في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة وصعود التوترات الإقليمية، تواصل إيران وروسيا تعزيز شراكتهما الاستراتيجية على مختلف المستويات، وسط توافق لافت في الملفات الحساسة، بدءًا من البرنامج النووي الإيراني ووصولًا إلى موقف البلدين من الأزمات العالمية، وعلى رأسها الحرب على غزة والعدوان الأمريكي في اليمن. 
الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى موسكو، شكلت خطوة جديدة في مسار تعميق العلاقات بين طهران وموسكو، ورسالة سياسية موجهة للغرب مفادها: التحالفات تُصنع على الأرض، لا على طاولات التفاوض فقط.

تحالف في أوج قوته: علاقات تاريخية بمستوى غير مسبوق

قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إن العلاقات الإيرانية الروسية لم يسبق أن وصلت إلى هذا المستوى، مشددًا على أن لقاءه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان مثمرًا ويعكس أن البلدين على الطريق الصحيح. 
ولفت عراقجي إلى أن اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين طهران وموسكو ستعزز العلاقات المستقبلية وتفتح آفاق تعاون أوسع.

بدوره، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن العلاقات بين البلدين "قوية وتتطور بشكل مستمر رغم الضغوط الغربية ومحاولات العرقلة"، مشيرًا إلى أن موسكو أنهت إجراءات التصديق على الوثيقة الأساسية لتطوير هذه العلاقات.

الملف النووي: تنسيق وثيق وموقف موحد ضد الشروط الغربية

في إطار اللقاءات مع المسؤولين الروس، أوضح عراقجي أنه ناقش مع لافروف تفاصيل المفاوضات غير المباشرة مع واشنطن، مشيرًا إلى أن طهران "تشكك في جدية الولايات المتحدة" بشأن العودة للاتفاق النووي. 
وأكد أن أي شروط غير واقعية لن تُسهم في التوصل إلى حل، داعيًا إلى دور روسي فاعل في دعم المسار التفاوضي.

وأضاف أن روسيا تلعب دورًا مهمًا وحيويًا في تسهيل التوصل إلى اتفاق عادل، مع التأكيد على أن طهران ما زالت منفتحة على الحلول السياسية، ولكن من دون أي ضغوط خارجية أو تنازلات سيادية.

ملفات غزة واليمن: توافق إيراني روسي في مواجهة السياسات الغربية

في تعليق له على الحرب على غزة، عبّر وزير الخارجية الإيراني عن أسفه لصمت الدول الغربية إزاء الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين، مؤكدًا أن ما يجري في غزة وصمة عار على جبين الإنسانية.
كما دان عراقجي استمرار الهجمات الأمريكية على اليمن، معتبرًا أنها تدمير للبنية التحتية وتشكل تهديداً مباشراً للأمن الإقليمي والدولي.

الخارجية الإيرانية من جهتها حذرت من أن العدوان على اليمن يشجع إسرائيل على مواصلة جرائمها، ويقوّض أي فرصة لتحقيق السلم العالمي".

رسالة خامنئي لبوتين: تقارب استراتيجي واستعداد لمواجهة التحديات

أعلن العراقجي أنه سلّم بوتين رسالة خطية من المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي، تحمل مضامين استراتيجية تتعلق بالتعاون الثنائي، والملفات الإقليمية والدولية، مؤكداً أن مواقف إيران وروسيا "أقرب من أي وقت مضى.

وفي الختام، أكد الوزيران أن العلاقات بين طهران وموسكو لن تتأثر بالضغوط، وأن البلدين عازمان على المضي قدماً نحو تعاون أوسع، يرسم خريطة جديدة للتحالفات في المنطقة والعالم.