مصير "اليونيفيل" بين التسريبات والاعتداءات... ما الذي يُحاك لها؟!

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مصير "اليونيفيل" بين التسريبات والاعتداءات... ما الذي يُحاك لها؟!, اليوم الخميس 12 يونيو 2025 04:11 صباحاً

قبل أيام، خرج رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ في تصريح صحفيّ، يؤكد فيه أنّه مع ​قوات اليونيفيل​ في ​جنوب لبنان​، "ظالِمة أم مظلومة"، مشدّدًا على رفض الاحتكاكات الميدانية التي تحصل مع دورياتها في بعض بلدات الجنوب، ومحذّرًا من ارتكاب أخطاء "قد يستفيد منها الساعون إلى إنهاء مهمّتها في لبنان، أو ربما تعديل صلاحياتها"، في إشارة إلى إسرائيل التي قال إنها لا تريد بقاءها في الجنوب، "وهذا يكفي حتى نكون معها".

لعلّ بري كان "يستقرئ" من خلال تصريحه هذا، بعض "النوايا" التي ظهرت خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان، حين لم تكن "اليونيفيل" بمنأى عن الاعتداءات، بل طُلِب منها الانسحاب في بعض الأحيان، والتي تجلّت بوضوح أكبر في التسريبات التي صدرت في الأيام الأخيرة، من بوابة الإعلام الإسرائيلي تحديدًا في مفارقة لافتة، عن وجود "توجّه أميركي تدعمه إسرائيل" لعدم التجديد للقوات الدولية، مع انتهاء ولايتها في آب المقبل.

وبمعزل عن مدى "دقة" هذه التسريبات التي تبدو مثيرة للجدل، بين من رأى فيها "جسًا للنبض"، ومن اعتبرها "محاولة ضغط" لفرض رؤية جديدة لها على لبنان، فإنّ المفارقة "الأكبر" تتجلّى في أنّها، كتصريح بري، لم تترك تأثيرًا حقيقيًا على الأرض، إذ إنّ الاعتداءات على قوات اليونيفيل لم تتوقف، بل إنّ وتيرتها تصاعدت على الأرضبشكل لافت في الأيام الأخيرة، وهو ما دفع رئيس الجمهورية جوزاف عون مثلاً إلى القول إنّها "تخدم العدو".

ولعلّ الموقف نفسه صدر عن بري، بصورة أو بأخرى، خلال لقائه المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان حين تحدّث عن "مؤامرة تُحاك ضدّ القوّة الدولية للنيل منها ومن لبنان وجنوبه"، فما الذي يُحاك عمليًا لقوات اليونيفيل، وهل تسعى ​الولايات المتحدة​ ومعها إسرائيل فعلاً إلى إنهاء التفويض الممنوح لها، وهل تخدم "بيئة المقاومة" هذا التوجّه بشكل أو بآخر، بالاعتداءات التي تتكرّر على دوريّاتها، والتي تبدو "مفتعلة" في الكثير من الأحيان؟!.

في المبدأ، يقول العارفون إنّ لا مؤشّرات توحي بوجود "رابط حقيقي" بين الاعتداءات المتكرّرة على القوات الدوليّة، وبين التسريبات الإسرائيلية حول وجود رغبة بإنهاء التفويض الممنوح لها، ولو أنّه يوحي بوجود "تقاطع" لا يبدو في صالح "بيئة المقاومة"، حتى لو جاء تحت عنوان رفض هذه البيئة لتحرّك هذه القوات من دون التنسيق مع الجيش اللبناني، علمًا أنّ كلام بري عن دعمه لهذه القوات، "ظالِمة أم مظلومة"، لا يحتمل اللبس.

يقول العارفون إنّ رئيس مجلس النواب حين أطلق تصريحه هذا، ودعا إلى عدم المبالغة في ردّات الفعل، كان يدرك أنّ هناك "مؤامرة ما تُحاك"، ليس ضدّ قوات الطوارئ الدولية بحدّ ذاتها، بل ضدّ لبنان وجنوبه، خصوصًا مع اقتراب استحقاق التجديد لهذه القوات، علمًا أنّ هناك من يخشى أن يكون "البديل" عن هذه القوات، وصاية إسرائيلية على الجنوب، سواء بشكل مباشر، أو غير مباشر، من خلال لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية.

وإذا كان هناك من يعتقد أنّ التسريبات التي صدرت حول مصير "اليونيفيل" في الأيام الأخيرة، تبدو متناغمة مع نهج بات اللبنانيون معتادين عليه، بحيث تثار الضجّة كلّ عام في هذا التوقيت، لمحاولة فرض بعض التعديلات على المهام والصلاحيات، فإنّ ثمّة من يعتبر أنّ ثمّة عوامل ومؤشّرات عدّة تدفع إلى الاعتقاد بأنّ النيّة قد تكون جدّية أكثر من أي وقت مضى، خصوصًا في ضوء المتغيّرات التي حدثت في أعقاب الحرب الإسرائيلية الأخيرة.

بين هذه العوامل، ما يرتبط بنهج إدارة الرئيس دونالد ترامب، التي تعتمد "تقليص النفقات" شعارًا لها، والتي جمّدت الكثير من المشاريع والبرامج الأميركية التاريخية في المنطقة، فقط لأنّ ترامب الذي يعتبر كثيرون أنّه يحكم العالم بعقلية "رجل الأعمال"، لا يجد أنّ "عوائدها" تساوي ما يتمّ إنفاقه عليها، وبالتالي فهو قد يجد أنّ تمويل اليونيفيل، الذي تتحمّل الولايات المتحدة الجانب الأكبر منه، ليس مجديًا، ويجب بالتالي وقفه.

وثمّة من يرى أنّ موقف الولايات المتحدة يستند أيضًا، من جملة ما يستند إليه، في "إخفاق" هذه القوات، عن تحقيق الأهداف التي وُجدت من أجلها، والتي تكرّست بعد حرب تموز 2006، حين أريد منها أن تكون "ضمانة الاستقرار" في جنوب لبنان، وهو ما لم يحصل، بعدما فتح "​حزب الله​" جبهة الإسناد لغزة ضدّ إسرائيل من الجنوب، ما تسبّب بحرب دموية، حتى إنّ الاستقرار منذ حرب 2006، بقي نسبيًا، إذ خرقته العديد من المناوشات في أكثر من محطة.

في السياق نفسه، يرى كثيرون أنّ هذا الموقف "يخدم" إسرائيل، التي لا ترى في وجود قوات اليونيفيل مصلحة لها، على الأقلّ وفق القواعد المطروحة حاليًا، وهي تريد إمّا توسيع صلاحياتها وهوامشها، في جنوب وشمال الليطاني على حدّ سواء، أو تحويل مهامها إلى الجيش اللبناني مباشرة، بالتنسيق مع لجنة المراقبة، مع ما ينطوي على ذلك من "خطة ضمنية" بوضع الجيش في مواجهة مباشرة مع بيئة "حزب الله"، بما يخدم مصالحها بصورة مباشرة.

في مقابل الموقف الأميركي والإسرائيلي، يقول العارفون إنّ موقف لبنان الرسمي واضح لجهة التأكيد على أهمية استمرار قوات اليونيفيل بممارسة مهامها، على أكمل وجه، علمًا أنّ المعطيات تشير إلى أن لبنان بدأ الإعداد للرسالة التي سيوجّهها إلى مجلس الأمن على جري العادة، من أجل طلب التجديد لقوات الطوارئ الدولية، من أجل استكمال عملها، خصوصًا في هذه المرحلة الاستثنائية والدقيقة، حيث يفترض أنّ دورها أصبح أكثر أهمية من السابق.

ويشدّد العارفون على أنّ لبنان سيبدأ بالتوازي مع الرسالة، حملة ضغط من أجل إقناع الدول المعنيّة بأهمية التجديد للقوات الدولية، حتى تنضج الظروف التي تسمح للجيش اللبناني بتحمّل المسؤولية وحده، وهو ما لا يمكن أن يتمّ قبل الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي التي لا يزال يحتلّها في الجنوب، علمًا أنّ هذا الموقف صدر عن الناطق باسم اليونيفيل نفسه، حين قال إنّ هذا الاحتلال لا يساعد الجيش على استكمال انتشاره جنوبًا.

وإذا كان لبنان يستند في موقفه هذا إلى "دعم فرنسي" تبلّغه من المسؤولين الفرنسيّين، وآخرهم الموفد الرئاسي جان إيف لودريان، فإنّه يخشى من فخّ "​الفيتو الأميركي​" الذي قد يكون "قاضيًا"، "فيتو" ثمّة من يرى أنّ اعتداءات "جمهور المقاومة" على القوات الدولية، قد تشكّل "دافعًا" لتعزيزه، باعتبار أنّ هذه القوات في خطر ولا تستطيع أداء عملها، وهو ما يحوّل السؤال الإشكالي، إلى أكثر من "مشروع"، فهل يخدم أهل الجنوب عدوّهم الأول، من حيث لا يقصدون؟!.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق