صور شعر مكتوب على ورق: إبداع الكلمة والفن في كل طيات الورق

كيس ون 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

تعد الشعر العربي أحد أساليب التعبير الأدبية الرائعة التي تعبر عن الأفكار والمشاعر وتجسد صور الحياة بمختلف جوانبها،لذا، يعتبر شعراء العصر الحديث والمعاصر من أهم العناصر التي أثرت في الثقافة العربية وأسهمت في تطوير الشعر،لقد قدم هؤلاء الشعراء، عبر القصائد والأشعار، تجارب إنسانية عظيمة وما زالت تحتفظ بقيمتها حتى يومنا هذا،سنستعرض في هذا البحث مجموعة من القصائد التي تعكس عبقرية الشعر العربي من خلال التأمل في موضوعات شتى.

شعر مكتوب على ورق

في الشعر العربي الحديث، نجد أن العديد من الشعراء استخدموا الكلمات كوسيلة لخدمة الأغراض المختلفة، مما أدى إلى ولادة أشعار تعكس التغيرات الاجتماعية والثقافية،يكتسب هذا الشعر قيمة تاريخية ومعنوية تعكس للقراء وللأجيال القادمة معالم الحقبة الزمنية التي كتب فيها،فشعر هؤلاء الأدباء سجل زمني يحمل الكثير من الآلام والأفراح، ويسلط الضوء على تغيرات الحياة من حولهم.

أحمد شوقي

يعتبر أحمد شوقي، الشهير بلقب أمير الشعراء، واحدًا من أعظم الشعراء في العصر الحديث،أشعار شوقي تعكس تنوع موضوعاتها وجمال أسلوبها، إذ تضم مجموعة الشوقيات المعروفة تأثيرات فلسفية وثقافية كبيرة، مما جعل منها مرجعًا لمن يسعى لفهم الشعر العربي في هذه الحقبة،لنستعرض بعض الأعمال الشهيرة لأحمد شوقي التي تعكس فكره وعمق مشاعره.

قصيدة كبار الحوادث في وادي النيل

قصيدة (كبار الحوادث في وادي النيل) تم تقديمها في المؤتمر الشرقي الدولي في جنيف، وتعتبر واحدة من أهم قصائد شوقي،تظهر قوة الشعر في قدرة الشاعر على تصوير الأحداث بأسلوب جذاب وبلاغي.

همَّت الفُلك واحتواها الماءُ وحَداها بمن تُقِلُّ الرجاءُ

ضرب البحرُ ذو العُباب حوالَيـ ـها سماءً قد أكبرَتها السماءُ

ورأى المارقون من شرَكِ الأر ضِ شِباكًا تمدُّها الدأْماءُ

وجبالًا مَوائجًا في جبالٍ تتدجَّى كأنها الظَّلماءُ

ودويًّا كما تأهَّبت الخيـ ـل وهاجَت حُماتَها الهيجاءُ

لُجَّةٌ عند لُجَّةٍ عند الأخرى كهِضابٍ ماجَت بها البيداءُ

وسَفينٌ طَورًا تلوح وحينًا يتولَّى أشباحَهنَّ الخفاءُ

نازلاتٌ في سَيرها صاعداتٌ كالهوادي يهزُّهنَّ الحُداءُ

ربِّ إن شئتَ فالفضاء مَضيقٌ وإذا شئتَ فالمَضيق فضاءُ

فاجعل البحرَ عصمةً وابعث الرحـ ـمة فيها الرياح والأنواءُ

أنت أُنسٌ لنا إذا بعُدَ الأُنـ ـس وأنت الحياة والإحياءُ

يتولَّى البحارَ مهما ادَّلهمَّت منك في كل جانب لألاءُ

وإذا ما علَت فذاك قيامٌ وإذا ما رغَت فذاك دعاءُ

فإذا راعَها جلالُك خرَّت هيبةً فهْي والبساطُ سواءُ

والعريض الطويل منها كتابٌ لك فيه تحية وثناءُ

يا زمانَ البِحار لولاك لم تُفـ ـجع بنُعمى زمانها الوَجناءُ

فقديمًا عن وَخدِها ضاق وجه الـ أرض وانقاد بالشِّراع الماءُ

وانتهَت إمرة البِحار إلى الشرْ قِ وقام الوجود فيما يشاءُ

وبنَينا فلم نُخلِّ لِبانٍ وعلَونا فلم يجُزنا علاءُ

وملَكْنا فالمالكون عبيد والبرايا بأَسرهم أُسراءُ

قُل لِبانٍ بنى فشادَ فغالَى لم يجُز مصرَ في الزمانِ بِناءُ

ليس في الممكنات أن تُنقَل الأجـ ـبال شُمًّا وأن تُنال السماءُ

أجْفل الجنُّ عن عزائم فرعو نَ ودانَت لبأسها الآناءُ

شاد ما لم يشِد زمانٌ ولا أنـ ـشأ عصرٌ ولا بنى بنَّاءُ

هيكلٌ تُنثَر الديانات فيهِ فهْي والناس والقرون هَباءُ

وقبورٌ تحطُّ فيها الليالي ويُوارَى الإصباح والإمساءُ

تُشفِق الشمس والكواكب منها والجديدانِ والبِلى والفناءُ

زعموا أنها دعائمُ شِيدَت بيدِ البغْي مِلؤها ظَلماءُ

فاعذِر الحاسدين فيها إذا لا مُوا فصعبٌ على الحَسود الثناءُ

دُمِّر الناسُ والرعيَّةُ في تشـ ـيِيدها والخلائقُ الأُسراءُ

مضناك جفاه مرقده لأحمد شوقي

قصيدة مضناك جفاه مرقده

قصيدة (مضناك جفاه مرقده) تمثل صورة رائعة أخرى من إبداعات أمير الشعراء أدت إلى تسليط الضوء على مشاعر الألم والحب بأسلوب فني بليغ.

مُضناكَ جَفاهُ مَرقَدُهُ

وَبَكاهُ وَرَحَّمَ عُوَّدُهُ

حَيرانُ القَلبِ مُعَذَّبُهُ

مَقروحُ الجَفنِ مُسَهَّدُهُ

أَودى حَرَفاً إِلّا رَمَقاً

يُبقيهِ عَلَيكَ وَتُنفِدُهُ

يَستَهوي الوُرقَ تَأَوُّهُهُ

وَيُذيبُ الصَخرَ تَنَهُّدُهُ

وَيُناجي النَجمَ وَيُتعِبُهُ

وَيُقيمُ اللَيلَ وَيُقعِدُهُ

وَيُعَلِّمُ كُلَّ مُطَوَّقَةٍ

شَجَناً في الدَوحِ تُرَدِّدُهُ

كَم مَدَّ لِطَيفِكَ مِن شَرَكٍ

وَتَأَدَّبَ لا يَتَصَيَّدُهُ

فَعَساكَ بِغُمضٍ مُسعِفُهُ

وَلَعَلَّ خَيالَكَ مُسعِدُهُ

الحُسنُ حَلَفتُ بِيوسُفِهِ

وَالسورَةِ إِنَّكَ مُفرَدُهُ

قَد وَدَّ جَمالَكَ أَو قَبَساً

حَوراءُ الخُلدِ وَأَمرَدُهُ

وَتَمَنَّت كُلُّ مُقَطَّعَةٍ

يَدَها لَو تُبعَثُ تَشهَدُهُ

جَحَدَت عَيناكَ زَكِيَّ دَمي

أَكَذلِكَ خَدُّكَ يَجحَدُهُ

قَد عَزَّ شُهودي إِذ رَمَتا

فَأَشَرتُ لِخَدِّكَ أُشهِدُهُ

وَهَمَمتُ بِجيدِكِ أَشرَكُهُ

فَأَبى وَاِستَكبَرَ أَصيَدُهُ

وَهَزَزتُ قَوامَكَ أَعطِفُهُ

فَنَبا وَتَمَنَّعَ أَملَدُهُ

سَبَبٌ لِرِضاكَ أُمَهِّدُهُ

ما بالُ الخَصرِ يُعَقِّدُهُ

بَيني في الحُبِّ وَبَينَكَ ما

لا يَقدِرُ واشٍ يُفسِدُهُ

ما بالُ العاذِلِ يَفتَحُ لي

بابَ السُلوانِ وَأوصِدُهُ

وَيَقولُ تَكادُ تُجَنُّ بِهِ

فَأَقولُ وَأوشِكُ أَعبُدُهُ

مَولايَ وَروحي في يَدِهِ

قَد ضَيَّعَها سَلِمَت يَدُهُ

ناقوسُ القَلبِ يَدُقُّ لَهُ

وَحَنايا الأَضلُعِ مَعبَدُهُ

قَسَماً بِثَنايا لُؤلُؤها

قَسَمَ الياقوتُ مُنَضَّدُهُ

وَرُضابٍ يوعَدُ كَوثَرُهُ

مَقتولُ العِشقِ وَمُشهَدُهُ

وَبِخالٍ كادَ يُحَجُّ لَهُ

لَو كانَ يُقَبَّلُ أَسوَدُهُ

وَقَوامٍ يَروي الغُصنُ لَهُ

نَسَباً وَالرُمحُ يُفَنِّدُهُ

وَبِخَصرٍ أَوهَنَ مِن جَلَدي

وَعَوادي الهَجرِ تُبَدِّدُهُ

ما خُنتُ هَواكَ وَلا خَطَرَت

سَلوى بِالقَلبِ تُبَرِّدُهُ

على محمود طه

ننتقل الآن إلى واحد من أبرز أعلام الشعر العربي المعاصر، وهو الشاعر علي محمود طه، الذي عُرف بلقب “شاعر الجندول”،اشتهر طه بشعره الرقيق الذي يعكس حبه للجمال والطبيعة،وفي هذه الأثناء، سنستعرض قصيدته الجميلة التي شكلت جزءاً من الثقافة العربية، والتي قام بتلحينها الموسيقار محمد عبد الوهاب، من خلال سطورها المتألقة.

قصيدة (أغنية الجندول في كرنفال فينيسيا)

اين من عيني هاتيك المجالي … ياعروس البحر ياحلم الخيال

اين عشاقك سمار الليالي … اين من واديك يامهد الجمال

موكب الغيد وعيد الكرنفال … وسرى الجندول في عرض القتال

بين كأس يتشهى الكرم خمره

وحبيب يتمنى الكأس ثغره

التقت عيني به أول مره

فعرفت الحب من أول نظره

مر بي مستضحكا في قرب ساقي … يمزج الراح بأقداح رقاق

قد قصدناه على غير اتفاق … فنظرنا , و ابتسمنا للتلاقي

وهو يستهدي على المفرق زهره

ويسوي بيد الفتنة شعره

حين مست شفتي اول قطره

خلته ذوب في كأسي عطره

أين من عيني هاتيك المجالي … ياعروس البحر يا حلم الخيال

ذهبي الشعر , شرقي السمات … مرح الأعطاف , حلو اللفتات

كلما قلت له خذ ،قال هات … ياحبيب الروح يا أنس الحياة

قلت والنشوة تسري في لساني … هاجت الذكرى فأين الهرمان

اين وادي السحر صداح المغاني

اين ماء النيل اين الضفتان

آه لو كنت معي نختال عبره

في الختام، يتضح أن الشعر العربي المعاصر يتمتع بثروة فنية وثقافية غنية، حيث تعبر قصائد الشعراء عن مشاعر الأمل والحب والفقد والفخر،لقد تمكّن الشعراء من تقديم أعمال فردية تتناول الموضوعات الإنسانية بطرق متجددة، مما يساهم في ترسيخ مكانتهم في الذاكرة الأدبية،إن العودة إلى تراث هؤلاء الشعراء تعيد إحياء التجارب الإنسانية التي لا تزال مؤثرة في مجتمعاتنا اليوم،يُعد الاحتفاء بالشعر العربي جزءًا لا يتجزأ من الحفاظ على الهوية الثقافية.

ممدوح رضا

الكاتب

ممدوح رضا

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق