في 2010، بينما كان الأرجنتيني ليونيل ميسي يصنع الروائع مع برشلونة على الملاعب الأوروبية تحت قيادة بيب جوارديولا، كان هناك فتى ياباني صغير يتألق في ملاعب شرق آسيا أيضًا، لكن بفئات الشباب والناشئين، حتى أطلق عليه لقب «ميسي اليابان» بسبب مهارته ومراوغاته وذكائه الفطري داخل الملعب.
لم يكن هذا الشاب الصغير سوى تاكيفوسا كوبو، الذي أصبح نجمًا الآن في ريال سوسيداد الإسباني، واللاعب الأهم في تشكيلة منتخب اليابان، أول المتأهلين إلى نهائيات كأس العالم 2026.
وبسبب مهارته الكبيرة، حصل كوبو على شهرة إضافية مع فريق ألبرسيمون، وهو نادٍ يوجد في منطقة كاواساكي، مسقط رأس اللاعب، قبل أن يلعب في صفوف فروناتلي عام 2010، وراقبه كشافو برشلونة عن قرب في ظل الشراكة بين أكاديمية الكاتالوني ومدارس الناشئين في اليابان، ليحصل على دعوة رسمية من أجل زيارة «لا ماسيا» الشهيرة في البرشا 2011.
وكما فعلوا مع ميسي، أعاد مسؤولو برشلونة الخطوات نفسها مع تاكيفوسا كوبا، الذي اجتاز الاختبارات سريعًا في لا ماسيا، وحصل على إشادة جميع المدربين، لينضم رسميًا إلى فريق الناشئين داخل النادي الأوروبي العريق، ويصبح أحد أفضل عناصره الشابة خلال أعوام قليلة.
وعلى طريقة المتنبي حين قال: «تجري الرياح بما لا تشتهي السُّفُنُ»، فإن النادي الكاتالوني واجه أزمة كبيرة مع الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» بشأن عدم قانونية التعاقدات مع اللاعبين الصغار تحت 18 عامًا، لذلك أُجبر النادي على التفريط في خدمات كوبو مجانًا، الذي لم يجد أي فرصة سوى العودة من جديد إلى بلاده اليابان، للانضمام إلى فريق شباب طوكيو.
وجاءت الصدمة الكبرى عام 2019، حين أتم كوبو 18 عامًا، وأصبح من حقه الانتقال إلى أي فريق في أوروبا، وحدث ما لا يتوقعه الكثيرون، إذ حاول برشلونة ضمه مرة أخرى بشكل رسمي وقانوني هذه المرة، إلا أن قرار كوبو كان مفاجئًا، حيث فضل الانتقال إلى الغريم ريال مدريد وخيانة البارشا، والتوقيع للنادي الملكي.
وعلى الرغم من أن كوبو وقع لريال مدريد منذ عام 2019، وظل على ذمة النادي حتى عام 2022، إلا أنه لم يشارك في أي مباراة رسمية مع الميرينجي طوال ثلاثة أعوام، ليكون أحد أغرب التعاقدات، التي أبرمها خلال الأعوام الأخيرة.
وفشل الياباني تمامًا في حجز مكان لنفسه في التشكيلة أو حتى الدكة، ليقضي أيامه مع ريال مدريد معارًا إلى أكثر من نادٍ آخر، إذ انتقل أولًا إلى صفوف ريال مايوركا بنظام الإعارة في موسم 2019ـ2020، ثم فريق فياريال موسم 2020ـ2021، وخيتافي بعد ذلك، ثم مايوركا من جديد، قبل أن يقرر الريال بيعه نهائيًا في صيف 2022 إلى ريال سوسيداد، مقابل نحو 6 ملايين يورو.
وإذا كان ميسي اليابان فشل مع الملكي، فإنه نجح سريعًا في الباسك برفقة ريال سوسيداد، ليصبح أحد أهم نجوم الفريق في المواسم الأخيرة، ويسجل 17 هدفًا مع صناعة 12 في 126 مباراة بجميع المسابقات، بين عامي 2022 و2025.
ونتيجة تألقه اللافت مع ريال سوسيداد، أصبح كوبو أحد أهم نجوم منتخب اليابان منذ عام 2022 وحتى الآن، إذ تحول من كونه مجرد لاعب صاعد أو عنصر بديل إلى لاعب أساسي في التشكيلة وقائد حقيقي داخل الملعب، ليسجل 5 أهداف، ويصنع 12 في 40 مباراة دولية برفقة الكمبيوتر الياباني دوليًا.
ويبقى تاكيفوسا كوبا مطالبًا بتحقيق لقب دولي مع منتخب اليابان، مع تقديم مستويات مشرفة في مونديال 2026، حتى يصبح بطلًا في أعين الجمهور الياباني، الذي ينتظر منه الكثير حتى يضعه في مصاف الكبار والأساطير، الذين صنعوا التاريخ، مثل إندو، وأوكازاكي، وناكاتا، وهوندا، وكاجاوا، وبقية النجوم القدامى.