فوز تبون بولاية ثانية مثيرة للجدل يكرس هوس "نظام العسكر" بالمغرب

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أعيد “انتخاب” عبد المجيد تبون على رأس الجزائر لعهدة ثانية في انتخابات رئاسية كانت مثار جدل كبير، خاصة في ما يتعلق بالأرقام التي أعلنت عنها هيئة الانتخابات، التي أشارت إلى حصول تبون على أكثر من 94 في المائة من الأصوات، وبلوغ نسبة المشاركة أكثر من 48 في المائة في الداخل، وسط تشكيك صريح في هذه الأرقام من طرف المرشحين الخاسرين يوسف أوشيش، رئيس جبهة القوى الاشتراكية، وعبد العالي حساني شريف، رئيس حركة مجتمع السلم، اللذين نددا بـ”التفاوت والتناقض ما بين الأرقام المعلنة ومحاضر اللجان الانتخابية الولائية”.

ويؤكد مهتمون أن هذه الانتخابات شهدت إقبالا ضعيفا من طرف المواطنين الجزائريين على صناديق الاقتراع، مقابل مشاركة مكثفة لعناصر الجيش الذين يمنحهم القانون الجزائري حق التصويت، وهو ما دفع النظام إلى تضخيم الأرقام من أجل شرعنة إعادة تعيين عبد المجيد تبون التي كانت متوقعة حتى قبل الإعلان عن النتائج، مسجلين في الوقت ذاته أن الجزائر ستتجه إلى تكريس قطيعتها مع المغرب خلال العهدة الثانية للرئيس الجديد، وستقدم على اتخاذ خطوات أكثر استفزازية تجاه الرباط عن طريق أدواتها الوظيفية في المنطقة، كما ستتجه إلى فتح جبهات جديدة في المواجهة الإقليمية مع المملكة، في محاولة لكبح التقدم الذي أحرزته الأخيرة في ملف وحدتها الترابية.

فوز المقاطعين ومأسسة للقطعية

في هذا الإطار قال البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، إن “النظام الجزائري من خلال هذه الانتخابات المفصلة على مقاس مرشح الجيش يعيد إنتاج نفسه من خلال الاعتماد على ميكانيزمات وفواعل تجاوزها التاريخ السياسي الحديث، ولا تتماشى مع الانتقال الديمقراطي الذي عرفته البشرية بشكل عام بعد سقوط جدار برلين، أو شعوب شمال إفريقيا والشرق الأوسط بشكل خاص بعد أحداث الخريف العربي، حيث جنحت أغلب الأنظمة إلى دمقرطة الممارسات السياسية بغية دمقرطة المجتمع”.

وأضاف البراق أن “النظام الجزائري اليوم يمر من مرحلة تاريخية دقيقة جدا عنوانها الإفلاس نتيجة إصراره على فرض عبد المجيد تبون على المشهد الرئاسي، وغياب مشروع سياسي واضح ومتوازن يشكل أرضية مشتركة بين مختلف أطياف الشعب الجزائري، لبلورة رؤية إستراتيجية تحدد الوسائل والأدوات المطلوبة لتحقيق التنمية المستدامة والعيش الكريم لشعب يستحق الحياة بعد قرون طويلة من الإذلال والاستعباد والاستعمار”.

وأشار المصرح لهسبريس إلى أن “الملاحظ في نتائج الانتخابات هو الفوز الكبير الذي حققه الحزب الصامت المشكل من المقاطعين والممتنعين وأصحاب الأوراق الملغاة والبيضاء، الذين تجاوز عددهم 19 مليون جزائري، من كتلة ناخبة وصلت إلى أكثر من 24 مليون ناخب”، مردفا: “سجلت نسبة المشاركة 48 بالمائة، فيما وصل الرئيس الجزائري إلى سدة الحكم بتضخيم النتائج وانتهاك دستورية العملية الانتخابية بـ 5 ملايين صوت فقط، وبالتالي تكشف هذه النتائج المتواضعة عن تصدع كبير في سلوك المجتمع الجزائري إزاء الانتخابات، وهي رسالة للرئيس الجديد بفتح قنوات التواصل مع باقي الفاعلين السياسيين في البلاد، لرسم خريطة طريق متوازنة تجنب الجزائر السقوط أكثر في قبضة الجناح العسكري المستعد للقيام بمغامرات إقليمية لتغطية فشله الداخلي في تدبير الشأن العام”.

وحول مستقبل العلاقات المغربية الجزائرية على ضوء إعادة تعيين تبون أورد المتحدث ذاته أن “الرئيس الجزائري هو الواجهة المدنية للنظام العسكرتاري، وبالتالي طالما يسيطر الجنرالات على مفاصل الدولة واختياراتها السياسية فمن المستبعد التحدث عن تطبيع في العلاقات الثنائية بين الرباط والجزائر، أو التعاطي بشكل إيجابي مع مبادرة اليد الممدودة من طرف المغرب لفتح حوار ثنائي بين البلدين ينتهي بفتح الحدود المغلقة وعودة الدفء للعلاقات الثنائية؛ بل إن كل المؤشرات تؤكد على جنوح النظام إلى مأسسة القطيعة بين الجزائر والمغرب بشكل أكثر تطرفا استعدادا لتفجير الوضع الإقليمي أمنيا وعسكريا باستخدام ميليشيا البوليساريو الإرهابية وباقي أدواته الانفصالية، في ظل الانتصارات الكبرى التي يحققها المغرب في ملف الوحدة الترابية”.

أزمة أرقام وخطوات استفزازية

تفاعلا مع الموضوع ذاته قال شوقي بن زهرة، ناشط سياسي جزائري معارض، إن “النظام العسكري الحاكم في الجزائر فشل حتى في تزوير نتائج الانتخابات الأخيرة بطريقة مقبولة يمكن للعقل السليم أن يتقبلها، لأن إعادة تعيين عبد المجيد تبون على رأس قصر المرادية كانت أمرا متوقعا، على اعتبار إجماع الجنرالات على شخصه، غير أن الفضيحة الكبرى هي إعلان فوز الرجل بأكثر من 94 في المائة من الأصوات، وتضخيم أرقام المشاركة لشرعنة إعادة تزكيته”.

وسجل الناشط السياسي ذاته أن “أكبر الديكتاتوريات في العالم لم تعد تلجأ إلى هذا المستوى من التزوير، فحتى في عهد عبد العزيز بوتفليقة وآخر انتخابات شارك فيها وفاز بها أُعلن حينها عن حصوله على 81 في المائة من أصوات الناخبين، وكان هذا الرقم في ذاك الوقت مضخما هو الآخر”، معتبرا أن “النظام الجزائري يعاني مما يمكن أن نسميها أزمة أرقام، وهو ما كشفت عنه مجموعة من الحوادث والتصريحات في الفترة الأخيرة”.

وسجل المتحدث لجريدة هسبريس الإلكترونية أن “الانتخابات عرفت مشاركة مكثفة لعناصر الجيش وأسلاك الشرطة وباقي الأجهزة الأمنية الأخرى، الذين يعتبر تصويتهم إجباريا، فيما قاطع المواطنون صناديق الاقتراع لعدم ثقتهم في النظام”، مؤكدا في الوقت ذاته أن “المؤشرات التي ظهرت في بداية عملية التصويت تشير إلى أنه من المستحيل في أحسن الأحوال أن تتجاوز نسبة المشاركة في الانتخابات 10 في المائة”.

وحول تأثير هذه الانتخابات على مسار علاقات الجزائر مع دول الجوار، خاصة المغرب، أشار بن زهرة إلى تصريح لنذير العرباوي، الوزير الأول الجزائري، اعتبر فيه أن “الانتخابات تجري في سياق إقليمي ودولي بالغ التوتر”، مشددا على أن “النظام سيركز خلال العهدة الثانية لتبون على تعقيد العلاقات مع المغرب، إذ أصبح الهوس بالمملكة عقيدة ثابتة لدى النخبة الحاكمة”، وزاد: “من المرجح أيضا المرور إلى الفعل عبر سيناريوهات استفزازية تجاه الرباط، على غرار دفع جبهة البوليساريو إلى التحرك في المنطقة العازلة في الصحراء أو تشديد الخناق واستهداف المغاربة المقيمين في الجزائر عبر عمليات ترحيل واتهامات لهم بالتخابر والتجسس”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق