الاثنين 23 ديسمبر 2024 | 09:12 صباحاً
العقارات في الصين
أصبحت إحدى شركات التطوير العقاري البارزة في الصين الآن على رادار السلطات فيما يتصل بمخاطر تخلفها عن سداد ديونها.، وفي الوقت الذي طلبت فيه شركة بناء كبرى في هونغ كونغ من البنوك تمديد أجل القروض، وتبيع شركة أخرى في القطاع مركزاً تجارياً شهيراً، ولكنه فارغ إلى حد كبير في بكين.
مع دخول أزمة ديون العقارات في الصين عامها الخامس، لا توجد مؤشرات تُذكر على أن شركات التطوير العقاري المتعثرة تجد سهولة أكبر في سداد الديون مع استمرار الركود في مبيعات المنازل. ولا تزال سنداتها الدولارية تُتداول عند مستويات متدنية للغاية، وكادت إصدارات الديون منها تجف، ويُعتبر القطاع متأخراً بشكل ملحوظ في أسواق الأسهم.
دقت أجراس الإنذار مرة أخرى في الأسابيع الأخيرة، عندما طلبت الهيئة التنظيمية للقطاع المصرفي من شركات التأمين الكبرى الإعلان عن انكشافها المالي على شركة "تشاينا فانكي" (China Vanke Co)، وذلك لتقييم مقدار الدعم الذي تحتاجه رابع أكبر شركة تطوير عقاري في البلاد من حيث المبيعات لتفادي التخلف عن السداد. وفي هونغ كونغ، طلبت شركة "نيو وورلد ديفلوبمنت" (New World Development Co) تأجيل آجال استحقاق بعض القروض، بينما عرضت مجموعة "بارك فيو" (Parkview Group) مجمعاً تجارياً بارزاً للبيع في بكين.
صعوبات مستمرة أمام قطاع الإسكان الصيني
تعزز أحدث علامات التوتر المخاوف من أن الأسوأ لم ينته بعد بالنسبة لقطاع الإسكان في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والذي كان ذات يوم محركاً قوياً للنمو، والآن يشكل عائقاً كبيراً أمام الطلب على السلع من الأثاث إلى السيارات. وتلك المؤشرات مقلقة بشكل خاص لأن مشاكل "فانكي" تُظهر أن أزمة السيولة تلحق الضرر بإحدى شركات البناء الكبرى القليلة التي تجنبت التخلف عن السداد حتى الآن. في الوقت نفسه، تعني المشاكل التي تواجهها نظيراتها في هونغ كونغ أن العدوى محسوسة بشكل متزايد في الخارج.
قال ليونارد لو، محلل أول معني بالائتمان في شركة "لوكرور أناليتيكس" (Lucror Analytics) "بينما ساهمت السياسات الحكومية الأخيرة في إبطاء وتيرة التدهور، فقد يستغرق الأمر عاماً أو عامين آخرين حتى يصل القطاع إلى القاع". وأضاف "في هذا السياق، لا يمكننا استبعاد احتمال حدوث المزيد من حالات التخلف عن السداد في العام المقبل، وإن كان معدل التخلف عن السداد الإجمالي يجب أن يكون أقل بكثير من السابق".
كثفت السلطات الصينية جهودها في السنوات الأخيرة لتخفيف تباطؤ سوق الإسكان غير المسبوق في البلاد، شمل ذلك خفض أسعار الفائدة، وتقليص تكاليف الشراء والقيود، فضلاً عن تقديم ضمانات حكومية لمبيعات السندات من جانب شركات التطوير العقاري الأقوى. كما تعهد كبار القادة بتحقيق استقرار سوق العقارات العام المقبل في اجتماع اقتصادي مهم في وقت سابق من هذا الشهر.
تدابير الإنقاذ تبتعد عن الشركات
مع ذلك، ركزت تدابير الإنقاذ التي تم تبنيها حتى الآن على منع انهيار أسعار العقارات، وحماية ملاك الوحدات السكنية غير مكتملة البناء، واستخدام الأموال الحكومية للمساعدة في امتصاص المعروض الزائد. في الوقت نفسه، اختار صانعو السياسات غض بصرهم بينما كانت عملاقتا الصناعة السابقتان "تشاينا إيفرغراند غروب" و"كانتري غاردن هولدينغز" تتجهان للتخلف عن سداد الديون.
هذا هو السبب في أن استفسارات هيئة تنظيم القطاع المصرفي حول انكشاف شركات التأمين على السندات والديون الخاصة لشركة "فانكي" جذبت الكثير من الاهتمام. أجرت شركات التأمين عمليات فحص مماثلة في مارس مع تنامي المخاوف بشأن مخاطر سداد الشركة لديونها. بشكل منفصل، زار المسؤولون التنفيذيون في "فانكي" العديد من شركات التأمين في الأسابيع القليلة الماضية، وحثوها على عدم ممارسة خيارات البيع على بعض الديون الخاصة التي ستصبح متاحة لهم قريبًا.
"إذا لم يحدث أي تحول في مبيعات العقارات، وظلت عمليات بيع الأصول بطيئة في سوق العقارات الضعيفة، وأصبحت المؤسسات المالية أكثر حذراً وتطلب ضمانات إضافية، فإننا نعتقد أن 'فانكي' قد تشهد نقصاً في السيولة في وقت أبكر من المتوقع.. ما زلنا نضع احتمال تقديم إنقاذ حكومي عند أقل من 50%"، وفقاً لما كتبه محللون في "جيفريز فايننشال غروب" (Jefferies Financial Group)، بما في ذلك شوجين تشين، في مذكرة.
انخفضت سندات "فانكي" الدولارية المستحقة في مايو 2025 بنحو 10 سنتات في الأسبوع الماضي إلى حوالي 80 سنتاً للدولار، وهو أكبر انخفاض أسبوعي في أكثر من عام. كما انخفضت سنداتها لعام 2027 إلى 49 سنتاً، مما يشير إلى تشكك المستثمرين بشأن الاسترداد الكامل لقيمة تلك السندات.
تأتي محنة "فانكي" في وقت تواصل فيه أسواق رأس المال في إظهار ضعف ثقة المستثمرين في القطاع، وقد أصدر المطورون في بر الصين الرئيسي وهونغ كونغ سندات بقيمة 67.3 مليار دولار هذا العام، وهو ما يضع السوق على مسار تسجيل أصغر حجم إصدارات سنوية لها منذ عقد على الأقل، وفقاً لبيانات جمعتها "بلومبرج".
وفي الوقت نفسه، ارتفع مؤشر "بلومبرغ" لأسهم شركات البناء الصينية بنسبة 3.7% هذا العام، مقابل 24% لمؤشر أوسع نطاقاً يتتبع شركات البلاد المدرجة في هونغ كونغ.
معاناة "نيو وورلد ديفلوبمنت" نذير شؤم
في تطور مقلق آخر، تطلب شركة "نيو وورلد ديفلوبمنت"، وهي شركة بناء متعثرة في هونغ كونغ، من البنوك تأجيل مواعيد استحقاق بعض القروض الثنائية، في تحرك يعمق المخاوف بشأن قدرتها على خدمة أحد أثقل أعباء الديون من نوعها. شركة التطوير العقاري التابعة لإمبراطورية عائلة قطب الأعمال هنري تشنغ، لديها التزامات إجمالية بقيمة 220 مليار دولار هونغ كونغ (28.3 مليار دولار) في نهاية يونيو، وتكبدت أول خسارة سنوية لها منذ عقدين.
تمثل معاناة شركة "نيو وورلد ديفيلوبمنت" مع الديون نذير شؤم على أن مشاكل العقارات في الصين تنتشر إلى الخارج. فوفقاً لتقريرها السنوي لعام 2024، حصلت الشركة على 73% من إيراداتها من تطوير العقارات والاستثمار من البر الرئيسي للصين.
انخفضت مؤخراً بعض السندات الدائمة الصادرة عن الشركة التي طورت مشاريع من بينها المجمع التجاري "كيه 11 آرت مول" (K11 Art Mall) في منطقة التسوق "تسيم شا تسوي" (Tsim Sha Tsui) في هونغ كونغ إلى مستوى قياسي متدنِ عند حوالي 30 سنتاً. وانخفضت أسهم الشركة بنسبة 57% هذا العام.
في غضون ذلك، تبحث مجموعة "بارك فيو"، وهي شركة تطوير للعقارات الفاخرة ومقرها في هونغ كونغ، وتنحدر عائلتها المؤسسة من تايوان، عن مشترين لمجمع تجاري بارز في منطقة الأعمال المركزية في بكين، بينما تكافح مع تكاليف خدمة القروض المرتفعة ومعدلات الإشغال المنخفضة.
وثمة ما يفيد بأن شركة مملوكة للدولة الصينية مهتمة بشراء المجمع، والمعروف بهيكله الفريد المصمم على شكل هرم والذي يضم مركز تسوق وفندقاً وأبراجاً إدارية ومركزاً للفنون.
وقال دانييل فان، محلل الائتمان في "بلومبرغ إنتليجنس": "يواجه مطورو هونغ كونغ ضربة مزدوجة في دورة الهبوط الحالية". وأضاف "لا تظهر سوق العقارات في الصين، حيث يعمل العديد منهم، أي علامة على تعاف قوي بينما لا يزال التصحيح في سوق هونغ كونغ مستمراً".
0 تعليق