من غزة إلى لبنان.. لماذا فشلت أمريكا في تحقيق وقف إطلاق النار في الشرق الأوسط؟

تحيا مصر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

منذ أن شنت حركة حماس هجماتها في 7 أكتوبر الماضي، والتي كانت بمثابة نقطة تحول في النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، تحاول الولايات المتحدة بقيادة الرئيس جو بايدن التوسط لوقف إطلاق النار، لكن هذه الجهود لم تثمر حتى الآن عن نتائج ملموسة. تعقيدات الصراع وأبعاد العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، إلى جانب التدخلات الإقليمية، كلها عوامل ساهمت في إفشال الجهود الأمريكية.

رحلة بايدن: دعم لإسرائيل وتحديات في التوسط

بعد الهجوم الأول من حماس، قام الرئيس الأمريكي جو بايدن بزيارة غير مسبوقة إلى إسرائيل في وقت الحرب، في إشارة واضحة لدعم واشنطن الثابت لحليفها القديم. وبينما أكد بايدن أمام الكاميرات أن "إسرائيل ليست وحدها"، دعاها أيضًا إلى عدم تكرار الأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول. ومع ذلك، لم تكن تصريحات بايدن كافية لإقناع الحكومة الإسرائيلية بضرورة التراجع عن العمليات العسكرية ضد حماس.

ورغم محاولات بايدن للتهدئة، فإن تأثير الولايات المتحدة على إسرائيل يبدو محدودًا. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تجاهل العديد من الدعوات الأمريكية للتهدئة، مضيفًا أن "ذراع إسرائيل الطويلة" يمكن أن تصل إلى أي مكان في المنطقة، في إشارة إلى استمرار العمليات العسكرية في غزة وحتى في لبنان.

محاولات التهدئة والإخفاقات المتكررة

كانت الدبلوماسية الأمريكية تسعى لتهدئة الوضع في غزة عبر قنوات متعددة، بما في ذلك الحوار مع دول مثل قطر ومصر، التي تعتبر وسطاء أساسيين في التفاوض مع حماس. وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، قام بعدة جولات مكوكية في المنطقة، حيث قاد عشر رحلات دبلوماسية في محاولة لإقناع الأطراف بوقف إطلاق النار. ورغم بعض التقدم، مثل الاتفاقات المؤقتة لإطلاق سراح الرهائن في غزة، فإن الجهود الأمريكية لم تؤدِ إلى وقف دائم للقتال.
 

في الواقع، واجهت إدارة بايدن عقبات عدة، من بينها معارضة نتنياهو لبعض النقاط الأساسية في الاتفاقيات، مثل التواجد العسكري الإسرائيلي على طول الحدود مع مصر. وتسبب هذا التعنت في إفشال العديد من المحاولات الدبلوماسية، بما في ذلك زيارة بلينكن الأخيرة إلى قطر، حيث فشل في لقاء أمير قطر بسبب "مرضه"، مما جعل الرحلة تبدو غير مجدية.

بايدن بين الضغوط الداخلية والخارجية

على الصعيد الداخلي، يواجه بايدن ضغوطًا شديدة من الجمهوريين، الذين ينتقدون أي محاولة لتقييد الدعم العسكري لإسرائيل. في وقت سابق من هذا العام، علّق بايدن شحنة قنابل إلى إسرائيل في محاولة للضغط على نتنياهو لتخفيف التصعيد في رفح، لكن هذا القرار واجه انتقادات واسعة من الجمهوريين ومن نتنياهو نفسه، مما أجبر بايدن على رفع التعليق سريعًا.

على الجانب الآخر، تزايدت الانتقادات من داخل الحزب الديمقراطي نفسه. في الأشهر الأخيرة، نزل الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع الأمريكية مطالبين بوقف الدعم العسكري لإسرائيل ووقف "الإبادة الجماعية" في غزة، مما وضع إدارة بايدن في موقف صعب بين دعم إسرائيل والحفاظ على قاعدة حزبه.

مع استمرار التصعيد في غزة، امتدت الحرب إلى الضفة الغربية ولبنان. أدت الغارات الجوية الإسرائيلية على جنوب بيروت إلى مقتل حسن نصر الله، زعيم حزب الله، مما أثار رد فعل عنيف من إيران، التي أطلقت أكثر من 180 صاروخًا على إسرائيل في إطار تصعيد جديد يهدد المنطقة بأسرها.

فشل الدبلوماسية أم تأثيرها المحدود؟

على الرغم من فشل محاولات الولايات المتحدة للتوصل إلى وقف إطلاق نار شامل، يدعي بعض المسؤولين أن الجهود الأمريكية نجحت في تغيير "شكل" العمليات العسكرية الإسرائيلية، مما جعل بعض الهجمات أكثر تحديدًا وأقل شمولية مما كانت ستكون عليه دون الضغوط الأمريكية.

إلى جانب ذلك، تمكنت واشنطن من ضمان تدفق بعض المساعدات الإنسانية إلى غزة، رغم الحصار الإسرائيلي والظروف القاسية التي يعاني منها الفلسطينيون. كما نجحت الجهود الدبلوماسية مع مصر وقطر في تحقيق هدنة مؤقتة أواخر العام الماضي، تم خلالها إطلاق سراح عدد من الرهائن.

صراع مستمر وآمال دبلوماسية ضعيفة

بينما تستمر الولايات المتحدة في محاولاتها للتهدئة، يظل النزاع في الشرق الأوسط معقدًا للغاية. تعقيدات السياسة الداخلية لإسرائيل، إلى جانب المصالح الإقليمية المتداخلة، تجعل من الصعب التوصل إلى حل سياسي مستدام. ورغم نجاح بعض المحاولات المؤقتة، إلا أن إدارة بايدن لم تتمكن من وضع حد نهائي للصراع. وبينما يستمر التصعيد في غزة ولبنان، تبقى التساؤلات مفتوحة حول ما إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على ممارسة نفوذ كافٍ لوقف الحرب.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق