يقف غدًا، أكثر من مليوني حاجٍّ من مختلف أنحاء العالم على صعيد عرفات الطَّاهر، في مشهد إيمانيٍّ مهيب، وسط منظومة خدميَّة متكاملة، وفي مشهد يتكرَّر كل عام، يجتمع الحجَّاج على صعيد عرفات، متجرِّدين من كل متاع الدنيا، متضرِّعين إلى الله، مبتهلين بالدعاء، رافعين أكفَّهم في أعظم أيام العام، طلبًا للمغفرة والرَّحمة. ويُعدُّ الوقوف بعرفة أحد أركان الحجِّ العُظمَى، حيث قال النبيُّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: «الحَجُّ عَرَفَة».

في الجانب الأمني، كثَّفت الجهات الأمنيَّة انتشارها في مشعر عرفات، حيث وضعت الخطط الأمنيَّة والمروريَّة والصحيَّة؛ لضمان سلامة الحجَّاج، وتسهيل تنقلاتهم، وضبط أيِّ مخالفات أو تجاوزات قد تخلُّ بسير الشَّعائر.

وتعمل قوات الأمن على تنفيذ خطَّة متكاملة لضبط الحشود، وضمان انسيابيَّة الحركة داخل عرفات، بالإضافة إلى إدارة التفويج من المخيَّمات إلى مسجد نمرة، وأماكن التجمُّع، ضمن آليَّة إلكترونيَّة دقيقة، بالتكامل مع منظومة النقل المتطوِّرة، وعلى رأسها قطار المشاعر.

منشآت مطوَّرة وبيئة متكاملة

وفي نقلة نوعيَّة لخدمة الحجَّاج في مشعر عرفات، شهدت الساحات المحيطة بمسجد نمرة تنفيذ مشروع تظليل وتبريد متكامل، يوفِّر بيئة مريحة للحجَّاج أثناء وجودهم في الموقع، لاسيَّما في أوقات الذروة.

كما جُهزت الممرَّات بـأرضيَّات مطاطيَّة لتقليل امتصاص الحرارة، وتسهيل حركة الحجَّاج.

وتم توزيع مراوح رذاذ مائي لتلطيف الأجواء، إلى جانب تجهيز منافذ لشحن الهواتف الذكيَّة لتلبية احتياجات الحجَّاج التقنيَّة، فضلًا عن توفير جلسات استراحة، ومساحات خضراء مصمَّمة بعناية لخلق بيئة آمنة، وإنسانيَّة تعزِّز من تجربة الحجِّ، وتُخفف مشقة الطريق.

منظومة النقل

وفي قلب منظومة النقل الحديثة، يبرز قطار المشاعر المقدَّسة كأحد أبرز الإنجازات اللوجستيَّة التي سهَّلت حركة الحشود بين المشاعر الثلاثة.

ويضم القطار 9 محطَّات موزَّعة على المشاعر المقدَّسة، تربط بينها مسارات مزدوجة بطول يقارب 18 كيلومترًا؛ ممَّا يضمن سرعة التنقل بين المشاعر، وتخفيف الضغط على الطرق البريَّة.

ويوفِّر القطار سعة استيعابيَّة تصل إلى 72 ألف حاجٍّ في الساعة الواحدة، وتستوعب العربة الواحدة نحو 250 حاجًّا، بما يعادل 3000 حاجٍّ في الرحلة الواحدة.

وتعمل القطارات بوتيرة عالية أثناء التصعيد إلى عرفات، والنفرة إلى مزدلفة، بواقع عدَّة رحلات كل ساعة، مع التركيز على الالتزام بالجدول الزمنيِّ لكل حملة حجٍّ لضمان الانسيابيَّة.

استعدادات صحية غير مسبوقة

وضمن الجهود الصحيَّة، رفعت وزارة الصحَّة جاهزيتها إلى أعلى درجاتها، حيث جُهِّزت المراكز الصحيَّة في عرفات بكافَّة التجهيزات الطبيَّة والكوادر البشريَّة، إلى جانب المستشفيات الميدانيَّة، وسيارات الإسعاف المتطوِّرة.

وأعلنت «الصحَّة» عن استعدادها الكامل للتعامل مع أيِّ حالات طارئة، مشيرةً إلى الاعتماد على تقنيات متطوِّرة، ونظم ذكاء اصطناعيٍّ لرصد الأمراض، والاستجابة السَّريعة لأيِّ حالات طارئة.

كما وفَّرت الهيئة العامَّة للهلال الأحمر السعودي آلاف المتطوِّعين ضمن فرق ميدانيَّة متنقلة لتقديم الإسعافات العاجلة للحجَّاج في مشعر عرفات.