ضغوط الأسواق تجبر ترامب على تعليق الرسوم الجمركية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ضغوط الأسواق تجبر ترامب على تعليق الرسوم الجمركية, اليوم السبت 12 أبريل 2025 02:23 صباحاً

لم يصمد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمام الضغوط التي تعرض لها خلال أسبوع حافل بالتوترات، فبعد أن أعلن ما وصفه بـ«يوم التحرير» الثالث في سياق حربه التجارية، وجد نفسه مضطراً لإعادة النظر في نهجه، بعدما بدت نتائج قراراته وكأنها تدفع الولايات المتحدة ومعها الاقتصاد العالمي، نحو شفا كساد اقتصادي.

وجاءت الشرارة الأولى من سوق السندات الأميركية، حيث شهدت الأسعار هبوطاً حاداً، تبعه انخفاض في مؤشرات الأسهم، وسط تحذيرات وانتقادات من مستثمرين كبار وقادة أعمال، الأمر الذي وضع ترامب تحت ضغط هائل وأدى به إلى التراجع عن الرسوم الجمركية قبل الموعد الذي كان متوقعاً.

وأعلن ترامب، الأربعاء الماضي، تعليقاً جزئياً للرسوم الجمركية، مستثنياً الصين من هذه الخطوة، لكنه صعّد في المقابل إجراءاته ضد بكين، ما أضعف من موقفه التفاوضي، وهو عكس ما كان يسعى إليه.

وعلى الرغم من محاولات مساعديه تقديم الأمر كجزء من خطة مدروسة في محاولتهم لحفظ ماء الوجه، إلا أن ترامب أقر بأنه اتخذ القرار بعد بضعة أيام من التفكير، مشيراً إلى أن ردّة فعل الأسواق كانت عاملاً حاسماً في هذا التغيير.

وقال في لقاء غير رسمي مع سائقي سيارات السباق في البيت الأبيض: «ربما اتضحت لي الأمور مبكراً هذا الصباح (صباح الأربعاء الماضي)»، مضيفاً: «خلال الأيام الماضية، بدا الوضع قاتماً.. ظننت أن الناس يبالغون، لكنهم كانوا خائفين فعلاً».

مخاوف

وحتى يوم الثلاثاء الماضي، بدا ترامب واثقاً وسعيداً لأن دولاً عدة بدأت تطلب التفاوض وتقدم تنازلات، وقال ساخراً خلال عشاء مع عدد من أعضاء الكونغرس الجمهوريين: «هذه الدول كانت تتصل بي وتتوسل، وأنا أعرف ما أفعله».

لكنه تجاهل في البداية تقلبات الأسواق، معتقداً أن العالم سيخضع لمطالبه، إلا أن خطته لم تمضِ كما كان يتصور.

وانتشرت المخاوف خلال الأيام الأخيرة في سوق السندات، مع تعمق الخسائر يوم الأربعاء عندما طالت سندات الخزينة الأميركية التي تعتبر عادة خالية من المخاطر، وملاذاً آمناً في أوقات الاضطرابات، حيث تعرضت لعمليات بيع مكثفة وسط الفوضى التي أثارتها قرارات ترامب حتى إن الدولار بات يتم تداوله عند مستويات منخفضة.

وتزايدت المخاوف من أن المستثمرين الأجانب، خصوصاً الصين، كانوا يُقللون من حيازاتهم للسندات الأميركية.

ومع وجود تريليونات من الديون الأميركية قيد إعادة التمويل، أثار هذا التحول، وهو انتكاسة غير متوقعة، مخاوف من أزمة مالية، ما دفع وزير الخزانة الأميركية السابق، لاري سامرز، إلى التحذير من أن ترامب قد يكون المسؤول المباشر عن إشعال شرارة الأزمة، في حين حذر المستثمر المعروف بيل أكمان من «شتاء اقتصادي نووي»، مشيراً إلى أن سياسة ترامب قد تقود نحو ركود حاد.

تحذيرات

وزادت تحذيرات قادة الشركات الكبرى من الضغوط على ترامب، حيث قال الرئيس التنفيذي لشركة «خطوط دلتا الجوية» إيد باستن، إن الشركة كانت تستعد لمواجهة الكساد، فيما قال رئيس مجلس إدارة بنك «جي بي مورغان» وهو أكبر بنك في الولايات المتحدة، جيمي ديمون، إنه يتفهم دوافع ترامب، لكنه شدد على ضرورة التفاوض بدلاً من التصعيد، محذراً هو الآخر من مخاطر كساد.

وأضاف ديمون في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز»، والتي اعترف ترامب لاحقاً بمشاهدتها: «اتخذ موقفاً هادئاً، لكن أعتقد أن الأمور قد تسوء إذا لم نحرز بعض التقدم».

طمأنة الأسواق

وعندها واجه ترامب بصورة مباشرة السؤال المتعلق بالاضطرابات التي تجتاح الأسواق. وأقر قائلاً: «كان الناس يشعرون ببعض القلق، سوق السندات معقد للغاية، وكنت أراقبه، لكن إذا نظرت إليه الآن، فهو رائع»، بعد تعليق الرسوم الجمركية لمدة 90 يوماً.

وفي محاولة لطمأنة الأسواق، كتب ترامب، على وسائل التواصل الاجتماعي: «بناءً على حقيقة أن أكثر من 75 دولة دعت للتفاوض، وأن هذه الدول لم تقم، بناءً على اقتراحي القوي، بالرد بأي شكل من الأشكال على الولايات المتحدة، فقد أذنتُ بوقف مؤقت لمدة 90 يوماً، لكن الرسوم الجمركية المتبادلة بنسبة 10% ستبقى سارية المفعول».

وتم الإعلان عن هذه الخطوة بعد اجتماعات مع كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، بينهم وزير الخزانة، سكوت بسنت، ووزير التجارة هوارد لوتنيك.

وأوضح ترامب لاحقاً: «لم نستعن بمحامين.. كتبنا القرار من القلب. أليس هذا جيداً؟ أعتقد أنه كان مكتوباً بشكل جيد أيضاً».

وكان لخطوة الرئيس الأميركي أثر فوري، إذ ارتفعت مؤشرات الأسهم الأميركية بقوة، حيث صعد مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 9.5%، وقفز «ناسداك» بنسبة 12%، فيما حققت شركة «نفيديا» أرباحاً قياسية بقيمة 440 مليار دولار في يوم واحد، تعد أكبر مكسب في القيمة السوقية بتاريخ الشركات الأميركية.

هدنة جزئية

لكن رغم هذه الهدنة الجزئية، صعّد ترامب إجراءاته ضد الصين، رافعاً الرسوم إلى 145% كرد فعل على تحركات بكين الأخيرة، وبإضافة رسوم شاملة بنسبة 10%، واستمرار الرسوم المفروضة على الصلب والألمنيوم والسيارات، أصبحت الحزمة الجمركية الحالية الأوسع نطاقاً منذ أكثر من قرن، ما قد يؤدي إلى تباطؤ النمو وزيادة التضخم رغم التفاعل الإيجابي الأولي من السوق.

وأدى اعتراف ترامب بأن الأسواق هي ما دفعه لتغيير موقفه، إلى إحراج بعض مساعديه، مثل المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، التي حاولت الدفاع عن القرار بقولها إن الصحافة «فشلت في فهم فن عقد الصفقات»، فيما قال وزير الخزانة: «ما حدث كان استراتيجية ترامب منذ البداية»، على الرغم من أنه كان من بين من حثّوا على تصحيح المسار.

أما نائب رئيس الأركان، ستيفن ميلر فذهب بعيداً حين وصف ما حدث بأنه «أعظم استراتيجية اقتصادية عبقرية لرئيس أميركي في التاريخ»، وفق ما نشره على منصة «إكس».

مفاوضات

وتنطلق حالياً فترة مفاوضات تمتد ثلاثة أشهر، لكن يبقى السؤال مطروحاً: هل كان هدف ترامب الحصول على تنازلات سريعة أم أن الأمر جزء من خطة طويلة المدى لإعادة توطين الصناعة الأميركية؟

حتى اللحظة لا هذا ولا ذاك قد تحقق، وترامب تراجع عن معظم تعريفاته دون أن يحصل على مقابل واضح، ما أضعف موقفه التفاوضي.

وبات من الواضح أن الولايات المتحدة لا تستطيع تحمل إعلان حرب تجارية على العالم بأسره دفعة واحدة.

وطرح ترامب حتى الآن إمكانية منح إعفاءات للشركات الأكثر تضرراً من التعريفات الجمركية. وعندما سئل الأربعاء الماضي عن ذلك، قال: «سننظر في الأمر، هناك بعض الشركات التي بحكم طبيعتها ستتضرر أكثر، وسننظر في ذلك».

وعندما سئل كيف سيحدد أي الشركات التي ربما تتلقى مثل هذه الإعفاءات، رد ترامب بالقول: «سأعتمد على الحدس»، مضيفاً: «لا يمكنك التعامل مع الأمر بالورقة والقلم. يجب أن تتحلى بالمرونة. وأحياناً عليك أن تتبع غريزتك».

يشار إلى أن كل ذلك جاء بعد أيام قليلة فقط من تأكيد ترامب السابق أن «سياسته لن تتغير». عن «إل باييس»


استجابة مؤقتة

ترامب خفف من حدة التوتر على الصعيد العالمي لكنه زاد من التصعيد ضد الصين. رويترز

يرى محللون أن استجابة الأسواق لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تعليق الرسوم الجمركية، قد تكون مؤقتة، وربما مبنية على تفاؤل أكثر من كونها معطيات اقتصادية راسخة، فالهدنة المعلنة لاتزال قصيرة الأجل (90 يوماً)، ولم تتضمن حلولاً جوهرية للنزاعات التجارية القائمة، كما أن التصعيد المستمر ضد الصين لايزال يمثل تهديداً على الاستقرار التجاري العالمي.

كذلك فإن التقلبات التي سبقت إعلان القرار، خصوصاً في سوق السندات، تشير إلى هشاشة الوضع المالي، إذ إن ارتفاع العوائد على سندات الخزانة الأميركية طويلة الأجل يُعد مؤشراً على تراجع الثقة، لاسيما في ظل تخلي بعض المستثمرين الدوليين، وعلى رأسهم الصين، عن حيازاتهم من هذه السندات.

أما على صعيد الدولار الأميركي، فقد سجل انخفاضاً ملحوظاً في ظل الارتباك السياسي، وهو ما قد يشير إلى قلق متزايد من فقدان العملة الأميركية لوضعها المهيمن في حال استمرار سياسة الرسوم العدائية. وبينما ارتفعت الأسهم، ظلّت أسعار السلع الأولية، مثل النفط والمعادن، متذبذبة، في إشارة إلى استمرار عدم اليقين بشأن مستقبل التجارة العالمية ونمو الطلب.

. اعتراف الرئيس الأميركي بأن الأسواق هي ما دفعه لتغيير موقفه، أدى إلى إحراج بعض مساعديه.

. ترامب وجد نفسه مضطراً لإعادة النظر في نهجه بعدما بدت نتائج قراراته وكأنها تدفع أميركا والاقتصاد العالمي نحو الكساد.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق