دمشق-سانا

أحيا عازف البيانو السوري غزوان الزركلي، مساء اليوم، حفلة موسيقية استثنائية على مسرح الدراما في دار الأوبرا بدمشق، قدّم فيها برنامجاً درامياً وإنسانياً عميقاً، أهداه إلى شهداء الثورة السورية، وسط حضور نخبوي واسع من المثقفين والمهتمين بالموسيقى الكلاسيكية.

الزركلي، الذي بدأ مسيرته الموسيقية عام 1963 من مسرح القباني بدمشق، عبّر في حديثه عن سعادته البالغة بهذه الأمسية، قائلاً: هذا يوم سعيد في حياتي، أكثر من 62 سنة على الخشبة، وأشعر أنني اليوم أبدأ بداية جديدة، إعادة انطلاق، في زمن يحتاج فيه السوريون إلى أمل وثقافة وانتماء.

البرنامج الذي حمل عنوان “أعمال لـ ليست، تشايكوفسكي، ورخمانينوف”، تميّز بتنوّعه الفني وتوزيعه المدروس، حيث افتُتح بمقطوعة “ليلة” لفرانس ليست، تلتها سوناتا البيانو رقم 2 لسرغي رخمانينوف، التي قدّمها الزركلي على نحو متسلسل درامي بثلاث حركات، أبرزت الوجدان الإنساني بلغة مجردة.

بعد استراحة قصيرة، قدّم الزركلي مقطوعات من مجموعة فصول السنة لبطرس تشايكوفسكي، حملت عناوين: آب، أيلول، وتشرين الأول، وتُعد من أشهر مقطوعاته المصغّرة، قبل أن يُختتم الحفل بـ سوناتا رخمانينوف رقم 2 بنسختها المعدلة عام 1931، وهي من أعقد أعمال أدب البيانو الروسي وأكثرها تكثيفاً درامياً.

في الكلمة المكتوبة ضمن البرنامج، أوضح الزركلي رؤيته لاختيار الأعمال، قائلاً: اليوم أسعى إلى تقديم برنامج يجمع أعمالاً طويلة، تحتاج من المستمع الانتباه ومحاولة السرّ حتى نصل إلى وجدانه، مع أعمال قادرة تدخل القلب مباشرة دون استئذان.

ورأى الزركلي أن الفن لا ينفصل عن الهم الإنساني والسياسي، بل هو وسيلة لبناء وعي وذوق وسلوك، مضيفاً: الموسيقى المجردة قد لا تروي حدثاً سياسياً بعينه، لكنها تعبّر عن المعاناة، عن لحظات النصر والإخفاق، وعن توق الإنسان نحو الحرية، وهي بذلك أكثر صدقاً من الكلمات.

عن دور الفن في إعادة بناء المجتمع السوري، قال الزركلي في تصريح لـ سانا: “نحن بحاجة لرؤية ثقافية جديدة ترافق المرحلة القادمة، تبدأ من إصلاح التعليم الموسيقي منذ الصفوف الأولى، وترسيخ فكرة أن كل طفل له الحق في أن يتعلم لغة الفن والجمال”.

كما شدد على أن التغيير الثقافي ليس ثورة لحظية، بل عملية تراكمية تحتاج إلى جهد طويل، وتوجيه حقيقي نحو الإنسان كقيمة مركزية.

يشار إلى أن الحفل سيعاد غداً مساء الأربعاء في دار الاوبرا.