متابعة بتول ضوا

تُثير ظاهرة “دوائر الجن” الغامضة حيرة العلماء منذ عقود، حيث تظهر هذه الدوائر الدائرية الخالية من العشب بشكلٍ مُنتظم في صحراء ناميبيا وأستراليا، تاركةً وراءها أسئلةً مفتوحةً حول أصلها وتكوينها.

ما هي دوائر الجن؟

تُعرف دوائر الجن باسم “fairy circles” أو “fairy rings” أيضاً، وهي عبارة عن مناطق دائرية خالية من العشب تتراوح أقطارها بين 2 و12 مترًا، وتظهر مفاجئةً وسط مساحاتٍ عشبيةٍ كثيفةٍ في صحراء ناميبيا ومنطقة بيلبارا في غرب أستراليا. تتميز هذه الدوائر بحدودها الحادة ونباتاتها المختلفة عن تلك الموجودة في محيطها، مما يُضفي عليها مظهرًا غريبًا ومُلفتًا للنظر.

تُعدّ أسباب تكوين دوائر الجن لغزًا يُحيّر العلماء منذ اكتشافها لأول مرة. فقد طرحت العديد من النظريات لتفسير هذه الظاهرة، شملت بعضها:

نشاط النمل الأبيض: اعتقد البعض أنّ النمل الأبيض مسؤول عن تكوين هذه الدوائر من خلال حفر أنفاقه تحت الأرض، مما يُؤدي إلى موت العشب في تلك المناطق.

التنافس على الماء: اقترح آخرون أنّ هذه الدوائر تتشكل نتيجةً لتنافس الأعشاب على الماء في البيئة الصحراوية القاسية، حيث تُصبح بعض المناطق خاليةً من العشب بسبب نقص الماء.

التأثيرات الكهربائية: طرحت بعض النظريات دورًا محتملًا للتأثيرات الكهربائية في تكوين هذه الدوائر، لكن لم يتم إثبات ذلك علميًا.

نشاط حيواني: اقترح البعض أن تكون حيوانات مثل الحمير الوحشية أو الأيائل مسؤولة عن تدمير العشب في تلك المناطق من خلال الرعي أو الدوس.

وفي السنوات الأخيرة، سعت العديد من الدراسات إلى كشف غموض دوائر الجن، باستخدام تقنياتٍ علميةٍ متقدمةٍ لتحليل التربة والنباتات داخل هذه الدوائر ومحيطها.

أظهرت إحدى الدراسات أنّ دوائر الجن قد تكون ناتجةً عن ظاهرةٍ تُعرف باسم “التنظيم الذاتي”، حيث تُؤدي تفاعلاتٌ معقدةٌ بين العشب والماء والتربة إلى تكوين أنماطٍ دائريةٍ بمرور الوقت.

كما أشارت دراساتٌ أخرى إلى أنّ النمل الأبيض قد يلعب دورًا في تكوين هذه الدوائر، لكن ليس بشكلٍ مباشرٍ كما كان يُعتقد سابقًا.

على الرغم من أنّ العلماء لم يتمكنوا حتى الآن من حلّ لغز دوائر الجن بشكلٍ كاملٍ، إلا أنّ هذه الظاهرة تُعدّ مثالًا مُذهلًا على قدرة الطبيعة على خلق أنماطٍ مُعقدةٍ وغامضةٍ