رسوم مسيئة للنبي محمد ﷺ. تشعل الغضب في شوارع إسطنبول.. القصة الكاملة

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
رسوم مسيئة للنبي محمد ﷺ. تشعل الغضب في شوارع إسطنبول.. القصة الكاملة, اليوم الثلاثاء 1 يوليو 2025 08:32 مساءً

مساء أمس الاثنين ، اشتعلت شوارع إسطنبول بأحداث صاخبة بعد نشر رسم كاريكاتيري في مجلة "ليمان" التركية الساخرة، اعتبره كثيرون مسيئًا للنبي محمد ﷺ. وسرعان ما تحوّلت الاحتجاجات الغاضبة التي خرجت في وسط المدينة إلى مواجهات مباشرة مع قوات الأمن، التي ردّت باستخدام الرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين.

قصة الرسم المسئ

جذور الأزمة تعود إلى رسم أبيض وأسود يُظهر مشهدًا لقصف، وفي سماء اللوحة يظهر رجلان بجناحين يتصافحان، يقول أحدهما: "السلام عليكم، أنا محمد"، فيجيبه الآخر: "وعليكم السلام، أنا موسى". وقد فسّر العديد من النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي هذا العمل الفني بأنه يجسّد النبي محمد ﷺ، الأمر الذي أثار حفيظة قطاعات واسعة من المسلمين في تركيا وخارجها.

اعتقال رئيس التحرير والرسام

بناءً على أوامر من المدعي العام في إسطنبول، أصدرت السلطات مذكرات توقيف بحق أربعة من العاملين في المجلة، من بينهم رسام الكاريكاتور، ورئيس التحرير، ومدير المجلة، ومصمم الغرافيك. وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، لم يتأخر في الإعلان عن هذه الإجراءات، بل نشر مقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي توثق لحظات اعتقال المشتبه بهم من منازلهم، بعضهم وهم حفاة في مشهد بدا مقصودًا لإظهار الحزم.

وقال يرلي كايا عبر منصة "إكس": "لقد تم القبض على المدعو د.ب، الذي رسم هذا الرسم الكاريكاتيري المنحط واحتجازه"، مؤكداً أن المتهمين "سيُقدَّمون إلى العدالة". وترافق هذا التصعيد مع بيان لمكتب الادعاء العام أعلن فيه عن فتح تحقيق رسمي في "نشر محتوى يسيء صراحة إلى القيم الدينية".

300 متظاهر يتصادمون مع قوات الأمن

تطور الموقف ميدانيًا حين تجمّع العشرات أمام حانة في إسطنبول يُعرف أنها من أماكن التردد المعتادة لطاقم مجلة "ليمان". وتحوّل هذا الاحتشاد سريعًا إلى صدامات مع قوات الأمن، التي قدّرت أعداد المتظاهرين بنحو 250 إلى 300 شخص. وتداولت وسائل إعلام محلية ودولية مشاهد للاشتباكات، وسط حالة من الغضب الشعبي المختلط بالتأويلات الدينية والسياسية.

رئيس التحرير يفسر الرسم المتداول على طريقته

رئيس تحرير المجلة، تونجاي أكغون، دافع عن محتوى الرسم قائلاً إن التفسير المتداول له خاطئ تمامًا، مؤكدًا أن الاسم "محمد" في الرسم يعود إلى شخصية خيالية لرجل مسلم قُتل في قصف إسرائيلي، وليس تمثيلًا للنبي. 
وأضاف: "هناك أكثر من 200 مليون مسلم حول العالم يحملون اسم محمد، ولا علاقة لهذا الرسم بالنبي محمد. ما كنا لنخاطر بمثل هذا الفعل أبدًا".

المجلة نفسها حاولت الدفاع عن موقفها، ونشرت عبر حساباتها الرسمية بيانًا أكدت فيه أن الرسم فُسّر "بخبث"، مشيرة إلى أن هدفه كان تسليط الضوء على معاناة المسلمين المضطهدين، لا السخرية من الدين. وقالت: "لا يوجد في الرسم تمثيل للنبي محمد. نأسف إذا ما تسبب سوء الفهم في إيذاء مشاعر البعض، لكننا نرفض هذه الوصمة".

هجوم حكومي على المجلة

من جهته، أدان وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، ما وصفه بـ"الهجوم اللاأخلاقي والمستفز على نبينا صلى الله عليه وسلم"، مؤكدًا أن "مرتكبي جريمة الكراهية هذه سيحاسبون أمام العدالة"، ومشدّدًا على التزام الحكومة بمكافحة ما أسماه بـ"العقليات التي تحاول إثارة العداء للإسلام والمسلمين".
تصريحات مماثلة صدرت عن وزير العدل التركي، يلماظ تونج، الذي أكد فتح تحقيق رسمي بتهمة "إهانة القيم الدينية علنًا"، مشيرًا إلى أن "أي تمثيل بصري للنبي لا يقوّض قيمنا الدينية فحسب، بل يهدد السلم الاجتماعي".

فيما شدّد محافظ إسطنبول داود غول على رفضه لما وصفه بـ"العقلية التي تسعى إلى استفزاز المجتمع من خلال مهاجمة القيم المقدسة"، مؤكدًا أن السلطات "لن تصمت أمام أي عمل حقير يستهدف عقيدة الأمة".

ولا تعد هذه الحادثة الأولى التي تُستهدف فيها مجلة "ليمان"، التي تأسست عام 1991، إذ لطالما كانت عرضة لهجوم المحافظين في تركيا، خصوصًا بعد دعمها العلني لمجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية المثيرة للجدل، التي كانت بدورها ضحية هجوم إرهابي عام 2015 عقب نشرها لرسوم كاريكاتورية للنبي محمد ﷺ.
الأحداث الأخيرة في إسطنبول تعيدنا إلى الأزمات التي اندلعت في دول عدة خلال السنوات الماضية، كان محورها الرئيسي نشر رسوم كاريكاتورية تُصوّر النبي محمد ﷺ، وأثارت موجات متكررة من الغضب والاحتجاج في العالم الإسلامي، وتسببت في توترات دبلوماسية وسياسية عابرة للحدود.

الدنمارك.. بداية الشرارة


في عام 2005، نشرت صحيفة "يولاندس بوستن" الدنماركية 12 رسمًا كاريكاتوريًا للنبي محمد، في إطار ما قالت إنه نقاش حول حرية التعبير، و أثارت هذه الرسوم حينها غضبًا واسعًا في العالم الإسلامي، وتبعها موجة احتجاجات عنيفة في عدد من الدول، طالت السفارات الدنماركية، وتسببت في مقاطعة اقتصادية واسعة للمنتجات الدنماركية. واعتُبر ذلك الحدث نقطة تحوّل في العلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي حول حدود السخرية من الرموز الدينية.

فرنسا.. شارلي إيبدو

في يناير 2015، شهدت العاصمة الفرنسية باريس هجومًا داميًا على مكاتب صحيفة "شارلي إيبدو" الساخرة، التي كانت قد أعادت نشر الرسوم الدنماركية، وأتبعتها برسوم جديدة استفزت مشاعر المسلمين. أسفر الهجوم عن مقتل 12 شخصًا، بينهم أشهر رسامي الصحيفة. الهجوم تبنّاه متطرفون ينتمون لتنظيم "القاعدة"، واعتبروه ردًّا على "الإساءة للنبي".

و كررت الصحيفة لاحقًا نشر رسوم مشابهة، في مناسبات مرتبطة بمحاكمات المتهمين أو الذكرى السنوية للهجوم، معتبرة ذلك "تحديًا لرقابة المتطرفين"، ما أجّج مشاعر الغضب مجددًا في أنحاء عديدة من العالم الإسلامي. وردًا على ذلك، خرجت مظاهرات ضخمة في العديد من العواصم، وقُتل أستاذ فرنسي، صامويل باتي، في أكتوبر 2020 بعد عرضه رسومًا من "شارلي إيبدو" في درس عن حرية التعبير، مما أعاد النقاش إلى نقطة الصفر.

الرد الإيراني

في سياق ردودها الصارمة على ما تعتبره إساءة للنبي محمد ﷺ، أقدمت السلطات الإيرانية في مايو 2023 على تنفيذ حكم الإعدام بحق شخصين أدينا بنشر محتوى عبر وسائل التواصل الاجتماعي اعتُبر "مسيئًا للمقدسات الإسلامية"، وعلى رأسها النبي محمد. 
وذكرت وكالة القضاء الإيرانية "ميزان" أن المتهمين، وهما يوسف مهرداد وصدر الله فاضلي زاره، أدينا بتهم "ازدراء الدين الإسلامي، وإهانة النبي، وتشكيل مجموعات معادية للإسلام على الإنترنت". 
وقد أثار الحكم موجة انتقادات من منظمات حقوقية دولية، التي اعتبرت أن الإعدام "عقوبة قاسية وغير متناسبة مع حرية التعبير"، فيما دافعت إيران عن قرارها باعتباره "تطبيقًا صارمًا لأحكام الشريعة" ضد من "يتجاوزون الخطوط الحمراء العقائدية في المجتمع الإسلامي". 
 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق