نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ذكرى ميلاده..قصة حياة سعد أردش .. رائد المسرح الحديث, اليوم الأحد 15 يونيو 2025 12:30 مساءً
تلقى أردش تعليمه بفارسكور حتى حصل على الشهادة الثانوية، ويذكر أن ناظر المدرسة الابتدائية في فارسكور- حينما التحق بها- كان حلمي البابلي والد الفنانة الكبيرة سهير البابلي، والذي كان من أعظم التربويين، حيث كانت تربطه علاقة ذات طابع أسري بكل تلميذ، وفي المدرسة الثانوية بفارسكور، تعرف أردش على الشاعر الصوفي الكبير طاهر أبو فاشا، الذي قاد تجربة المسرح المدرسي.،
جمع سعد أردش في دراسته بين الفن والقانون، حيث التحق بمعهد الفنون المسرحية، إلى جانب التحاقه بحقوق عين شمس ، فحصل على بكالوريوس المعهد عام 1952، وليسانس الحقوق عام 1955، ثم حصل على دبلوم الإخراج، ومنها أكمل دراساته إلى أن حصل على الدكتوراه من الأكاديمية الدولية للمسرح عام 1961 بروما.
تنقل أردش بين عدة مناصب وظيفية ما بين أستاذ ورئيس قسم التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية، ومن ثم مديرًا لمسرح الجيب، ومديرًا لمسرح الحكيم، ورئيسا لقطاع الفنون الشعبية الاستعراضية، ورئيسا للبيت الفني للمسرح ، وكان قد بدأ حياته موظفا بالسكك الحديدية واستخدم مخازنها في تقديم عروض مسرحية للهواة قبل أن ينتقل إلى القاهرة ليلتحق بمعهد التمثيل ويحصل على دبلوم المعهد عام 1950 بالقاهرة. بعدها ذهب أردش ومجموعة من زملائه خريجي المعهد إلى زكي طليمات والذي كان وقتها عميد للمعهد ومديرا للفرقة القومية للتمثيل وطلبوا منه الالتحاق بالفرقة لكنه اعتذر بضآلة ميزانية الفرقة وقتها والتي كانت لا تزيد عن 7000 جنيها ولن تكفي لدفع رواتب للمعينين الجدد مما حدا بأردش إلى تكوين فرقة حرة تعاون فيها مع كاتب ناشئ وقتها يدعى نعمان عاشور، وقدّما من خلال هذه الفرقة عرضهما الأشهر "الناس اللي تحت" ولم تدم هذه الفرقة طويلا إذ أن أردش أوفد أواخر الخمسينات لبعثة دراسية بإيطاليا وتفرقت السبل بأبناء هذه الفرقة أمثال سناء جميل وإبراهيم سكر وعبد المنعم مدبولي.
عاد أردش من بعثته أوائل الستينات محملا بأفكار المسرحي الألماني برتولت بريخت ونظريته في كسر الإيهام ليقرر تقديم عدد من مسرحياته أولها "دائرة الطباشير القوقازية" ، وقد ظل أردش مخلصا لبريخت طيلة حياته حتى أن آخر مسرحية قدمها للمسرح القومي كانت "الشبكة" عام 2007 وهي عن نص بريخت "قيام وسقوط مدينة ما هو جني".
كما أسس أردش في الستينات مسرح الجيب والذي اضطلع بمسؤلية تقديم العروض التجريبية والطليعية وعمل مديرا له. وإن كانت السقطة الكبيرة لأردش هي إخراجه لمسرحية "هالو شلبي" للقطاع الخاص والذي يقدم أعمالا تجارية، فإنه على عكس كثيرين انزلقوا تجاوز هذه المرحلة سريعا ولم يكررها ثانية. ثم كان أن اختير في عام 1986 كأول مدير لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي.
كان الفنان سعد أردش يحلم بأن يعود المسرح لعصره الإغريقي، حيث كانت تلزم فيه الحكومات مواطنيها ليشاهدوا ما يقدم بالمسارح ، فاهتم هؤلاء الناس بالمسرح كمؤسسة تنويرية تثقيفية تنشر الوعي الثقافي مثل المدرسة والجامعة ودور العبادة؛ فقد كان واجب وطني على كل مواطن أن يشاهد المسرح، لما له من دور كبير في إصلاح الحالة الاجتماعية.
أردش كان يرى المسرح بلا شك أنه أبو الفنون وأقرب إليه من السينما، ويأتي بعد المسرح التليفزيون، فقد شارك سعد في أول أعمال أنتجها التليفزيون في الستينيات، كما أنه شارك في بعض الأعمال السينمائية، إلا أنه لم يجد نفسه فيها - ليس لعدم قدرته، لكن لأن السينما غير قادرة على استيعاب ممثلي المسرح بحركاتهم الارتجالية وخروجهم عن النص والالتزام بالتوقيت الزمني للجملة والحركة الواسعة التي لا تتحملها الكاميرا، فالمسرحي غريب على الكاميرا السينمائية، بحسب صفحة المسرح العالمي.عمل الفنان الراحل أستاذا ورئيسا لقسم التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية وتدرج في عدة مناصب حتى أصبح رئيسا للبيت الفني كما كان عضوا في لجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة.
استطاع سعد إحداث ثورة فنية عما كان متعارفا عليه وسائدا في الأداء المسرحي على شاكلة التمثيل بالصوت وحركة اليدين الافتعالية والانفعال المفتعل أو العمل الارتجالي الذي كان سائدا على خشبة المسرح مرحلة الخمسينيات من القرن العشرين، ولكنه أضاف إلى الممثل طاقة إبداعية ليصبح الأداء التلقائي الصادق والصوت الداخلي هو الأساس في الأداء.
كما قام بتمثيل العديد من الشخصيات الفنية في المسرح، والسينما، والإذاعة والتليفزيون، واشتهر بصوته الرخيم العميق الحساس وبقدرته على تجسيد الشخصيات بأداء فائق.
بعد عودته إلى مصر أخرج أردش مسرحيات منها "السبنسة" تأليف سعد الدين وهبة، و"النار والزيتون" تأليف ألفريد فرج، كما شارك بالتمثيل في مسرحيات منها "الأرض" المأخوذة عن رواية شهيرة لعبدالرحمن الشرقاوي.
وأخرج أردش مسرحيات تجريبية منها "يا طالع الشجرة" تأليف توفيق الحكيم، وكانت مسرحيته "هالو شلبي" نقطة انطلاق الممثل المصري سعيد صالح وبداية الاهتمام بموهبتين في التمثيل هما محمد صبحي وأحمد زكي.
كما قدم من المسرح العالمي أعمالا منها "كاليجولا"، و"دائرة الطباشير القوقازية"، وكانت مسرحية "الشبكة" للألماني برتولد بريخت آخر ما أخرجه للمسرح القومي بالقاهرة عام 2007.
وشارك أردش بالتمثيل في مسلسلات تليفزيونية كثيرة إضافة إلى أفلام تعد من كلاسيكيات السينما المصرية منها "قنديل أم هاشم" لكمال عطية عام 1968، و"الاختيار" ليوسف شاهين عام 1971، وكان آخر أفلامه "الحجر الداير"، الذي أخرجه محمد راضي عام 1992، ونال أردش جائزة الدولة التقديرية عام 1990.
انشغل أردش أيضا بمجال التأليف والترجمات، وله العديد من المؤلفات الهامة منها: "المخرج في المسرح المعاصر" عام 1979، "المسرح الإيطالي" 1965، وله عشرات البحوث والدراسات العلمية في المسرح والحركة الاجتماعية المنشورة في المجلات المتخصصة في الثقافة المسرحية في مصر والعالم العربي.
كما قام بترجمة أعمال مسرحية إيطالية للعربية منها: "خادم سيدين"، و"ثلاثية المصيف" لكارلو جولديني، و"جريمة في جزيرة الماعز"، و"انحراف في قصر العدالة" لاوجوبتي، و"الحفلة التنكرية" لألبرتومورافيا، وغيرها الكثير.
نال اردش العديد من الجوائز والأوسمة منها وسام العلوم والفنون عام 1967 وجائزة الدولة التقديرية من المجلس الأعلى للثقافة وشملت رحلته الفنية التي استمرت لقرابة 40 عاما أعمالا متميزة سواء في التمثيل أو الإخراج ومن أشهر أعماله «سكة السلامة»، «المال والبنون»، «عطوة أبو مطوة»، «الأسطى حسن»، «شباب امراة» وغيرها من الأعمال التي تعد علامات في مسيرة المسرح والسينما المصرية.
وترك ارثا مسرحيا رفيعا متمثل في عدد من المؤلفات الفنية والدراسات والأبحاث والترجمات أهمها "المخرج في المسرح المعاصر"، "خادم سيدين"، "ثلاثية المصيف"، "جريمة في جزيرة الماعز"، "انحراف في مقر العدالة" ، "أجويني"، "بياتريس"، و"كارلو جولدوني" وهي سلسلة مسرحيات عالمية.
كما قدم الفنان الراحل العديد من الدراسات لدوريات فنية وثقافية متخصصة في مصر والعالم العربي مثل "مجلة المسرح"، "فصول الإبداع الفني"، و"أعلام العراق".
توفي مساء "الجمعة" 13 يونيو 2008 في الولايات المتحدة الأمريكية عن عمر ناهز 84 عاما بعد صراع طويل مع المرض. والفنان الراحل كان له تاريخ فني كبير وترك علامات واضحة في المسرح والسينما المصرية.
يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل
0 تعليق