بعد الأوقاف .. خبراء ينادون بتعميم إلغاء مجانية الكهرباء في المساكن الوظيفية

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

اغتنم خبراء في الشأن الطاقي قرار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إيقاف استفادة القيميين الدينيين من عدادات الماء والكهرباء الخاصة بالمساجد ومطالبتهم بإدخال عدادات مائية وكهربائية خاصة بهم للدعوة إلى “تعميم” القرار على باقي المؤسسات والمرافق التابعة للدولة، على اعتبار أن مجانية الماء والكهرباء في المساكن الوظيفية “تحفز مستغليها على ممارسات غير رشيدة تساهم في رفع بقاء استهلاك المؤسسات العمومية من الكهرباء عند مستويات قياسية”.

ورغم أن الخبراء الذين تحدثوا إلى هسبريس اختلفوا في ما إذا كان “إجهاض اللامبالاة” في استهلاك الكهرباء بعدد من المساكن الوظيفية التابعة للدولة عن طريق هذا القرار سيساهم “بنسبة مهمة تخفيض احتياجات المغرب من الطاقة الكهربائية، وبالتالي تقليص الفاتورة الطاقية”، فإنهم اتفقوا على “أهميته في تخفيض النسب العالية لاستهلاك المؤسسات العمومية من الكهرباء؛ وبالتالي في مساهمتها في الرفع من حاجة المغرب إلى الاستيراد، خاصة في غياب استعمال قطاع واسع منها للطاقات المتجددة”.

وكانت المندوبية الإقليمية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بصفرو قد وجهت مذكرة إلى القيميين الدينيين المستفيدين من السكن الوظيفي تدعوهم فيها إلى “إدخال عداداتهم المائية والكهربائية الخاصة بهم، حيث سيتم فصل عدادات المساجد عن السكن والوظيفي في أقرب الآجال”.

وأكدت المندوبية، في المذكرة التي اطلعت عليها هسبريس، أن هذا القرار جاء “تنفيذا لتعليمات الوزارة في الموضوع”، وتحديدا نتيجة “الارتفاع الملحوظ في فواتير الاستهلاك الخاص بالماء والكهرباء ببعض المساجد نتيجة إشراك عداداتها مع بعض المرافق التي لا تدخل ضمن مكونات خدمات المساجد، أو بسبب الاستغلال غير القانوني”.

“خطوة مهمة”

علي شرود، باحث في الشأن الطاقي والمناخي، ذكر بداية أن “هذا القرار يأتي في ظل الصعوبة التي يواجهها المغرب لتقليص فاتورته الطاقية؛ بالنظر إلى تزايد احتياجاته من الطاقة، وخصوصا الكهربائية، وعدم كفاية مشاريع الطاقات المتجددة عن سد هذه الاحتياجات حتى الآن”.

وأورد شرود، في تصريح لهسبريس، أن “المؤسسات الرسمية التابعة للدولة، من مدارس ومستشفيات ومساجد، تساهم في بلوغ نسب استهلاك الكهرباء إلى مستويات قياسية؛ ما يستنزف مخزون المغرب من الكهرباء، ويرفع الكلفة الطاقية عموما”.

وأوضح الباحث في الشأن الطاقي والمناخي أن “ما يجعل هذه المؤسسات تسجل نسبا عاليا لاستهلاك الكهرباء هي الممارسات غير المسؤولة؛ من قبيل تشغيل مصابيح الإنارة الكهربائية في واضحة النهار، والإبقاء على هذه المصابيح والمكيفات مشتغلة طيلة اليوم، وهي الممارسات ذاتها التي تنتشر بعدد من المساكن الوظيفية المرفقة بهذه المؤسسات”.

ولفت المتحدث إلى أن “مجانية الاستفادة من الكهرباء داخل هذه المساكن أيضا تدفع غالبا بعض الموظفين عموما -وليس الأئمة لوحدهم- إلى سلوك مثل هذه الممارسات والإفراط في الاستهلاك”.

من هذا المنطلق، اعتبر شرود أن “القرار الذي اتخذته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية هو خطوة مهمة جدا، ويجب أن تتخذها باقي القطاعات الوزارية الأخرى، وخصوصا تلك التي تكثر فيها المساكن الوظيفية كقطاع التعليم، في ظل تضاؤل الوعي بأهمية ترشيد استهلاك الكهرباء”، مضيفا أن “تحديد حد أقصى من الاستهلاك المجاني للكهرباء لفائدة مستغلي هذه المساكن يبقى بدوره صيغة ملائمة؛ لكن الإشكال الذي يبقى مطروحا هو هل سيتوفر الوعي الكافي بأن المجانية ليست مبررا للاستهلاك غير المعقلن”.

بلا تأثير.. ولكن”

من جانبه، اعتبر أمين بنونة، خبير في الشأن الطاقي، أن “فصل عدادات الكهرباء الخاصة بالمؤسسات العمومية عن السكن الوظيفي ليس له تأثير كبير لتقليص استهلاك المغرب من الكهرباء الذي يبلغ 40 ألف جيغاواط ساعة سنويا؛ وبالتالي فهو محدود التأثير على كلفة الطاقة بالمغرب، بالنظر إلى أن استهلاكه من الكهرباء لا يمثل سوى 40 في المائة فقط من احتياجاته الطاقية”.

وأكد بنونة، في تصريح لهسبريس، “ضرورة تعميم هذا الفصل عن جميع الوزارات التي يستفيد موظفوها من سكن وظيفي؛ بالنظر إلى أن العديد من الموظفين حينما سيجدون أنفسهم مطالبين بدفع فاتورة كهرباء مرتفعة من أجرته سيقومون بالحرص على ترشيد استهلاكهم من الكهرباء”، مستدركا في هذا السياق أن “كل نسبة ولو ضئيلة يتم الاحتفاظ عليها من مخزون الكهرباء تبقى ذات أهمية كبيرة بالنسبة للمغرب الذي ما زال غير قادر على ضمان الاكتفاء الذاتي من احتياجاته من الكهرباء”.

وأيد بنونة ما ذهب إليه شرود بخصوص كون “ربط عدادات المؤسسات العمومية بمنازل السكن الوظيفي الخاصة بالأئمة والحراس العامين والمدراء وغيرهم..، ثغرة تفتح الباب أمام الاستهلاك غير المعقلن والمخلق للكهرباء؛ ما يساهم في رفع استهلاك هذه المؤسسات إلى مستويات قياسية”، مضيفا أن “ما يفاقم هذا الوضع هو عدم انخراط العديد من المؤسسات العمومية في استعمال الطاقات المتجددة؛ وفي مقدمتها الطاقة الشمسية”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق