طهران تتحرك وتل أبيب ترد.. هل يشتعل الجنوب السوري مجددا؟

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
طهران تتحرك وتل أبيب ترد.. هل يشتعل الجنوب السوري مجددا؟, اليوم الخميس 5 يونيو 2025 10:45 صباحاً

في تطور ميداني يعيد الجنوب السوري إلى واجهة الأحداث، تتسارع التقارير الاستخباراتية حول تنامي أنشطة جماعات موالية لإيران في درعا والقنيطرة، وسط تحذيرات إسرائيلية متصاعدة واتهامات مباشرة للرئيس السوري أحمد الشرع بتحمّل المسؤولية عن أي تصعيد ينطلق من أراضيه.

هذه التطورات لم تمر دون رد، إذ شددت دمشق على التزامها باتفاق فك الاشتباك لعام 1974، معتبرة أن الاستقرار في الجنوب أولوية وطنية.

وتشير المعلومات الأولية إلى قيام مجموعة مسلحة تطلق على نفسها اسم "كتائب محمد الضيف" بإطلاق صواريخ من الأراضي السورية باتجاه الجولان المحتل، ما دفع الجيش الإسرائيلي إلى تنفيذ ضربات جوية استهدفت مواقع في ريفي درعا والقنيطرة.

إسرائيل، بدورها، لم تكتف بالرد العسكري، بل حملت الرئيس السوري أحمد الشرع المسؤولية السياسية الكاملة، في رسالة ذات دلالة مزدوجة: تحذير مباشر لدمشق، وتأكيد بأن تل أبيب تعتبر إيران حاضرة في كل ما يجري على الأراضي السورية.

في هذا السياق، أوضح الكاتب والباحث السياسي مصطفى النعيمي خلال حديثه لـ"التاسعة" على سكاي نيوز عربية أن "ما يجري في الجنوب السوري هو انعكاس لصراع استخباراتي معقد بين أطراف دولية، تستخدم فيها الجغرافيا السورية كمنصة لتوجيه رسائل غير مباشرة"، مؤكدا أن إسرائيل "تفتعل ذرائع أمنية لتبرير تدخلاتها، رغم أن الوقائع الميدانية لا تثبت وجودا عسكريا مباشرا لإيران في تلك المنطقة خلال الفترة الأخيرة".

الشرع يفتح نافذة للسلام

في مواجهة التصعيد الإسرائيلي، اختار الرئيس السوري لغة التهدئة، مؤكدا في حديث لصحيفة Jewish Journal الأميركية، أن سوريا "لا تشكل تهديدا لأحد" وداعيا إلى إحياء اتفاق فك الاشتباك كخطوة باتجاه إعادة الاستقرار.

هذا الطرح اعتبره النعيمي "تحولا دبلوماسيا لافتا" يهدف إلى تقويض الذرائع الإسرائيلية وفتح قناة تفاهم إقليمي تحت سقف الشرعية الدولية. وأضاف: "دعوة الرئيس الشرع لإعادة تفعيل اتفاق 1974 ليست فقط موجهة لإسرائيل، بل أيضا لإعادة إشراك الأمم المتحدة في ملف الجنوب السوري، ما يعني إدخال طرف دولي قد يعيد ضبط قواعد الاشتباك".

وبينما تستعرض تل أبيب قوتها الجوية، تعمل دمشق على تعزيز موقفها القانوني والسياسي عبر رسائل هادئة تحمل بين سطورها معادلة واضحة: الأمن مقابل الاعتراف بالسيادة.

إيران.. الغائب الحاضر في كل جولة تصعيد

رغم عدم تبني إيران رسميا لأي نشاط عسكري في جنوب سوريا، إلا أن تل أبيب تصر على تحميل طهران مسؤولية أي تحرك في هذه المنطقة.

ويصف النعيمي هذا الإصرار بأنه "مكرر ومكشوف"، معتبرا أن إسرائيل "تسعى لإبقاء إيران في واجهة المشهد السوري مهما تراجع نفوذها، لأنها تحتاج دائما إلى خصم قابل للشيطنة يمنحها مبررًا دائمًا للتدخل".

"ما تفعله إسرائيل هو هندسة صورة صراع طويل الأمد ضد إيران، لكن في العمق، هي تؤسس لنفوذ أمني دائم في جنوب سوريا تحت ذرائع مختلقة" بحسب مصطفى النعيمي.

ويرى النعيمي أن سيناريو إشعال الجنوب لا ينفصل عن السياقات الإقليمية الكبرى، خاصة مع تعثر المسار النووي بين طهران وواشنطن، وبدء تحولات واضحة في الموقف الخليجي إزاء سوريا، ما قد يدفع إيران لاستخدام أوراقها الميدانية – أو الإيحاء بوجودها – للضغط والتفاوض من موقع القوة.

الجنوب تحت المجهر

تتجاذب الجنوب السوري اليوم قوتان متناقضتان: رغبة دمشق الواضحة في تثبيت الأمن والانفتاح على محيطها العربي، مقابل تصعيد إسرائيلي يحاول تثبيت معادلة أمنية أحادية الطرف. وهنا يكمن جوهر ما أشار إليه النعيمي حين قال: "الساحة الجنوبية تُستخدم كصندوق رسائل بين طهران وتل أبيب، ولكنها أيضًا أصبحت منصة لاختبار مدى قدرة النظام السوري على فرض سيادته فعليًا في مناطق كانت سابقًا خارجة عن السيطرة".

ويرى النعيمي أن المرحلة المقبلة ستشهد محاولات لإعادة تعريف قواعد الاشتباك، مشيرًا إلى أن "دمشق بحاجة لتحصين خطابها السلمي بمواقف عملية، مثل إعادة انتشار قواتها في بعض المناطق الرمادية، وتفعيل التنسيق مع حلفائها الإقليميين من غير ذوي الأجندة الإيرانية".

خيارات ضيقة في ميدان متفجر

في ميزان التصعيد، لا يبدو الجنوب السوري ساحة مستقلة عن باقي التوترات الإقليمية، بل مرآة عاكسة لمجمل الصراع الإيراني-الإسرائيلي وتقاطعاته مع ملفات أكثر حساسية، من البرنامج النووي إلى أمن الطاقة والملاحة في الشرق الأوسط.

وفي ظل هذا التشابك، فإن مبادرة الرئيس الشرع لإحياء اتفاق 1974 قد تمثل ورقة سياسية فعالة لإعادة ضبط الإيقاع، لكنها تظل رهينة بمدى استعداد الأطراف الدولية – وخاصة إسرائيل – للتعاطي مع الجنوب السوري كمساحة لتهدئة الصراع لا تصعيده.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق