نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
اهتزاز بنية الاحتلال تحت نيران الوعد الصادق, اليوم الاثنين 16 يونيو 2025 05:49 مساءً
يعيش الكيان الصهيوني حالة غير مسبوقة من الصدمة والاضطراب، تتسع رقعتها يومًا بعد يوم بفعل الضربات الإيرانية المتواصلة ضمن عملية “الوعد الصادق”. مشهد الحرب الذي كان حكرًا على الفلسطينيين في غزة واللبنانيين على الحدود، بات واقعًا يوميًا للمستوطنين في قلب الكيان، يُزلزل أسس “الأمن الشخصي” ويُعيد صياغة مفهوم الحصانة داخل المجتمع الصهيوني.
فالملاجئ، التي طالما مثّلت خط الدفاع الأخير في العقيدة الأمنية الصهيونية، تحوّلت إلى قبورٍ محتملة. أربعة قتلى في غرفة محصّنة واحدة، ليست مجرد حصيلة بشرية، بل صفعة مباشرة للعقيدة الدفاعية التي بُني عليها الأمن الداخلي الإسرائيلي منذ عقود. والمفارقة أن هذه الحصانة الوهمية انهارت في ظل قصف دقيق وممنهج، لم تنجح القبة الحديدية ولا الخطاب السياسي في التخفيف من وقعه أو منعه.
ولا يقتصر الانهيار على الجانب الأمني، بل يتعداه إلى البنية النفسية والاجتماعية للجبهة الداخلية. الأسئلة تتوالى بلا إجابات: إلى متى يمكن احتمال هذا النمط من الحرب؟ هل تبقى الحياة ممكنة في ظل التهديد الدائم؟ كيف يمكن لإسرائيل أن توازن بين استمرار الحرب وتفكك الداخل؟ مئات المصابين، ودمار واسع النطاق، وارتباك في صفوف المستوطنين، كل ذلك يشي بأننا أمام حرب استنزاف قد لا يتحملها الكيان طويلًا.
المحاولات الرسمية للترويج لفاعلية القبة الحديدية فقدت مصداقيتها أمام المشاهد اليومية للخراب. وبدلًا من الإقناع، باتت هذه التصريحات تُعمّق شعور المستوطنين بأنهم تُركوا لمصيرهم في معركة لا يملكون أدواتها ولا يعرفون مداها.
نتنياهو في مواجهة الداخل.. تآكل الشرعية السياسية
في قلب هذه العاصفة، يواجه بنيامين نتنياهو أسئلة وجودية من داخل كيانه السياسي. الإجماع الذي سبق الضربة الإيرانية على ضرورة التصعيد ضد طهران، بدأ يتفتت أمام نتائج الحرب على الأرض. بدأت أصوات بارزة من داخل الأوساط الصهيونية تتهمه بالمغامرة غير المحسوبة، والقيادة العمياء لمعركة لا مخرج واضحًا لها.
المستوطنون أنفسهم، الذين كانوا بالأمس وقود الخطاب التعبوي، باتوا اليوم الجهة الأكثر تشكيكًا. يعبّرون عن يأسهم وغضبهم عبر وسائل التواصل، ويتساءلون عن جدوى الحرب، وعن الثمن الذي يُطلب منهم دفعه في مواجهة لا تبدو فيها مؤشرات حسم أو انتصار قريب.
وتختلف الحرب الحالية تختلف جذريًا عن كل ما سبق. ليست مع غزة المحاصَرة، بل مع دولة إقليمية كبرى تمتلك عمقًا جغرافيًا واسعًا، وقدرات صاروخية ومسيّرات دقيقة، وخبرة في إدارة المعارك غير المتكافئة. المشهد بات يشبه حربًا تقليدية بوسائل غير تقليدية، مع ما يفرضه ذلك من استنزاف اقتصادي ومعنوي هائل.
وفي هذه الحرب، الإيرانيون لا يبدون في عجلة من أمرهم، بل يقاتلون بثبات وبتكتيك متدرج، يعرف كيف يوجّه الضربات، ومتى يصمت ليُربك، وكيف يزرع الشك في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ذاتها.
الإعلام تحت الرقابة
أمام كل هذا، يلجأ الكيان إلى التعتيم. تمنع الرقابة العسكرية نشر صور أو تفاصيل عن مواقع الاستهداف، وتمنع الكشف عن أسماء المنشآت التي أصابتها الصواريخ أو المسيّرات. مشاهد حيفا، منشآت بايسمان، مناطق في غوش دان، كلّها اختفت من الإعلام الصهيوني، لكنها حيّة في تقارير الجمهورية الإسلامية التي توثّق بالصوت والصورة نتائج الضربات.
أبرز مثال على ذلك كان المسيّرة التي حلّقت فوق قيسارية، حيث مقر نتنياهو. اكتفى جيش الاحتلال ببيان مقتضب قال فيه: “الحادث انتهى”. لم يُعرف إن كانت أُسقطت، أم وصلت إلى هدفها، أم فشلت أصلاً. الغموض جزء من سياسة الهروب من مواجهة الواقع.
وفي النهاية، لا يملك الاحتلال رفاهية الحسم ولا خيار الانسحاب. الحرب مفتوحة، والواقع يتآكل من الداخل، والمستوطنون ينهارون نفسيًا واجتماعيًا. وفي كل جولة من جولات الصواريخ، يتّضح أن نتنياهو يُراكم الأوهام لا الإنجازات.
كل يوم يمرّ دون نصر حاسم، هو يوم يُضاف إلى سجل الإخفاقات. ومع كل مشهد دمار جديد، تسقط ورقة من أوراق “أسطورة الردع”، ويتراجع الكيان عن وهم التفوق، ويقترب أكثر من لحظة فقدان السيطرة على مسار الصراع.
المصدر: موقع المنار
0 تعليق