معجزة الأبوة.. سلحفاة تنجب في عامها الـ135 بحديقة ميامي

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
معجزة الأبوة.. سلحفاة تنجب في عامها الـ135 بحديقة ميامي, اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025 04:15 مساءً

تحت أشجار النخيل المترامية في حديقة حيوان ميامي، تحول صباح الثلاثاء 17 يونيو 2025 إلى احتفالية تاريخية تجسدت في سلحفاة عملاقة تدعى "جالوت" احتفلت بعيد ميلادها الـ135 بينما استقبلت أول فرخ لها بعد انتظار دام أكثر من قرن.
المشهد المؤثر جمع بين دموع العاملين في الحديقة ودهشة الزائرين، حيث رأى الفرخ الصغير النور في اليوم ذاته الذي احتفل فيه والده بذكرى ميلاده، ليكتب فصلاً جديداً في جهود إنقاذ أحد أقدم الكائنات الحية على كوكب الأرض.  

216.webp


آلاف السلاحف في سفن البحارة كمصدر للحوم الطازجة


تعود جذور القصة إلى أرخبيل جالاباجوس النائي قبالة سواحل الإكوادور، حيث فقس "جالوت" - وهو ذكر من سلاحف جالاباجوس  (Chelonoidis nigra) - بين عامي 1885 و1890 في جزيرة سانتا كروز. شهدت طفولته حقبة مظلمة من التاريخ البشري عندما جُمعت آلاف السلاحف في سفن البحارة كمصدر للحوم الطازجة.
لكن جالوت نجا من هذا المصير لينتقل إلى حديقة حيوان برونكس في نيويورك عام 1929، ثم استقر في ميامي عام 1981 حيث قضى معظم حياته. على مدى عقود، حاول جالوت التزاوج مع عدة إناث دون نجاح، حتى جاءت اللحظة الحاسمة في يناير 2024 عندما تزاوج مع رفيقته "سويت بيا" التي يقدر عمرها بين 85 و100 عام.  


رعاية مكثفة في حاضنة خاصة


التحق الفرخ الأول بالحياة عند الساعة 5:47 صباحاً يوم 4 يونيو 2025، مفقساً من إحدى البيضات الثماني التي وضعت في 27 يناير الماضي. تقول الدكتورة ليلى عبد الرحمن، رئيسة قسم الزواحف في الحديقة: "رصدت أجهزة الاستشعار نبضاً داخل البيضة قبل أسبوع من الفقس.

 لكن مشهد خروج الفرخ الصغير الذي لا يتجاوز وزنه 85 جراماً كان لحظة تاريخية للعلم والحفظ البيئي". يخضع الفرخ الآن لرعاية مكثفة في حاضنة خاصة تحاكي ظروف جزر جالاباجوس، بينما لا تزال سبع بيضات أخرى تحت المراقبة مع آمال تفقيسها خلال الأسابيع القادمة.  

767eb11fd7.jpg


أطول الفقاريات عمراً على الأرض


تعد سلاحف جالاباجوس من أطول الفقاريات عمراً على الأرض، حيث يمكنها العيش لأكثر من 150 عاماً، وهو ما يرجع إلى عمليات الأيض البطيئة وقدرة خلاياها الفريدة على إصلاح تلف الحمض النووي وفق دراسات جامعة ييل. 
لكن هذه القدرة الاستثنائية على البقاء تواجه تحديات وجودية، حيث انخفضت أعدادها من 250,000 في القرن السادس عشر إلى 15,000 سلحفاة فقط اليوم حسب تصنيف الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة. تعود أسباب هذا الانخفاض إلى عوامل متعددة بدأت بالصيد الجائر الذي قضى على 200,000 سلحفاة خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.

a8b83c5525.jpg


توالت التهديدات الحديثة مثل الأنواع الدخيلة التي أدخلها البشر إلى الجزر حيث تقضي الفئران على 90% من بيض السلاحف، وتغير المناخ الذي يغمر مواقع التعشيش الساحلية بارتفاع منسوب مياه البحر، بالإضافة إلى تفتت الموائل الطبيعية حيث تحولت 50% من أراضي الجزر إلى مزارع ومناطق سكنية.  


ولادة جالوت حدث بيئي استثنائي


تقع جزر جالاباجوس على بعد 1000 كيلومتر غرب سواحل الإكوادور في المحيط الهادئ، وتعد نموذجاً فريداً للتطور البيولوجي حيث طورت السلاحف العملاقة 15 نوعاً متميزاً تختلف في شكل القوقعة وطول الرقبة حسب بيئة كل جزيرة.
أما النظام البيئي الفريد للجزر الذي وصفه داروين بأنه "مختبر التطور الحي" يواجه اليوم تحديات غير مسبوقة، مما يجعل ولادة فرخ جالوت حدثاً بيئياً استثنائياً.  
طائرات مسيرة توزع طعوما خاصة
جهود الحفظ التي توجت بهذا النجاح بدأت بشكل جاد عام 1959 بإنشاء متنزه جالاباجوس الوطني، وتطورت لاحقاً لتصبح نموذجاً عالمياً في الحفاظ على الأنواع المهددة. 

شملت هذه الجهود القضاء على الجرذان في 25 جزيرة باستخدام طائرات مسيرة توزع طعوماً خاصة، وإعادة توطين 10,000 سلحفاة إلى البرية منذ عام 1965، وإنشاء بنك جيني يحفظ 12,000 عينة وراثية لضمان التنوع البيولوجي. في حديقة ميامي، اعتمد الفريق العلمي على تقنيات متطورة مثل الحاضنات الذكية التي ترصد نبض الأجنة عن بعد، وأجهزة محاكاة ضوئية تحاكي بدقة شروق الشمس في خط الاستواء، وأنظمة مراقبة لدرجة الحرارة والرطوبة تصل دقتها إلى 0.1 درجة مئوية. 

عندما مد جالوت رقبته المجعّدة نحو حاضنة فرخه لأول مرة، بدا وكأنه يلخص برمزية عميقة معنى الصبر والأمل.


هذه اللحظة التاريخية تذكرنا بأن العالم يفقد 150 نوعاً يومياً وفق تقارير الأمم المتحدة، لكنها تثبت أيضاً أن الإرادة البشرية والعلم يمكنهما عكس مسار الانقراض. كما علق البروفيسور خالد سمير، خبير البيولوجيا التطورية: "هذا الفرخ يحمل في جيناته ذاكرة حية لعصر لم يعد له وجود، وهو الآن جسر حي بين قرنين من الزمان"، بينما تقدم  قصة جالوت الطويلة - من صباه في جزر جالاباجوس إلى أبوته المتأخرة في فلوريدا -  درساً للإنسانية: أن المعجزات لا تحدث بالصدفة، بل بصبر العلماء وإصرارهم.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق