ائتلاف يدعو الحكومة إلى تعويض متضرري سيول الجنوب الشرقي بالمغرب

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

لم تمر الأحداث الأليمة لسيول وفيضانات طوفانية بالجنوب الشرقي للمملكة، والتي تصادفت مع الذكرى الأولى الأليمة لـ”زلزال الأطلس الكبير”، دون أن تُثير مطالب متجددة من فعاليات مدنية مهتمة بتنمية المجالات الجبلية والقروية بضرورة المرور إلى تفعيل صندوق التعويضات للتضامن ضد الوقائع الكارثية، بعد أن أثارت بعض فرق المعارضة النيابية الموضوعَ ذاته في أسئلة كتابية.

آخر المناشدات المدنية تضمنها “بيان حول فيضانات شتنبر 2024” صادر عن “الائتلاف المدني من أجل الجبل” (مقره بولمان)، داعيا “الحكومة المغربية، في ظل هذه الكارثة الطبيعية، إلى التحرك السريع والفعال لتقديم الإغاثة العاجلة وتعويض الساكنة المتضررة، خصوصا من المزارعين ومربي الماشية الذين تكبدوا خسائر جسيمة”.

“مصير الصندوق” محط تساؤل

كما تساءل الائتلاف، ضمن بيانه الذي توصلت هسبريس بنسخته، عن “مصير صندوق التضامن ضد الكوارث”، داعيا إلى “تفعيله بشكل عاجل لضمان تعويض الضحايا، خاصة الذين لا يتوفرون على تغطية تأمينية”؛ وهو المطلب نفسه الذي رفعه كل من الفريقين النيابيين “الحركي” و”التقدم والاشتراكية”.

وذكر الائتلاف، في هذا السياق، بأن “المناطق الجبلية هي الأكثر تضررا نتيجة عقود من التهميش والعزلة وضعف البنية التحتية”، متأسفا على كون “الفيضانات زادت من تفاقم الأوضاع بعد موجة طويلة من ندرة المياه والجفاف، حيث أتت هذه الأمطار الغزيرة على الأمل القليل المتبقي في هذه المناطق”.

ودعت الهيئة المدنية “كافة المغاربة إلى التكاثف وتقديم الدعم بكل الوسائل الممكنة”، مؤكدة على “ضرورة الاستجابة السريعة والفعالة من جميع الجهات المعنية لضمان حقوق المتضررين وتحقيق العدالة لهم”.

وفي تقدير أعضاء الائتلاف، فإن “الحل المستدام هو سن سياسات عمومية تتلاءم مع خصوصيات المناطق الجبلية والواحية”، مشددا على مطلبه المتجدد بـ”إخراج قانون الجبل إلى حيز الوجود كجزءٍ من خطة شاملة لإعادة التنمية وتحسين البنية التحتية، وتعزيز تدابير الوقاية للتقليل من تأثير الكوارث الطبيعية في المستقبل”، وفقا للبيان.

الائتلاف المدني من أجل الجبل لم يفتْه أن يعبّر، “باسمه وباسم كافة مناضلاته ومناضليه، عن تعازيه الحارة لأسر الضحايا وتمنياته بالشفاء العاجل للمصابين” على إثر السيول والفيضانات التي اجتاحت مناطق عديدة في جهة درعة-تافيلالت والجهة الشرقية وجهة بني ملال-خنيفرة، وجهة فاس بولمان وجهة سوس-ماسة، وما خلفته من أضرار جسيمة في الممتلكات والبنية التحتية، فضلا عن وقوع وفيات في صفوف المواطنات والمواطنين وتضرر الأراضي الفلاحية وتَلف المحاصيل الزراعية وتدمير المعالم السقوية، كما في إملشيل وألنيف وتنغير وطاطا وباقي المناطق المتضررة”، حسب تشخيصه.

“كوارث تستدعي تغيير المقاربات”

أصدر “ائتلاف الجبل” بيانه عن “فيضانات شتنبر2024” بالمغرب بعد عام بالتمام من “نداء للتضامن والأمل” كان قد تفاعل به مباشرة في أعقاب حدوث “زلزال الأطلس الكبير” التي خُلدت ذكراه الأولى الأليمة قبل أيام؛ هذا ما أبرزه محمد الديش، المنسق الوطني للائتلاف، متحدثا لـ هسبريس، قبل أن يتمنى “أنْ تقف هذه الكوارث، وأن يَسْلَم وطننا الحبيب”.

ولفت الديش، خلال تصريحه، إلى أن بيان 9 شتنبر الجاري “يأتي للتذكير واقتراح بعض المعالم التي نراها للتعامل مع هذه الكوارث”، مشددا على أن الفاعل الرسمي بالمغرب (الحكومة والدولة بكل مؤسساتها) يجب أن يتعامل بشكل مختلف الذي يلائم ما تستدعيه التغيرات المناخية من الجفاف الذي عشناه، وأيضا من تحولات وظروف مناخية قاسية وحادة مثل التساقطات والحمولات المائية القوية التي تعرفها مناطق الشرق والجنوب الشرقي.. “هذا يتطلب تعاملا وسياسة مختلفة وبرامج مختلفة وأيضا مقاربات مختلفة”، وفق تعبيره.

“مِن المفروض أن نلائم أولا سياستنا وفي التخطيط وفي البناء من حيث بناء منشآت يمكن أن تخفف من حدة هذه الكوارث الطبيعية من قبيل الفيضانات؛ وعلى رأسها المنشآت الصغيرة (سدود صغيرة في الأعالي من شأنها تخفيف حمولات الأمطار وسيولها، وأيضا من شأنها أن تُخزن موارد مائية نحتاجها بشكل كبير في هذه الظروف الجافة”، أورد الفاعل المدني ذاته مبرزا أهمية “منشآت فنية وسدود صغيرة في القمم بالأعالي يمكن أن نستعملها لتخزين المياه، ويمكن أن نستعملها في المنبسطات بشكل سهل لا نحتاج فيه إلى الضخ وإلى منشآت أكثر تعقيدا مثل محطات تحلية مياه البحر التي قد تصل إلى مناطق الجنوب الشرقي أو الشرق بكلفتها الباهظة”.

المسألة الثانية ذات الأهمية المستعجَلة، حسب “حُماة الجبل”، هي “إعادة النظر في صندوق التضامن ضد الكوارث الطبيعية سواء حيث محتوياته ونصوصه القانونية أو موارده المالية الذي يجب تنويع مصادر تمويله وضمان شفافية التدبير، منادين بـ”ملاءمة بعض بنوده حتى يتمكن المواطنون البسطاء من قبيل ضحايا هذه الفيضانات أو ضحايا الزلزال أو ضحايا كوارث اخرى أن يستفيدوا منه”.

وأثار الديش الانتباه إلى أنه “رغم إشارة القانون المُحدث للصندوق إلى إمكانية التعويض والتضامن مع ضحايا “تسونامي”، فإن كوارث من هذا النوع التي مست المواطنين البسطاء في منتجاتهم الفلاحية المعاشية في طاطا أو في زاكورة وغيرهما، لا يشير إليها، وربما لن يتمكن المتضررون من الاستفادة من هذا الدعم التضامني”.

وسجل منسق الائتلاف “التعامل الإيجابي للسلطات العمومية، وهذا هو المنتظر بسرعة مقبولة واستجابة بتجنيد جميع الوسائل الممكنة”؛ غيْر أنه استدرك: “استراتيجيا، لا بد من التفكير في إيجاد مراكز جهوية للإغاثة وفي كل جهة لضمان تدخل القُرب عبر مراكز تحتوي على صناديق للصناديق الغذائية أو بنك للغذاء وأيضا أبناك للخيام والملابس يمكن أن نستفيد منها بشكل استعجالي في حال حدوث كوارث لا قدر الله”.

التمور.. “ضرر محدود”

لإضاءات أكثر حول الموضوع في الشق المتصل بسلسلة التمور المعروفة بموسم جني أصنافها المحلية بجهات الجنوب الشرقي، تواصلت جريدة هسبريس مع فاعلين محليين في المجال أكدوا أنه “رغم الأضرار التي لحقت بعض الفلاحين وأشجارهم المثمرة، فإن انتعاش الفرشة المائية بعد توالي سنوات جافة قاسية يبقى أكثر الإيجابيات ترجيحا”.

أحمد الرحماني، فاعل فلاحي بطاطا وعضو في اللجنة الاستشارية الفلاحية عن الإقليم، أبرز أهمية “انتعاش الفرشة المائية”، مقابل تأكيده “تضرر حوالي 70 نسبة في المائة من التمور التي كانت تنتظر دورها في الجني”.

وقال متحدثا لهسبريس إن “قطاع التمور هو الأكثر متضرر حاليا من موجة السيول الأخيرة بحكم حلول موسمه مع شهر شتنبر”، مشيرا إلى أن الأضرار/الخسارات شملت بالأساس رقعة ضيقة (دوار واحد من الإقليم)؛ فيما يُنتظَر أن “يَمنع تشييد السدود التي في طور الإنجاز تكرار مثل هذه الفواجع الطبيعية”.

من جانبه، أكد ماجد عبد السلام، مهني صاحب تعاونية ووحدة تثمين التمور بإقليم زاكورة، أن “بعض أصناف التمور المنتجة محليا قد طالها ضرر الأمطار الأخيرة”، مستدركا:

“ضرر محدود زمنيا وبكميات معينة”، خاتما إفادته لهسبريس أن “الجفاف الهيكلي هو الخطر المحدق بزراعة التمور والفلاحة المعيشية، فيما التساقطات أحْيت الآمال”.

يشار إلى أن آخر بيانات “الحصيلة المُحينة للخسائر والأضرار التي خلفتها التساقطات المطرية الرعدية جد القوية بعدد من عمالات وأقاليم المملكة تشير إلى أنه تم، إلى حدود مساء الاثنين 9 شتنبر، تسجيل 18 حالة وفاة”، وفق بلاغ رسمي لوزارة الداخلية. وفصلت الحصيلة الرسمية أن “حالات الوفاة سُجلت بكل من أقاليم طاطا (عشرة أشخاص)، والراشيدية (ثلاثة أشخاص)، وتزنيت (شخصان)، وتنغير (شخصان)، وتارودانت (شخص واحد)، لافتة إلى “استمرار جهود البحث عن قائمة محصورة بأربعة أشخاص في عداد المفقودين بإقليم طاطا، يتواصل البحث عنهم بشكل متواصل وحثيث”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق