بحثت شقراء عن اسمٍ تخلِّده على مسرحها المصمِّم على طريقة المسارح الرومانية التاريخية، ليختار أهلها اسم «المسرح الروماني»، الذي يتَّسع لثلاثة آلاف متفرجٍ، ويقع على مساحة عشرة آلاف مترٍ مربعٍ، ليكون دلالةً على واقعه، وتحقيقًا لما صُمِّم عليه.
وكان من بين رجالات المحافظة وشخصياتها التاريخية حينها المهندس محمد بن سعد البواردي، الذي وقف على تصميم المسرح، وأسهم في دعمه حتى تم تشييده كتحفةٍ معماريةٍ، تربط الماضي بتقنيات الحاضر.
والبواردي، الرجل المولود في محافظة شقراء، والذي نمت أظافره بين جدرانها، و«خطَّ شنبه» في مزارعها، واشتدَّ ساعده خلال بنائه، كان من أوائل الداعمين للمسرح، والحاضرين لفعالياته، والمباركين لتصميمه واسمه الروماني.
وسخَّر المهندس محمد البواردي خبرته في دعم المسرح، ومحافظته بشكلٍ عامٍّ، وهو الذي درس الكهرباء وتقنياتها، وحصل على البكالوريوس من ألمانيا، وأتبعها بالماجستير من أمريكا، ليعود إلى الرياض، ويتنقَّل بين أعمالٍ ميدانيةٍ عدة، إذ سجل التاريخ أنه أول مهندسٍ سعودي يدير شركة كهرباء الناصرية، كما عمل في عددٍ من المشروعات التنموية بمدنٍ سعوديةٍ مختلفةٍ، وبدول الخليج العربي، من ذلك إشرافه على أكبر محطة تنقية مياهٍ في البحرين.
واختير البواردي عضوًا في مجلس الشورى، ومجلس منطقة الرياض، وعددٍ من الجمعيات ومجالس الأعمال، لكنَّ عشقه لمحافظته بقي يلازمه، وانتظر لحظة عودته إليها، وعندما تحقق ذلك، جعل لهذه العودة بصمةً حيث أسهم في تدشين مشروعاتٍ تنمويةٍ مهمةٍ في شقراء، وشارك في فعالياتٍ وأعمالٍ خيريةٍ كثيرةٍ، وحمل لواء إعادة التاريخ بوجهٍ ناصعٍ من خلال ترميم المباني والمساجد التاريخية في المنطقة.
كذلك اهتمَّ البواردي بالمسرح، وجعله مع أبنائه ضمن الملفات ذات الأولوية في المحافظة، وأشرف على كل تقنياته، وعمل على تطويره، فأضحى ضمن أهمِّ المسارح في السعودية، إذ احتضن حفلاتٍ وفعالياتٍ عدة، وسيستقبل الثلاثاء حفلة النجم رابح صقر في إطار الاحتفالات بعيد الفطر المبارك.
وفي اليوم الـ 15 من شهر فبراير الماضي، رحل البواردي، وهو في العقد السادس من عمره تاركًا خلفه رصيدًا من الإنجازات، ولمسة وفاءٍ لمحافظته من خلال المشروعات التي قدَّمها، فكان الردُّ بالمثل من قِبل أهالي المحافظة حيث استبدلوا اسم «المسرح الروماني» باسم مسرح المهندس محمد بن سعد البواردي.