نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
انطلاق الدورة الثالثة من "تونس مسارح العالم": "حديقة الهسبيريدس" رحلة مسرحية آسرة في عوالم النساء, اليوم الجمعة 21 مارس 2025 04:27 مساءً
نشر في الشروق يوم 21 - 03 - 2025
افتتحت مساء الخميس 20 مارس، في قاعة الفن الرابع بتونس، فعاليات الدورة الثالثة من تظاهرة "تونس مسارح العالم" التي ينظمها المسرح الوطني التونسي، وتستمر حتى 27 مارس احتفاء باليوم العالمي للمسرح. وقد استمتع جمهور الافتتاح بمسرحية مشتركة بين المغرب وإسبانيا بعنوان "حديقة الهسبيريدس" من إخراج الإسبانية "أليسيا سوتو".
ويأتي هذا العمل ضمن تعاون ثقافي مغربي-إسباني، حيث تم تقديمه في إسبانيا والبرتغال والمغرب قبل أن يصل إلى تونس في إطار "تونس مسارح العالم". ويُبرز هذا التعاون أن قضايا المرأة تتجاوز الحدود الجغرافية حيث تؤكد أن النضال النسوي في مواجهة القيود المجتمعية هو تجربة إنسانية مشتركة لا تقتصر على ثقافة أو بلد معين بل هي صدى عالمي يعكس واقع المرأة في مختلف أنحاء العالم.
استلهم العرض عنوانه من الأسطورة الإغريقية "الهسبيريدس" التي تحكي عن حوريات يحرسن بستانا مليئا بأشجار التفاح الذهبي، الذي يمثل رمزا للحماية والأنوثة والخلود. في المسرحية، يتحوّل هذا البُعد الأسطوري إلى استعارة تعكس العالم الداخلي للنساء حيث تتنقل الشخصيات بين الفضاءات الخاصة والعامة سعيا للحماية والتحرر.
"حديقة الهسبيريدس": أسطورة تتجسد على خشبة المسرح
قدّم العرض تجربة حسّية وتأملية أبهرت الجمهور وأبحرت به في متاهات الذات النسائية حيث تتشابك المشاعر بين الألم والفرح وبين القيود والتحرر وبين القمع والمقاومة. وقد أعادت المخرجة "أليسيا سوتو" برؤية فنية مبتكرة، صياغة هذه الحكاية فصارت "الحديقة" فضاء داخليا لكل امرأة تحفظ فيه أحلامها وخيباتها وتسعى لإيجاد مسارها نحو النور.
وعلى خشبة المسرح، تحوّلت الأجساد إلى لغة بصرية تروي معاناة النساء، حيث تمازجت اللوحات الكوريغرافية بين السكون والاضطراب، مُجسّدة الصراع بين الرغبة في التحرر والقيود المفروضة عليهن. تميّز العرض برؤية بصرية وموسيقية متكاملة، حيث لعبت العناصر السينوغرافية المؤثثة للعرض من إضاءة ومؤثرات موسيقية وأزياء، دورا محوريا في إبراز الحالات النفسية للشخصيات. وقد عبّرت الإضاءة الخافتة عن القيود والعزلة بينما كانت الإضاءة الساطعة رمزا للحرية والانعتاق. كما استخدم السينوغرافيا الأقمشة الملونة والأضواء المتحركة لتعزيز البعد البصري للمسرحية. أما الموسيقى، فقد جمعت بين التقاليد المغربية والإيقاعات الغربية الحديثة مما منح العرض طابعا عالميا يربط بين ثقافات مختلفة.
وعلى مستوى القضايا المطروحة، سلط العرض الضوء على قضايا جوهرية تتعلق بتجربة المرأة في مختلف المجتمعات حيث تناول مفهوم الحرية الفردية والصراع بين الهوية النسائية في المجتمع. واستعرض العمل كذلك رحلة النساء الوجودية عبر العصور بحثا عن تحقيق المعنى والكينونة بعيدا عن القيود التي تكبلهن، ليعكس بذلك فكرة الرحلة الجسدية والروحية التي تخوضها المرأة في محاولتها للعثور على هويتها الحقيقية.
"تونس مسارح العالم": منصة للحوار والإبداع المسرحي
وتستمر فعاليات الدورة الثالثة لتظاهرة "تونس مسارح العالم" مع برنامج ثري يحتفي بالإنسانية، حيث يُعرض يوم الجمعة 21 مارس العمل المسرحي "جرانتي العزيزة" للمخرج فاضل الجزيري، ويليه يوم السبت 22 مارس عرض "كيما اليوم" من إنتاج مشترك للمسرح الوطني التونسي وشركة "الفن مقاومة"، وبتوقيع الفنانة ليلى طوبال في الكتابة والإخراج والسينوغرافيا.
وعلى الصعيد الدولي، سيتم تقديم عروض متنوعة، أبرزها "سكر - مثلجات لجريمة لطيفة" يوم الأحد 23 مارس وهو عمل يمزج بين المسرح والرقص من تصميم الكوريغراف "عبدولاي تريزور كوناتي" من الكوت ديفوار. كما يُعرض يوم الاثنين 24 مارس العمل التونسي "تحت الضغط" للمخرج ريان القيرواني، ويليه يوم الثلاثاء 25 مارس عرض "اعتراف" للمخرج محمد علي بن سعيد.
ويتابع الجمهور يوم الأربعاء 26 مارس، عرضا للمسرحية الإيطالية "بروميثيوس - الكنغر الأزرق"، من إخراج "سيموني مانينو" وعن نص للكاتب السياسي "لورانزو مارسيلي"، حيث يجمع هذا العمل فنانين من تونس وإيطاليا في إطار تعاون بين مسرح بريمن في باليرمو ومهرجان الحمامات الدولي.
وتختتم فعاليات المهرجان يوم الخميس 27 مارس، الذي يتزامن مع اليوم العالمي للمسرح، بعرض مسرحية "التابعة" للمخرج توفيق الجبالي وإنتاج مسرح التياترو. وتنطلق جميع العروض في قاعة الفن الرابع بشارع باريس بالعاصمة على الساعة التاسعة والنصف مساءً (21:30).
هذه التظاهرة "تونس مسارح العالم" التي تأسست سنة 2023، أصبحت اليوم منصة رئيسية للإبداع المسرحي في العالم العربي والمتوسطي، حيث تلتقي المدارس المسرحية المختلفة من أوروبا إلى إفريقيا في فضاء مشترك للحوار والتجديد. كما تمثّل مناسبة لعشاق المسرح لاكتشاف عروض مميّزة تخاطب الفكر والوجدان وتفتح أبواب النقاش حول قضايا إنسانية معاصرة في زمن أصبح فيه المسرح مساحة للمقاومة والتعبير والحرية.
الأخبار
.
0 تعليق