركة تحرر وطني دون أن تتحول إلى حركة شعبية شاملة تتمازج فيها كل الأبعاد الثقافية والسياسية والأخلاقية والعسكرية فالشعب المنظم الذي يلتقي على هدف وطني واضح ومشترك غير قابل للهزيمة وكل استعمار يواجه مقاومة شعبية شاملة مآله الهزيمة.
كما لاحظ أن ذات التحديات التي أنتجت ملحمة 9 أفريل تعود اليوم في ظل تعقيدات الوضع الإقليمي والدولي التي تفرض تعبئة وطنية شاملة مشيرا إلى أن تونس ليست تحت الاستعمار لكنها في صراع مع الهيمنة الغربية التي أل لها أن تغادر تونس والمنطقة بأسرها.
وأكد في هذا الصدد أن شعار التعويل على الذات يضاهي في أبعاده وتداعياتها شعار البرلمان التونسي الذي رفعه الشعب في 9 أفريل 1938 حيث أن التخلص من التبعية يتطلب مشروعا تمويا شاملا يتبع من الخيارات الوطنية ويمكن من تثمين قدرات الشعب التونسي والموقع الجغرافي لبلادنا.
الأخبار

.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق