حتماً وقع خبر زيادة الرسوم الأميركية كالصاعقة على أغلب دول العالم، كما وعلى الأميركيين أنفسهم، فسياسة الرئيس دونالد ترامب غير الواضحة، أو ربما غير "مفهومة"، ستؤثر على علاقة بلاده مع بقية دول العالم، كما وعلى الأميركيين... وعلى حدّ قول الخبراء ترامب، على المدى الطويل، بقراره هذا يخدم خصومه، خصوصاً العالميين والصين أبرزهم. فكيف ذلك؟.

بداية وقبل الغوص في هذه النقطة، يجب التطرق إلى موضوع التأثيرات المحتملة لقرار زيادة الرسوم الجمركية، التي ستترجم، بحسب الخبير الاقتصادي ميشال فياض، بزيادة الأسعار على المستهلكين وتقليل أرباح الشركات، بما في ذلك الشركات الأميركية التي تزود بالمعدات الأجنبية، والتضخم، واسترداد الإمكانات المالية، وهي أكثر أهمية من التكاليف الاقتصادية، التجارة، خاصة من جانب الأوروبيين والكنديين والمكسيكيين والصينيين، والتوترات الدبلوماسية، والشكوك بشأن الأسواق المالية الدولية. هذا ما يؤكده أيضا الخبير الاقتصادي فرنسوا باشا، الذي يشير بدوره إلى أن "التعريفات الجمركية تؤثر بشكل عالمي على انخفاض الإنتاج الضخم، كما أنها تذهب بالعالم نحو "العزلة" الاقتصاديّة، بعد أن كان في السابق يعتمد بشكل كبير على العولمة".

ولقرار ترامب برفع الرسوم الجمركية تأثير على الدولار. وهنا يشرح باشا أنه "سيؤدي إلى تراجع قيمة العملة الخضراء، وإلى انخفاض الاستهلاك العالمي وإلى زيادة التضخم في أميركا، كما أن هذه السياسة ستقلل من النمو الاقتصادي، وستزيد من الفقر في الولايات المتحدة". أما فياض فيرى أن "الرسوم الجمركية تحمي العمالة الأميركية، إذ ان الرسوم الجمركية على الفولاذ والألمنيوم تولد فرص عمل في هذه القطاعات، على سبيل المثال، في صناعة الحديد في مينيسوتا، ولكنها تزيد أيضاً من تكاليف الصناعات المعتمدة، مثل تصنيع الآلات الزراعية"، لافتاً إلى أنه "يمكن أن تؤدي عمليات إعادة التوريد الأجنبية إلى تقليل الصادرات الأميركية، مما يؤثر على قطاعات الزراعة (27 مليار دولار من الخسائر بين عامي 2018 و2019 من وزارة الزراعة)".

ويعود باشا ليشير إلى أن "ترامب يستخدم قضية رفع الرسوم الجمركية، ليحصل على "امتيازات" أو "مكاسب" من خصومه، مثل الصين وروسيا وغيرهما، حيث يعتبر أن مثل القرار الذي اتخذه يمكن أن يقلل الضرائب وخصوصاً تلك التي على الثروات، وعملياً هذه الضرائب يدفعها الفقراء وليس الاغنياء في الولايات المتحدة". ويلفت إلى أن "الاستيراد، الذي يتراوح ما بين 780 إلى 1000 مليار، سوف يقلل من إيرادات الثروة على المدى الطويل، وإذا استمر في تقليل إنتاج معين في دولة واحدة، ستنخفض إيرادات الضرائب وسيصبح هناك على المدى الطويل مشكلة في الاقتصاد الأميركي لناحية التمويل".

في المحصّلة، القرار الذي إتخذه ترامب برفع الرسوم الجمركية، حتماً سيزيد من التضخم في أميركا، وبنفس الوقت سيؤثر على الأميركيين لناحية زيادة البطالة والفقر... فهل ستستفيد الصين وغيرها من تداعيات القرارات التي يتخذها ترامب؟.

​​​​​