شهدت الولايات المتحدة في مايو الماضي ارتفاعاً ملموساً في أسعار السلع والخدمات، باستثناء المواد الغذائية والطاقة، بنسبة 0.3%، وهي أكبر زيادة خلال أربعة أشهر، وفقاً لمسح أجرته وكالة "بلومبرغ" بين اقتصاديين. ويأتي هذا الارتفاع مع بدء الشركات تدريجياً في تمرير الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترمب إلى المستهلكين.

ويُعتبر مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي، الذي لا يشمل المواد المتقلبة، أداة رئيسية لقياس التضخم الكامن، حيث من المتوقع أن يسجل المؤشر خلال مايو ارتفاعاً سنوياً بمعدل 2.9%، وهو أول مستوى مرتفع منذ بداية العام.

ويأتي صدور تقرير أسعار المستهلكين، المقرر يوم الأربعاء، تزامناً مع بيانات أسعار المنتجين التي ستصدر الخميس، لتوفر لمسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) نظرة شاملة على تأثير الرسوم الجمركية المرتفعة على التضخم، قبل اجتماعهم المزمع في 17 و18 يونيو لمراجعة السياسات النقدية.

ورغم الضغوط التي يمارسها الرئيس ترمب على الفيدرالي لتخفيض أسعار الفائدة بسرعة، أكد رئيس مجلس الاحتياطي جيروم باول أن البنك المركزي يمتلك الوقت الكافي لتقييم تأثير السياسات التجارية على الاقتصاد والتضخم وسوق العمل. ويواصل صناع السياسة النقدية التزام الصمت الإعلامي قبيل اجتماعهم.

على صعيد سوق العمل، ستخضع بيانات المطالبات الأسبوعية لإعانات البطالة لمزيد من التدقيق بحثاً عن مؤشرات توتر، حيث سجلت الطلبات الأسبوع الأخير من مايو أعلى مستوى منذ أكتوبر، رغم استمرار نمو الوظائف بوتيرة معتدلة وقوية كما أظهر تقرير الجمعة الماضية.

في كندا، من المتوقع أن تظهر أرقام مايو انخفاضاً حاداً في عدد السياح القادمين من الولايات المتحدة، كما يُتوقع تراجع مبيعات المصانع في أبريل بسبب تأثير الرسوم الجمركية على الصادرات، فيما ستكشف بيانات الربع الأول عن وضع دخل وثروة الأسر وسط تصعيد التوترات التجارية.

أما على الصعيد الدولي، فتُسلط الأضواء على مؤشرات التضخم في الصين والبرازيل، إلى جانب بيانات الأجور في المملكة المتحدة ومنطقة اليورو، وسط مراقبة دقيقة لتطورات الأسواق العالمية.

في آسيا، من المتوقع صدور بيانات تبين تباطؤ أسعار المستهلكين في الصين بنسبة 0.2% في مايو، وهو التراجع الرابع على التوالي، مع انخفاض أسعار الإنتاج إلى أدنى مستوياتها منذ نوفمبر 2023، ما يثير مخاوف من ضعف استجابة السياسات الحكومية لتعزيز الاستهلاك. كما يتوقع تباطؤ نمو الصادرات الصينية إلى 6%، خصوصاً مع تراجع الشحنات إلى الولايات المتحدة.

وفي اليابان، يُنتظر تحديث بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول مع توقع استمرار الانكماش الطفيف، بينما ستصدر أستراليا بيانات ثقة الشركات والمستهلكين، والهند ستعلن تقرير التضخم المتوقع أن يظهر تباطؤاً في مكاسب الأسعار لشهر مايو، ما يبرر قرار بنك الاحتياطي الهندي بخفض سعر الفائدة.

في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، تستحوذ بيانات الأجور في المملكة المتحدة على الاهتمام، مع توقعات بزيادة معدل البطالة قليلاً خلال الربع الأول من العام، إضافة إلى مراجعة الإنفاق الحكومي وتفاصيل استثمارات ضخمة في البنية التحتية من قبل وزيرة المالية راشيل ريفز، في محاولة لتعزيز النمو الاقتصادي.

وفي منطقة اليورو، ستصدر بيانات الإنتاج الصناعي والتجارة لشهر أبريل، في ظل تأثير الرسوم الجمركية على القطاعات الصناعية، إلى جانب نشر مؤشر تتبع الأجور من البنك المركزي الأوروبي، الذي يراقب ضغوط الأجور بعد قرار تخفيض أسعار الفائدة الأخير.

ومن دول الشمال الأوروبي، تصدر أرقام الناتج المحلي الإجمالي الشهري في السويد، إضافة إلى بيانات التضخم في النرويج والدنمارك.

بالنسبة لقرارات أسعار الفائدة، من المتوقع أن يخفض البنك المركزي الكيني تكاليف الاقتراض للمرة السادسة على التوالي، بينما من المرجح أن يبقي البنك المركزي الصربي أسعار الفائدة دون تغيير رغم اقتراب التضخم من الذروة.

في أمريكا اللاتينية، ستصدر تقارير أسعار المستهلكين لشهر مايو من أكبر خمس اقتصاديات في المنطقة، مع توقعات بتباطؤ التضخم في البرازيل وكولومبيا، واستمرار ارتفاعه فوق المستهدف في المكسيك، مع تفاوت في توقعات عودته إلى المستويات المستهدفة بين الدول المختلفة.

وفي الأرجنتين، رغم تراجع معدل التضخم السنوي من مستويات قياسية، يتوقع الخبراء استمرار تباطؤ التضخم الشهري، مع تحسن في أداء الاقتصاد الكولومبي الذي فاق التوقعات في مارس، رغم احتمال بعض التراجع في أبريل.

في المجمل، ترصد الأسواق العالمية عن كثب تداعيات الرسوم الجمركية الأميركية على التضخم والاقتصاد، وسط مراقبة دقيقة لبيانات الأسواق المختلفة قبل قرارات هامة من البنوك المركزية في الأسابيع القادمة.

للمزيد تابع

خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك