نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
سلام والثنائي الشيعي يكسران الجليد: هدنة سياسية وشراكة ضرورية, اليوم الخميس 5 يونيو 2025 05:54 صباحاً
شهدت العلاقة بين رئيس الحكومة نواف سلام والثنائي الشيعي، المتمثل بحركة أمل وحزب الله، تطورًا لافتًا في الأيام الماضية، بعد فترة من الفتور والاشتباك السياسي الذي طبع المرحلة الأولى من عمر الحكومة. وقد شكلت زيارة سلام إلى رئيس مجلس النواب نبيه برّي في عين التينة نقطة تحوّل، أعادت بعض الدفء إلى خطوط التواصل، وأشّرت إلى رغبة في فتح صفحة جديدة من التفاهم.
الخلاف بين الطرفين لم يكن وليد اللحظة، بل بدأ قبل انطلاق الحكومة، عندما حصل شد حبال بين بري وسلام حول هوية الوزير الشيعي الخامس، ونذكر كيف كادت الحكومة تولد عندما زار بري بعبدا وفشلت المساعي بسبب تمسك سلام بإسم وزيرة شيعية.
بعدها استمرت الخلافات داخل الحكومة بعد ولادتها، وتحديدًا في ملف التعيينات، لا سيما تعيين حاكم مصرف لبنان، حيث ساد شعور لدى الثنائي بأنّ سلام يتجه إلى خيارات لا تأخذ برؤية رئيس الجمهورية.
أما الخلاف الأبرز، فتمثل بمواقف سلام المعلنة من سلاح حزب الله والعلاقة مع إيران، والتي حملت نبرة نقدية حادة، ما فُسّر كتصعيد سياسي غير مبرر من وجهة نظر حزب الله، خصوصاً أن الثنائي يعتقد أن رئيس الحكومة لم يحترم أولويات العمل الحكومي والتي يجب أن تكون منصبة على تحرير الأراضي اللبنانية ووقف اعتداءات اسرائيل وإطلاق ورشة إعادة الإعمار.
بحسب مصادر سياسية متابعة فإن أحد الملفات الحساسة التي ساهمت في توتير العلاقة، لم يكن ملف السلاح وتصريحات سلام، إنما كان تأخر الحكومة في إقرار خطة إعادة الإعمار، وتُشير المصادر إلى أن الثنائي خرج بانطباع سلبي عن عدم وجود جدية كافية في التعاطي مع هذا الاستحقاق.
في زيارات نواف سلام الخارجية عاد التصعيد إلى الواجهة، خاصة بعد تصريحات جديدة له بشأن إيران وسلاح المقاومة، بدت وكأنها تعيد النقاش إلى نقطة الصفر، ووسط هذا المناخ المشحون، جاء اللقاء الأخير بين سلام وبرّي كمبادرة لاحتواء التوتر.
تكشف المصادر أن بري من خلال عبارته: "بتسخّن منسخّن، بتبرّد منبرّد"، أراد التأكيد لسلام أن الثنائي لا يُريد توتير العلاقات معه بحال لم يرغب هو بذلك، وهذا ما تلقفه سلام الذي زار عين التينة لفتح صفحة جديدة، مشيرة إلى أنّ اللقاء شهد مصارحة حيال الملفات العالقة، لا سيما ملف الجنوب، وسلاح المقاومة، والانتهاكات الإسرائيلية، إضافة إلى إعادة الإعمار، حيث شدد برّي على ضرورة أن تبدأ الحكومة بوضع أسس العمليّة حتى لو كانت الاعتمادات غير متوفرة بعد.
لم يتأخر سلام من جهته لردّ التحية "الشيعيّة" بأفضل منها، فوجّه رسالة للنائب محمد رعد الذي لاقاها بمثلها، وبحسب المصادر فإن اللقاء بين حزب الله وسلام كان ودياً فالحزب كان ولا يزال حاضراً لمواصلة النقاش بهدوء حول القضايا الوطنية.
تؤكد المصادر أن الثنائي لا يرغب بتوتير العلاقات السياسية مع احد، لا سيما الرئاستين الأولى والثالثة، مشيرة إلى أن العلاقة مع الرئاسة الأولى أكثر من ممتازة، وهكذا يريدها مع سلام لكي تتمكن الحكومة من إنجاز ما عليها من استحقاقات، ويكون الموقف الرسمي اللبناني موحداً لمواجهة الضغوط الخارجية.
المشهد السياسي اللبناني شهد تحوّلًا واضحًا في دينامية العلاقة بين رئيس الحكومة والثنائي الشيعي. فبعد أشهر من التوتر والخلاف، جاءت المصارحة في عين التينة لتفتح نافذة تهدئة محتملة، إذا ما ترافقت مع خطوات عملية من الجانبين. سلام أدرك أن العزلة السياسية تُضعف حكومته، والثنائي من جانبه فضّل التهدئة لضمان استمرار العمل الحكومي في ظل ظروف داخلية وإقليمية دقيقة. الأيام المقبلة ستكون كفيلة بالكشف عن مدى صلابة هذا التحوّل، وما إذا كان موقتًا أم بداية لتوازن جديد داخل الحكومة.
0 تعليق