خطبة الجمعة للشيخ علي دعموش

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
خطبة الجمعة للشيخ علي دعموش, اليوم الجمعة 18 أبريل 2025 05:06 مساءً

ألقى نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش خطبة جمعة يوم 18-4-2025.

باسم الله الرحمن الرحيم
“وإذا سألك عبادي عنّي فإنّي قريبٌ أجيب دعوة الداعي إذا دعانِ فليستجيبوا لي وليُؤمنوا بي لعلهم يرشدون”
–    سورة البقرة / 186
الدعاء هو وسيلة وسبب للتوفيق والتسديد ليس في الآخرة فقط وإنّما في الدنيا وفي الحياة الشخصية، بل حتماً في الاستحقاقات الكبرى والأعمال العظيمة والكبيرة…
الأنبياء والرسل كانوا يلجأون إلى هذ الوسيلة ويتوسلون ويتضرعون ويدعون الله في الأزمات والتحديات والمشكلات التي يواجهونها.
النبي موسى (ع) في أوج صراعه مع فرعون ومقاومته لطغيانه وجهاده لاستكباره كان يلجأ إلى الله ويقول بذكر القرآن الكريم: “ربنا إنك آتيت فرعون وملأِه زينةً وأموالاً في الحياة الدنيا ربنا لِيُضلَوا عن سبيلك، ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يُؤمنوا حتّى يَرَوا العذاب الأليم” سورة يونس / 88.
يدعُ الله ويطلب العون منه ليتغلّب على فرعون، ولأن الله قريب يجيب دعوة الداع، يستجيب الله سبحانه وتعالى ويقول: “قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما”، لقد دعوتما وطلبتما النصر على فرعون وقد لبّى الله دعوتكما وطلبكما، (فاستقيما) اصمدا بصلابة وثبات وأمل.
موسى كما كلّ الأنبياء كانوا يلجأون إلى الله سبحانه وتعالى ويتوسلون ويتضرعون لمواجهة التحديات، وهكذا كان حال كلّ مجاهدينا وأهلنا في مواجهتهم للعدوان والضغوط والطغيان الصهيوني، يتوسلون ويدعون ويصمدون ويَثبتون ويصبرون، هكذا كانوا في كل المراحل وهكذا كانوا في العدوان الأخير وهكذا سيكونون على الدوام.
طبعاً أهل الحق في الصراع مع المستكبرين والمعتدين والمحتلين يدفعون أثماناً في هذه المواجهة ويقدمون التضحيات، ليس هناك من معركة بدون تضحيات خصوصاً مع أعداء متوحشين وذئاب مثل اسرائيل وأميركا، النصر هو حليف الحق في المواجهة بين الحق والباطل ولكن جبهة الحق تدفع الأثمان.
في حروبنا مع العدوّ الصهيونيّ كنا ننتصر ونعطل أهداف العدوّ لكن كنّا ندفع الأثمان ونقدم التضحيات.
في العدوان الأخير على لبنان / أيلول 2024 / كان هدف العدوّ هو سحق المقاومة والقضاء عليها ولكنه فشل ولم يستطع تحقيق أهدافه، فنحن أفشلنا أهداف العدو وبيئة المقاومة قدمت تضحيات كبيرة، فقدنا شخصيات عظيمة في هذه الحرب.
فقدنا في هذه الحرب أعز وأسمى ما عندنا وفي مقدمهم سيد شهداء الأمة الشهيد السيد حسن نصر الله (قده) والسيد الهاشمي (قده) وسائر الشهداء والقادة. نعم هذه خسائر وأثمان بل وأثمان فادحة ولكنها في سبيل الله والحق والوطن وعلى طريق الانتصار النهائي.
وهذا ما حدث في معركة أحد عندما فقد النبي (صلى الله عليه وآله) حمزة وفي مُؤتة عندما فقد النبي القادة الكبار، وهذا ما حدث من قبل مع النبي موسى (ع) حين جاء إلى مصر وعاش ظروفاً صعبة وتحديات كبيرة هو وقومه فقد قالوا كما يحدثنا القرآن الكريم: “قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا” سورة الأعراف / 129، كنا نواجه التعذيب والقهر والقتل قبل أن تأتينا نبياً وبعد أن بُعثت نبياً، فكان جواب موسى (ع): “قال موسى استعينوا بالله واصبروا” سورة الأعراف / 128، اطلبوا من الله العون، توجهوا إلى الله واثبتوا فهذا ليس نهاية المطاف ستسير الأمور في النهاية إلى الخير والنصر “عسى ربكم أن يُهلكَ عدوكم ويستخلفكم في الأرض” سورة الأعراف / 129.
وسارت الأمور في النهاية نحو النصر ونفس الأشخاص الذين كانوا يشتكون من التعذيب المستمر رأوا بأعينهم كيف أغرق الله سبحانه وتعالى فرعون وأذلّ من معه، لقد أُبيدوا ولم يبقى لهم أي أثر، لم يبقى من استكبارهم وسلطانهم وقوتهم وجبروتهم وطغيانهم وأجسادهم أي أثر ليصبحوا عبرة.
انظروا إلى الأحداث التي تجري اليوم مع هذا العدوّ الصهيونيّ المتوحش بهذه العين.
انظروا إلى المصاعب والمشاق والتحديات والضغوط والتهديدات والتحريض والحملات الاعلامية والسياسية الخبيثة والحاقدة بهذا المنظار وبهذا الفهم والوعي.
المستكبرون والمجرمون والمحرّضون والمنافقون إلى زوال في نهاية المطاف في الدنيا قبل الآخرة.
استعينوا بالصبر واطلبوا منه العون والثبات ولا تشكّوا في أن نتيجة هذا الصمود الذي رأيناه من أهلنا ومجاهدينا هو هزيمة الأعداء وهزيمة الكيان الصهيوني وداعميه.
النقطة المهمة التي أريد أن أؤكّد عليها هنا هي أنه في هذه الحرب الوحشية التي شنّها العدو على لبنان ظهر بشكل واضح إيمان أهلنا ووعيهم وصبرهم وقدرتهم على تحمّل الضغوط، ظهرت شجاعتهم وشهامتهم وبسالتهم بالرغم من أنهم فقدوا أعزّ ما عندهم. وثبت بحق أنهم شعب شجاع وشعب أبيّ وشعب وفيّ، وقد تجلّت هذه المعاني في التشييع المهيب للأمينين العامين الذي لم يشهد لبنان مثيلاً له في كلّ تاريخه.
كان العدو يهدّد ويريد تخويف الناس من الحضور ولكن شعبنا حضر بقوة وأذهل العالم بحصوره.
اليوم السرطان الذي يفتك بلبنان والمنطقة هو اسرائيل وأميركا الشريك الكامل للكيان الصهونيّ في كلّ الجرائم التي يقوم بها في لبنان وفلسطين والمنطقة.
الهدف الأساسي للولايات المتحدة في لبنان حماية اسرائيل وتمكينها من فرض سيطرتها وتحقيق أهدافها واستخدامها لتطويع وإخضاع كل من يُعارض الهيمنة الأمريكية على المنطقة.
اسرائيل اليوم تستبيح لبنان وتخرق اتفاق وقف إطلاق النار وتعتدي على اللبنانيين بغطاءٍ أمريكيٍ كامل من أجل الضغط على لبنان للانصياع إلى مطالب العدو الاسرائيلي. وطالب العدو الاسرائيلي واضحة وهي نزع سلاح المقاومة وتجريد لبنان من عناصر قوته وتحقيق ما لم تحققه في الحرب. وكلّ من يُطالب بسحب سلاح المقاومة قبل إزالة العدوان الاسرائيلي ومعالجة تهديداته فهو يخدم مطالب العدوّ ويتماشى معه عن قصدٍ أو عن غير قصدٍ.
إن الحديث عن نزع سلاح المقاومة في هذا التوقيت يتعارض مع مصلحة لبنان ويُضغف موقع لبنان وقوته في ظلّ الاحتلال الاسرائيلي واعتداءاته المستمرة.
وما قيل نقلاً عن مصادر في حزب الله من أن الحزب مستعدٌ للبحث في تسليم السلاح في شمال الليطاني ليس صحيحاً، وموضوع نزع السلاح ليس مطروحاً وما هو مطروح أنه بعد انسحاب العدوّ وإطلاق سراح الأسرى ووقف الاعتداءات يتمّ البحث في الاستراتيجية الدفاعية في التوقيت المناسب. هذا المطروح وليس شيئاً آخر.
اليوم الأولوية ليست لبحث مسألة السلاح، الأولوية الكبرى هي لوقف الاعتداءات والانسحاب من أرضنا والاصلاحات الاقتصادية والإدارية وتفعيل مؤسسات الدولة لتقوم بواجباتها تجاه مواطنيها وعدم تأجيل أي ملف أو ربطه بغيره أو بشروط من هنا وهناك ونحن سنكون شركاء فاعلين في كل الخطوات مع الحكومة ومع المجلس النيابيّ.
وإذا كان المقصود من الحملة السياسية والاعلامية على سلاح المقاومة التهويل والضغط النفسي والمعنوي على حزب الله وبيئته والانصياع لمطالب العدو، فنحن لا نُؤخذ بالتهويل والضغوط ولا نستسلم ويجب أن يعرف الجميع أن المقاومة وبيئتها التي قدمت أعظم التضحيات لا تُكسر ولا تستسلم ولا تخضع للعدو وهي بيئة قوية وصلبة وعصية على الضغط والكسر والهزيمة ولها كامل الحق بأرضها وسيادتها. فالمقاومة ومعها لبنان التزما باتفاق وقف إطلاق النار ونفذا ما عليهم من موجبات القرار 1701 بينما لا يزال العدو الاسرائيلي يُمعن في خرقه، وبدل أن تتوجه الضغوط على لبنان والمطالبة بنزع سلاح المقاومة يجب أن تتوجه الضغوط على اسرائيل ومطالبتها بتنفيذ الاتفاق ووقف اعتداءاتها واستباحتها للسيادة اللبنانية.

المصدر: موقع المنار

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق