في حادث غريب أثار دهشة المراقبين، هاجم حيوان الوشق المصري مجموعة من الجنود الإسرائيليين بالقرب من الحدود المصرية-الإسرائيلية، في منطقة جبل حريف، حيث استدعت الواقعة غير المألوفة تدخلا سريعا من السلطات الإسرائيلية التي تمكنت من صيد الحيوان المفترس ونقله إلى مستشفى الحياة البرية لإجراء الفحوصات اللازمة والتأكد من حالته الصحية وسلوكه العدواني.

ويتميز الوشق المصري، الذي يعد واحدا من أشرس القطط البرية، بقدرات مذهلة تجعله من بين أخطر الحيوانات المفترسة في البيئات الصحراوية والجافة، حيث تصل سرعته إلى 80 كيلومترا في الساعة، ما يجعله صيادا بارعا لا يخطئ أهدافه بسهولة، كما يعتمد نظامه الغذائي على الأرانب والقوارض، لكنه لا يتردد في افتراس الغزلان والظباء متى سنحت له الفرصة، بالإضافة إلى أنه انعزالي بطبعه، ويفضل العيش منفردا وفرض سيطرته على مناطقه الخاصة، وهو ما قد يفسر سلوكه العدواني عندما يشعر بأي تهديد خارجي.

وحاز هذا الحادث اهتماما كبيرا ليس فقط لطبيعة الهجوم، ولكن أيضا بسبب الخلفية الثقافية لهذا الحيوان في الحضارة المصرية القديمة، حيث كان الوشق يحظى بمكانة رمزية ودينية بارزة، باعتبار أن المصريين القدماء اعتبروه حاميا مقدسا، ورسموه في نقوشهم كحارس للمقابر ومقاتل جسور قادر على مواجهة الأفاعي والأخطار التي تهدد الممالك الروحية، كما ارتبط بشخصية المعبود "رع" و"أتوم"، حيث كان يمثل رمزًا للرؤية الليلية والقوة، وهو ما عزز حضوره في الأساطير المصرية كحيوان قادر على التغلب على الظلام والفوضى.

وتتضمن الأساطير المصرية القديمة مواجهة رمزية بين "آتوم رع"، إله الشمس والنظام، و"عبيب"، الذي يجسد الفوضى والظلام، حيث يتحول "آتوم رع" في هذه المواجهة إلى قط بري شرس، ربما يشبه الوشق، لمواجهة قوى الفوضى والتغلب عليها.

وتثير حادثة الهجوم هذه، رغم كونها واقعة طبيعية، تأملات مثيرة حول التقاء الأسطورة بالواقع، حيث يبدو وكأن هذا الحيوان المفترس لا يزال يحمل في جيناته روح المحارب الذي خلدته الحضارة المصرية منذ آلاف السنين.