هناك تساؤلات بشأن نمطية الأسواق وكيف تستجيب لخفض أسعار الفائدة. عكس قرار الفيدرالي خفض الفائدة على الدولار الذي اتخذه يوم الأربعاء الماضي حالة من التفاؤل بعد تراجع الضغوط التضخمية الكلية، فهل تكون القروض نعمة أم ستكون نقمة على الاقتصادات العالمية والاقتصاد الأمريكي.
خفض سعر الفائدة يولد التفاؤل بين المستثمرين وقطاع الأسر، وفي نفس الوقت يخفف على الحكومات من تكاليف الدين، لكن من غير المؤكد أن الجميع يمكنه الاستفادة.
غالبا ما تكون الحكومات والقطاعات الاستثمارية قد دخلت في التزامات مالية لا تظهر آثارها إلا في فترات متباعدة، كما أن توقعات تراجع أسعار الفائدة في العام المقبل تقلل من أي إجراءات عاجلة يمكن أن تتخذها الحكومات أو المستثمرون.
بمعنى آخر: إن المقترضين قد عدلوا توقعاتهم والأسواق عدلت أسعارها بشكل استباقي، أما القطاع العقاري فمن المعروف عنه أنه يتحرك وفق منهجيات الزحف Creep وبدون تحول مفاجئ بسبب طبيعته الاقتصادية، لأنه لا ينتمي إلى مجموعات السلع الفورية التي تتأثر بسعر الفائدة اللحظي.
لا شك أن انخفاض أسعار الفائدة إلى 4.50% وضمن اتجاه هابط في سعر الفائدة يجعل منتجات البنوك جاذبة للجميع، لكن ما ليس مضمونا هو أن تبقى الأسعار ثابتة دون أن ترتفع، وهذا ما يثير تساؤلات المحللين والاقتصاديين بشأن قرارات الناس والشركات، وإذا ما كان بالإمكان الانتظار أكثر إلى حين تحسن مستويات التسعير.
هذا التفاعل شديد التعقيد يماثل تماما حركة الموائع لدى الفيزيائيين، ولا يوجد لدى الحكومات والشركات سوى تأطير حدودها الائتمانية من خلال مراقبة معدل دوران رأس المال بوتيرة أسرع وتعديل الأسعار والتكاليف بشكل مستدام دون توقف أو طمع في أرباح أعلى على حسابات غير مؤكدة، أي إن توقيت الأسواق خطأ فادح يرتكبه الناس تحت سيوف الجشع أو الطمع من الطرفين.
على الحكومات ألا تنتظر الوقت المثالي وتعمل دون أي تأخير على زيادة تنافسية أسواقها وإزالة العوائق التي تعترض تدافع العرض والطلب في جميع القطاعات بما في ذلك السوق العقارية وغالباً ما تكون تنظيمية، أما إذا كانت الأسواق ضيقة والأموال وفيرة، فهنا يأتي الدور الحيوي في ابتكار سياسات تشتت الأموال بين القطاعات إلى حين حل جذر المشكلة.
تختلف الدول في مستويات النضج الاقتصادي ولا توجد قاعدة واحدة في إدارة الأسواق أو إدارة قرارات الأسرة المالية والاستثمارية.
تعاكس أسعار الفائدة وأسعار السوق ليس نمطا ثابتا يمكن التنبؤ به، ويخضع لعوامل لا نهائية من ظروف محلية وعالمية وجوانب أخرى تتعلق بسلوك الناس في اتخاذ قراراتهم، لذا تعزيز حال التفاؤل والتشاؤم في الرأي الاقتصادي العالمي يؤثر في قرارات الدول حتى لو كانت لا تعاني مشكلات اقتصادية عميقة. ونتيجة لهذا، فاتباع سياسات اقتصادية متوازنة تجمع بين الحدود الآمنة في الاقتراض ومنع تركز الثروات في قطاعات معينة يمكنه أن يقود أي اقتصاد إلى بر الأمان.
0 تعليق