نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
كاريمان حرك تكتب: "كارمن" ختام جيد لموسم فرقة أوبرا القاهرة, اليوم السبت 7 يونيو 2025 07:41 مساءً
التى سوف تتضح فى تناولنا لهذا العرض .. وعلاقة كارمن بالجمهور المصرى بدأت عام 1992 حين تم تقديمها بالتعاون مع فرقة امريكية خاصة وكانت البطولة للأجانب فى الغناء والقيادة وكل العناصر الفنية الأخرى
ثم قدمتها الفرقة عام 2010 برؤية إخراجية للفنان الراحل عبد المنعم كامل وديكور محمود حجاج وإضاءة ياسر شعلان وبطولة جولى فيظى وشارك فيها ثلاثة مغنيين أجانب ولكن القيادة كانت للمايسترو نادر عباسى والذى قاد هذا العمل أيضا وكارمن تم تقديمها الموسم الماضى وطوال السنوات تناولت بعض الفرق الأسبانية والكوبية الزائرة شخصية كارمن بمفاهيم استعراضية وغنائية مختلفة ..
أوبرا "كارمن" من أهم مؤلفات الفرنسي جورج بيزيه "1839 – 1857" والذي اشتهر بمعالجة القصص الغريبة عن الثقافة الفرنسية والتي يستمدها من ثقافات أخرى فنجد كارمن تدور أحداثها في إسبانيا واعتمد في موسيقاها على أغان أسبانية منها أغنية للمؤلف الأسباني سبا ستيان إيرايير " 1809 – 1865 " وقدمها في الفصل الأول تحت عنوان "هابنيرا" وهي رقصة كوبية ذات إيقاع مميز اشتهرت في أسبانيا كما أن التمهيد الموسيقى للفصل الأخير هو إعداد جيد لإحدى أغانى الفنان الأسباني مانويل جارثيا " 1775 – 1832"، كما أنه استغل الأصوات البشرية والألوان الأوركسترالية في التعبير عن الخلفية الأسبانية للأحداث، ولكن رغم هذا لا تعد أوبرا إسبانية وإنما تمثل المدرسة الأوبرالية الفرنسية بل هي من أشهر الأوبرات الفرنسية على الإطلاق.
كارمن كتب نصها الشعري هنري ملياك ولودفيك هاليفي عن قصة للروائي بروسبيه فيريميه وعرضت لأول مرة على مسرح الكوميدي فرانسيز بباريس في 31 مارس 1875 وقد كتبها بيزيه في أول الأمر في صيغة " الأوبرا كوميك " أي تحتوي على حوار غير ملحن ولكن زميله الموسيقار الفرنسي أرنست جيرو "1837 – 1912" قام بوضع الصياغة الملحنة لهذه الجمل الحوارية.
وتعد كارمن من أشهر الأعمال جماهيرية لما تحويه من صدق درامي وموسيقى نشطة ومبتكرة، وقد تم تناولها سينمائيا أكثر من 30 مرة كما تمت صياغتها في إطار المسرح الغنائي "ميوزيكال" برودواى حوالي 3 مرات وتمت صياغتها للباليه أكثر من 10 مرات، كما ألهمت كثيراً من المؤلفين إبداع مؤلفات موسيقية على ألحانها مثل فانتازيا كارمن لـ "سارسات" كما أن معظم فرق الموسيقى الخفيفة صاغوا أغانى وكلمات على موسيقى أغانىها الشهيرة، فهذا العمل حقق شهرة كبيرة لم يسعد بها مؤلفها "بيزيه" حيث توفى بعد ثلاثة أشهر فقط من عرضها بباريس.
وكارمن تدور أحداثها في إشبيليه وتمت صياغتها في أربعة فصول وتحكي عن الجندي دون خوزيه الذي يقع في حب الفتاة الغجرية كارمن والتي تقوم بإغوائه ليترك خدمته في الشرطة وكذلك خطيبته ميكانيلا ويدور وراءها في البراري والجبال حتى تقع في حب مصارع الثيران اسكاميلليو وتتملك الغيرة من خوزيه وتقابلها كارمن باستهتار وتستسلم للقدر، حيث تنبأ لها الطالع بأنها سوف تموت على يد من يحبها وبالفعل تختتم الأوبرا بأن يقتلها خوزيه.
والأوبرا التى نحن بصددها من الناحية المسرحية أعتمد فيها المخرج حازم طايل ـ الذي يخرجها لأول مرة ـ على الرؤية الكلاسيكية وأجتهد إلى حد كبير فى الحركة المسرحية وأرى أن الكثافة البشرية على المسرح كانت من المميزات التى أعطت ثراء حيث تم توظيفهم بأسلوب جيد واستثمر إمكانيات الكورال الذى بطل العرض فى الغناء والتمثيل كما شارك فى البطولة رقصة البالية التى صممتها أرمينيا كامل وكانت نجمة الرقصة الباليرينا سحر حلمى والتى عبرت عن الرقص الأسبانى بالطريقة التى اضافت للعمل ودخلت فى نسيجه كما كان غناء الاطفال وحركتهم المسرحية أمر جيد يحسب للمخرج أما غنائهم وغناء الكورال تستحق عليه بسكال روزيه كل التقدير وبالنسبة لديكور محمد عبد الرازق الذى يشارك فى العمل لأول مرة كان موفقا كرؤية كلاسيكية وأعطى عمق للدلالة على المدينة فى الخلفية لكن لم يعطى مساحة كافية للمسرح فى الفصل الأول تتناسب مع الكثرة العددية للكورال والاطفال ولكنه تميز بما يتميز به كفنان جرافيك وهذا واضحا فى ديكور مغارة الغجرالذى جاء على شكل كتل صخرية مضاءة من الداخل كما نجح فى استثمار مصمم الاضاءةأمين عادل الذى نتعرف عليه لأول مرة والذى استعمل الرمز مع الأحداث بحرفية وحداثة تنبىء بموهبة جديدة فى عالم الإضاءة وكان هذا واضحا فى كل مشاهد العرض وعلى سبيل المثال فى مشهد مقتل كارمن واستعماله للون الاحمر واختيار الألوان القاتمة فى الأغنية الطويلة لميكائيلا وقد نجح كل من المخرج ومصمم الديكور والإضاءة فى تبيان التضاد بين مايحدث داخل الحلبة من ضوضاء تشجع اللاعب على قتل الثور مع مايحدث على المسرح من حوار بين كارمن وخوزية يختتم بقتلها ..
من إيجابيات العمل كانت فى اختيار شخصية كارمن حيث نجحت الأوبرا فى استضافة الميتزو سبرانو جالا الحديدى التى هى ابنة فرقة الأوبرا ولكن طارت إلى أوربا منذ سنوات لتلعب دور كارمن كماصرحت101 مرة وتعد هذه المرة الثانية بعد المائة ولهذا اجادت تماما فى رسم الشخصية وفهم ابعادها وفى حركتها المسرحية التى تقمصت فيها شخصية الغجرية الأسبانية فى طريقة قبضها على المروحة وحركة الكف والأصابع والرقص بكعب الحذاء العالى وايضا تجلى ذلك واضحا فى رقصها المصاحب للآرية تحاول فيها إغراء خوزية ليهرب معها وهذا مالم تتمكن أن تعبر عنه الميتزو سبرانو أمينة خيرت التى تعد أيضا من إيجابيات العرض حيث إنها صوت جديد يأخذ فرصة البطولة المطلقة لأول مرة وقد لعبت الدور بغناء متميز ولكن أفتقدنا كارمن الغجرية التي تجيد الرقص الأسباني الفلكوري بل وجدنا كارمن فتاة من عصر الباروك ترقص بطريقة هادئه وتغني وهي واقفة على الرغم من أن الأغانى بعضها عبارة عن رقصات لها حركات معروفة والفرق بين جالا وامينة فرق الخبرة التى اكتسبتها جالا بدون شك من تعاملها مع عدد من المخرجين الأجانب ولكن هذا لايمنع أننا استمعنا إلى غناء جيد ومعبر من أمينة خاصة فى الآريات الشهيرة وأرى اننا كسبنا مغنية من طبقة الميتزوسبرانو ذات صوت جميل واضح يهتم بمخارج الألفاظ..
الموسيقى من أداء أوركسترا أوبرا القاهرة بقيادة المايسترو نادر عباسي والاثنان سبق لهما اداء العمل اكثر من مرة ولكن كان الأداء هنا متقنا وتجلت فيه خبرة نادر مع هذا العمل وقد تم أداء المقدمة الموسيقية "الافتتاحية" بشكل جيد اتضحت فيها الألحان المميزة للعرض، والتي تعبر عن أحداث المسرحية وتلخص فكرها الموسيقى وتجعله وحدة واحدة، فالعمل يبدأ بلحن قوى ومرح يمهد للقصة التي تجري حوادثها تحت سماء أسبانيا المشرقة معبراً عما تحتويه من حب ثم يسمع لحناً رقيقاً هو ذلك اللحن الذي يصاحب إستبدال نوبة الحراسة في الفصل الأول وفجأة ترتفع أنغام أغنية "مصارعي الثيران" التي تبدأ بهدوء من الآلات الوترية، ثم تعيدها بقية آلات الأوركسترا متدرجة نحو الشدة والعنف وبعد وقفة واضحة، يسمع لحن تحمل أنغامه نذير الشؤم ينطلق معبراً عن مدى قوة الجاذبية الكامنة في كارمن، وتبلغ المقدمة ذروة القوة في التعبير في سرعة خاطفة ثم تليها وقفة موسيقية ترمز إلى القوة والتردد هذا ما كتبه بيزيه، وقد استطاع المايسترو عباسي أن يعبر عن هذا الفكر الموسيقى بأداء جميل وأمين واستطاع أن يحدث التوازن المطلوب بين الأوركسترا في الحفرة ونجوم الغناء على المسرح وخاصة أن موسيقى كارمن أشتهرت بحيويتها وتلوينها الأوركسترالى البراق وبنائها الدرامي المحكم الذي يجمع بين المرح والتراجيديا، كما أنها تتضمن ألحانا دالة على الشخصيات، كل هذا أجتهد القائد في إظهاره ونجح فيه كماكان العازفون متميزين خاصة أن العمل فيه كثير من العزف المنفرد..
أما المغنيون فقد أجادوا وأكدوا نجوميتهم سواء عمرو مدحت فى دور "خوزيه" بخبرته الطويلة والتينور المحترم الذى يعد أحد أعمدة الفرقة وكذلك التينور الذى يعد أيضا من إيجابيات هذا العمل مصطفى مدحت والذى به اكتسبنا تينور قوى اتنبأله بمستقبل عالمى لقدلعب الدور لأول مرة ولكن بصوت قوى وتمثيل متميز وتفوق فى غنائه المنفرد وخاصة آرية (أغنية )الزهرةالمشهورةكذلك اسكاميللو الذي قام بدوره لأول مرة تامر توفيق الذى أرى أن تحول صوته إلى باريتون جاء لصالحه واخذ فرص حرم منها فى الماضى وتبادل معه الدور مصطفى محمد الخبير بهذا الدور والذى يتميز بصوت باريتون جميل فيه وضوح وإشراق وتميز والذي جاءت حركته المسرحية مناسبة للدور ، وأيضا أجاد كل منهما في الأرية "ماذا سوف يحدث"، في الفصل الثاني أما كلا من السبرانو داليا فاروق ورشا طلعت اللتان تبادلتا دور "ميكائيلا" خطيبة خوزيه أرى أنهما من أحسن من أدوا أدوراهما من الناحية الصوتية والتمثيلية لقد فهمتا الشخصية وتعاملتا معها بذكاء، وخاصة في حوارهما مع خوزيه في الفصل الأول، عندما قالت له بتعجب واستفهام "أي دليل" كما اجادوا فى غناء الآريات الطويلة..
هذا العمل ظهرت ايضا شخصيات نراها لأول مرة فى هذا العمل منهم أحمد الشيمى(باص) فى دور الضابط "زورنيخا" هو يتمتع بصوت جميل واضح ومن الوجوه الجديدة أيضا نورا الألفى فى دور فرسكيتا واحمد فاروق ومينا رافائيل فى دور ريمندادو والجميع أجادوا فى الغناء والتمثيل
نجوم الأوبرا الذين شاركوا في العمل رضا الوكيل وجيهان فايد وليلى ابراهيم والهامى امين وابراهيم ناجى وسلمى الجبالى واسامة على وخالد سمير ورامز لباد يستحقون عن جدارة لقب النجومية حيث جاء الأداء موفقا فى الغناء والتعبير والحركة المسرحية ومن أجمل المشاهد الغناء الخماسى فى المغارة ..
العمل نجح فنيا وجماهيريا وتفاعل الجمهور مع الموسيقى والغناء. وخاصة أن الترجمة العربية التى قامت بها رشا نبيل كانت متطابقة مع الحدث وساعدت كثيرا من يرى العمل لأول مرة أن يفهم الأحداث جيدا.كما أنه اصبح لدينا من كارمن نسختين كل منهما برؤية اخراجية مختلفة الأولى للراحل عبد المنعم كامل والثانية لإبن الفرقة البار حازم طايل..
واخيرا التحية والتقدير للفنانة منى رفلة مديرة فرقة الأوبرا والكورال ود. علاء عبد السلام رئيس دار الأوبرا لتقديمهما عملا يمثل ختام جيد لموسم فرقة وكورال أوبرا القاهرة..
يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل
0 تعليق