«التبعية الرقمية».. خطر يهدد الدول الفقيرة في سباق الذكاء الاصطناعي

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يتسع الفارق يوماً بعد يوم في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي، مع تركّز القوة الحاسوبية في أيدي عدد محدود من الدول، بينما تجد غالبية دول العالم نفسها على الهامش، محرومة من الموارد الأساسية لتطوير هذه التكنولوجيا الثورية، بحسب تقرير موسّع لصحيفة نيويورك تايمز.

وتُظهر المعطيات أن السيطرة على البنية التحتية الرقمية، وتحديدًا "قوة الحوسبة" الممثلة في مراكز البيانات العملاقة والشرائح الإلكترونية المتقدمة، لم تعد مسألة تقنية فحسب، بل أصبحت سلاحًا استراتيجيًا يُعيد تشكيل موازين القوى عالميًا.

ففي الوقت الذي يشيّد فيه الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، سام ألتمان، مركز بيانات هائل بقيمة 60 مليار دولار في ولاية تكساس، مدعوم بمحطة طاقة خاصة ويمتد على مساحة تتجاوز حديقة "سنترال بارك"، يكافح علماء من أمثال البروفيسور نيكولاس وولوفيك في الأرجنتين لتشغيل نماذجهم داخل غرف جامعية متواضعة بأجهزة متهالكة.

وتشير أرقام صادرة عن جامعة أكسفورد إلى أن 32 دولة فقط — أي ما يعادل 16% من دول العالم — تمتلك مراكز بيانات متقدمة خاصة بالذكاء الاصطناعي، تتركز معظمها في الولايات المتحدة (87 مركزًا)، تليها الصين (39 مركزًا)، ثم أوروبا الغربية. في المقابل، تفتقر أمريكا اللاتينية ومعظم الدول الإفريقية إلى الحد الأدنى من هذه البنية.

هذا التفاوت لا ينعكس فقط على حجم الابتكار، بل على هوية اللغات والثقافات الممثلة في أدوات الذكاء الاصطناعي، حيث تسيطر اللغتان الإنجليزية والصينية على أغلب النماذج المتاحة، بينما تتراجع اللغات الإفريقية والعربية وغيرها من اللغات "غير المدعومة" في غياب البنية الحاسوبية المحلية.

موارد نادرة.. واحتكار مركّز

في قلب الأزمة تكمن "وحدة معالجة الرسوميات" (GPU)، وهي الشريحة الإلكترونية التي تُعد العمود الفقري لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي. وتنتجها بشكل رئيسي شركة Nvidia الأمريكية، بأسعار باهظة وبكميات محدودة. وتشغيلها يتطلب بنية تحتية متقدمة من كهرباء مستقرة، وإنترنت فائق السرعة، وكوادر بشرية مدرّبة — وهي مقومات تعجز كثير من الدول النامية عن توفيرها.

في أفريقيا مثلًا، تضطر شركات ناشئة مثل Qhala في كينيا إلى استئجار ساعات حوسبة من مراكز بيانات خارجية، ما يرهق ميزانياتها ويحد من قدراتها. وتقول المؤسسة شيكو غيتاو: "إذا لم تكن لديك الموارد الحاسوبية، فأنت ببساطة خارج اللعبة".

ويصف الأكاديمي الأرجنتيني وولوفيك الوضع بالكارثي: "أفضل طلابنا يهاجرون. أحيانًا أفكر في البكاء، لكنني لا أستسلم. أواصل المطالبة بالمزيد من وحدات GPU".

الحوسبة.. سلاح جيوسياسي جديد

تشير مؤشرات عديدة إلى أن "قوة الحوسبة" باتت موردًا استراتيجيًا جديدًا لا يقل أهمية عن النفط. فالولايات المتحدة والصين تهيمنان على أكثر من 90% من مراكز الذكاء الاصطناعي، وتستخدمان هذه الهيمنة لتشكيل تحالفات وضبط إيقاع الابتكار حول العالم. وقد فرضت واشنطن قيودًا على تصدير الرقائق لبعض الدول، بينما تموّل بكين مشاريع ضخمة لتعزيز حضورها الرقمي في إفريقيا والشرق الأوسط.

وبدأت دول عديدة بالتحرك لاستعادة جزء من السيادة الرقمية. الهند أطلقت مبادرات لدعم الذكاء الاصطناعي بلغاتها المحلية، والبرازيل رصدت 4 مليارات دولار لهذا القطاع، أما الاتحاد الأوروبي فأعلن عن خطة استثمار بـ200 مليار يورو تشمل إنشاء مراكز بيانات جديدة.

وفي إفريقيا، تبرز مبادرات واعدة مثل مشروع شركة Cassava Technologies التي يقودها الملياردير الزيمبابوي سترايف ماسييوا، والهادفة إلى إنشاء خمسة مراكز بيانات متقدمة بتكلفة تصل إلى 500 مليون دولار. رغم ذلك، تُقر الشركة بأن هذه المراكز لن تغطي سوى 10% إلى 20% من الطلب في القارة.

حلول مؤقتة.. وأخطار طويلة الأمد

استئجار الحوسبة من الخارج يظل حلًا مكلفًا ومؤقتًا، يعرّض الدول لمخاطر متعددة من بينها التبعية التقنية، والتأثر بسياسات الدول المصدّرة، والقيود على حرية الابتكار. وتقول كيت كالو، مؤسسة شركة Amini الكينية: "من دون قوة حوسبة محلية، لا يمكنك بناء نماذجك ولا دخول المنافسة".

وفي هذا السياق، وصف براد سميث، رئيس شركة مايكروسوفت، بنية الذكاء الاصطناعي التحتية بأنها "شكل جديد من السيادة الوطنية"، مؤكدًا على التحديات الكبرى التي تواجه القارة الإفريقية في هذا المضمار، لا سيما فيما يتعلق بإمدادات الكهرباء.

من جانبها، أشارت شركة OpenAI إلى أنها تعمل على تكييف منتجاتها مع الاحتياجات واللغات المحلية، محذّرة من أن "فوائد الذكاء الاصطناعي قد لا توزّع بشكل عادل ما لم تُعالج هذه الفجوة".

للمزيد تابع

خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك

قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار الرياضية فى هذا المقال : «التبعية الرقمية».. خطر يهدد الدول الفقيرة في سباق الذكاء الاصطناعي, اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025 03:38 مساءً

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق