زار رئيس مجلس مفوضي سلطة إقليم البترا التنموي السياحي، فارس البريزات، يرافقه مدير دائرة الآثار العامة فوزي ابو دنة، ونائب الرئيس شاكر العدوان ومفوض المحمية والسياحة المهندس يزن محادين عدداً من المواقع الأثرية والتاريخية في البترا وأذرح والبسطة والمتحف القديم بالبترا وقصر البنت، وبيت نزال، برفقة عدد من كوادر محمية البترا الأثرية وخبراء الآثار.

وتأتي هذه الزيارة ضمن جهود السلطة المستمرة لتطوير منتجات سياحية جديدة لاطالة امد اقامة الزوار من خلال توسيع النطاق السياحي والتنموي لمدينة البترا وربطها بالمواقع الأثرية والسياحية المحيطة ذات البعد التاريخي والثقافي والديني، بما يعزز من التجربة السياحية المتكاملة ويخدم التنمية المستدامة.

وتقع أذرح إلى الجنوب الشرقي من مدينة البترا، وتُعد من أقدم المدن التاريخية في المنطقة، إذ كانت مركزاً حضاريًا مهماً في الفترات النبطية والرومانية والإسلامية.

وتذكر المصادر أن أذرح كانت من المدن التي عقد فيها "التحكيم" في الخلاف التاريخي بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، ما يمنحها قيمة رمزية إسلامية فريدة.

وتحتوي أذرح على بقايا معمارية مميزة، من بينها حصون رومانية، ومدافن نبطية، وبنية تحتية مائية تشمل قنوات وسدود، تعكس مستوى التقدم الحضاري الذي وصلت إليه المدينة في فترات ازدهارها.

ويشكل جبل التحكيم نقطة بارزة من الناحية الدينية والتاريخية، إذ يُنسب إليه حدث التحكيم الذي حصل بعد معركة صفين، وهو ما يجعله موقعاً ذا أهمية كبرى في التاريخ الإسلامي، كما يتميز بموقعه الجغرافي المطل على المناطق المحيطة، ما يجعله نقطة جذب سياحي طبيعي وثقافي في آنٍ واحد.

وأكد البريزات خلال الجولة أهمية إدراج الجبل ضمن المسارات السياحية الدينية، مشيراً إلى أن جبل التحكيم يروي فصلاً مهماً من التاريخ الإسلامي في جنوب الأردن، ويستحق أن يكون محطة رئيسية ضمن التجربة السياحية الشاملة في المنطقة إلى جانب عدد من المساجد الإسلامية القديمة من العصرين الفاطمي والمملوكي في منطقة البيضا بالبترا التي تعكس الاستمرارية الحضارية في المنطقة عبر القرون.

وتُعد قرية بسطة الأثرية الواقعة جنوب الأردن شرق البترا، من أقدم مواقع الاستيطان البشري في المنطقة، حيث تعود إلى العصر الحجري، وكشفت الحفريات عن منازل حجرية وأدوات زراعية وهياكل عظمية، مما يدل على بداية الحياة المستقرة وممارسة الزراعة، وتمثل محطة رئيسية لفهم تطور المجتمعات الأولى في جنوب بلاد الشام، وتُعد من أهم الشواهد على التحول من الصيد إلى الزراعة في تاريخ البشرية، كما تقع على مقربة من الطريق المؤدي من العقبة للبترا، وهو ما يُسهل ربطها بالمسار السياحي لمدينة البترا.

وفي تصريح صحفي للبريزات أكد فيه على أهمية المواقع التي تمت زيارتها وضرورة دمجها في المنظومة السياحية للبترا، مشدداً على أن زيارة السائح يجب أن تمتد لتشمل إرثاً حضارياً غنياً وعميقاً كجبل التحكيم وموقع أذرح.

وتعمل السلطة على بناء رؤية متكاملة لربط هذه المواقع بالمسارات السياحية لمدينة البترا، بما يضمن تقديم تجربة متنوعة للزائر، ويدعم في الوقت ذاته المجتمعات المحلية اقتصادياً وتنموياً.

وأكد البريزات أن السياحة المستدامة تبدأ من إشراك الناس وحماية هوية المكان. وتشكل هذه المواقع فرصة ذهبية لخلق مسارات جديدة تروي قصصاً مغفلة من تاريخنا وتثري الفهم العالمي للحضارة النبطية والإسلامية في جنوب الأردن.

بدوره، أكد مدير عام دائرة الآثار العامة فوزي أبو دنة أن هذه المواقع تمثل أهمية أثرية وعلمية كبيرة، مشيراً إلى عزمه لإعداد دراسات متكاملة وتوثيقها بشكل علمي تمهيداً لإدراجها ضمن البرامج الوطنية والدولية للحفاظ على التراث، والخارطة السياحية.

وناقش الوفد خلال الزيارة عدداً من المقترحات التي تهدف إلى تطوير هذه المواقع ودمجها في منظومة السياحة المستدامة، بما يشمل تحسين البنية التحتية، وتطوير المسارات السياحية، وتأهيل المواقع بالتعاون مع دائرة الآثار العامة والمجتمعات المحلية، حيث أن بعض المواقع تحتاج إلى إعادة بناء وترميم، كما ناقش الطرفان إمكانية إعادة استخدام "بيت نزال" في الموقع الأثري كمركز للتراث والتوثيق الأثري، ليكون مركزاً إقليمياً للآثار النبطية.

وتعكس هذه الزيارة حرص سلطة إقليم البترا ودائرة الآثار العامة على توسيع نطاق الاستفادة من الإرث الثقافي والتاريخي في المنطقة، ضمن رؤية تنموية شاملة تسعى إلى تعزيز الهوية الوطنية، وتحقيق تنمية اقتصادية وثقافية ترتكز على استدامة الموارد وتعزيز دور المجتمعات المحلية في صناعة السياحة وحماية التراث.

المملكة