من المرتقب أن يكون المغاربة على موعد، وسط هذا الأسبوع، مع موجة برد قاسية بدرجات حرارة قياسية الانخفاض تتراوح ما بين ناقص 8 و09 درجات مئوية في حدها الأدنى بعدد من أقاليم المغرب، لا سيما تلك الواقعة في مرتفعات الأطلس.
وحسب معطيات مديرية الأرصاد الجوية، فإن موجة البرد، المستمرة من يوم الثلاثاء إلى الجمعة، ستهم كلا من أقاليم ومناطق إفران وبولمان وصفرو وأزيلال وبني ملال وخنيفرة والحوز وفكيك وشيشاوة وتنغير وورزازات وميدلت وتارودانت، إذ ستلامس درجة الحرارة الدنيا فيها حوالي ناقص 8 درجات مئوية وناقص درجتين مئويتين، ودرجة الحرارة العليا بين 0 و6 درجات مئوية.
وفي تفسيراتها لهذه الظاهرة الجوية المعتادة كل موسم شتاء ولو أنها هذه السنة عادت بـ”حدّة كبرى”، أكدت المديرية، في معطيات سابقة لهسبريس، أن “المغرب يشهد أجواء باردة نتيجة تأثير منخفض جوي مصحوب بكتل هوائية قطبية قادمة من البحر الأبيض المتوسط؛ ما يؤدي إلى انخفاض درجات الحرارة بشكل ملحوظ، مع احتمال تساقط أمطار خفيفة وثلوج على المرتفعات”. فيما سجلت استمرار “الطقس البارد مع صقيع محلي” ورياح قوية حتى منتصف الأسبوع.
الطقس البارد يعيد مطالب مدنية متجددة بضرورة تدخل رسمي من أجل “توفير حطب التدفئة بأثمنة مناسبة وفي متناول قدرة الفئات الهشة التي تقطن المناطق النائية المعنية بموجة البرد”؛ فيما يرى فاعلون ونشطاء يرافعون عن الجبل وقضاياه أهمية إقرار “بدائل معقولة” في ظل غلاء أسعار الحطب والخشب المخصص لتدفئة البيوت.
وحسب معطيات استقتها هسبريس من مصادر محلية بأقاليم جبلية مختلفة، فإن سعر الحطب الموجّه للاستهلاك المنزلي من أجل التدفئة قد ارتفع سعره ليتجاوز، خلال هذه الأيام، 150 درهما إلى 180 درهما لكل 100 كيلوغرام؛ فيما يقترب في بعض المناطق النائية والبعيدة بالمرتفعات من 200 درهم.
“بدائل مقترحة”
تعليقا على الموضوع، لفت محمد الديش، المنسق الوطني للائتلاف المدني من أجل الجبل بالمغرب، إلى أن “فصل الشتاء لهذه السنة يجدد معاناة ساكنة الأقاليم والمناطق الجبلية، خصوصا مع صعوبة توفير الحطب الذي شهدت أثمنته في الأسواق ارتفاعات متتالية خلال الست سنوات الأخيرة”، مسجلا “ارتفاعا في الطلب عليه بما يرفع الأسعار في ظل قلة العرض المتوفر”.
وأبرز الديش، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “توالي موجات البرد وانخفاضات الحرارة بدا ملموسا وأكثر حدة هذه السنة بفعل تقلبات المناخ؛ فقد سجل بعض المواطنين هبوط درجات المحرار إلى ناقص 12 درجة مئوية ليلا، شتاء الموسم الراهن”، معتبرا أن “مواسم البرد التي تمر بدون تساقطات أو تكون فيها تساقطات مطرية وثلجية قليلة تشهد على برودة شديدة قياسية، بما يؤثر على السلامة الصحية للساكنة ومربي الماشية التي قد تنفق من شدة البرد”.
وقال منسق “ائتلاف الجبل” (يتخذ بولمان مقرا له) إن “المواطنين في الجبال ليست لديهم موارد بديلة عن حطب التدفئة، إذ تقتضي ظروف المعيشة توفير ما يلزم للتدفئة طيلة ثلاثة أشهر على الأقل… وحطب التدفئة يستهلك جزءا كبيرا من الإنفاق الأسري لساكنة هذه المناطق؛ ما يستدعي، في بعض الأحيان، التدخل لتحديد السعر تفاديا للمضاربات”.
وتابع “توفير التدفئة يحكمه عاملان أساسيان؛ الأول هو “غلاء أسعار حطب التدفئة التي زادت أسعارها بشكل ملحوظ بمقدار 300 إلى 400 درهما للطن الواحد”. أما الثاني فهو “غياب البدائل التي من الواجب على الدولة، بتنسيق والتقائية بين عمل وسياسات قطاعات التنمية القروية والداخلية والمياه والغابات، التفكير فيها جديا وعدم ترك الساكنة في مواجهة البرد القارس”.
واقترح الديش أن يتم توفير بدائل للتدفئة؛ أبرزها “تسعيرة موسمية مخفّضة للكهرباء بالمناطق الأكثر برودة، خلال أشهر دجنبر ويناير وفبراير من كل سنة على الأقل، لتشجيع استعمال المدافئ الكهربائية”، أو تخصيص “ميزانية لدعم غاز البوتان المستخدم بهذه المناطق النائية”، فضلا عن “استخدام طريقة البناء وتشييد المؤسسات العمومية والمنازل بشكل يضمن أن تكون عازلة للبرودة الشديدة”.
“دعم حطب التدفئة”
من جهته، قال عمر أوزياد، فاعل مدني بإقليم أزيلال، أحد الأقاليم المعنية مباشرة بنشرات موجات البرد وعزله لساكنة القرى والمداشر لأشهر ممتدة، إن “إشكالية توفير حطب التدفئة بالأثمنة المناسبة تتداخل فيها عدد من المعطيات؛ سواء من حيث استنزاف المجالات الغابوية أو رفع السعر دون مراقبة من السلطات”، مشددا في السياق أيضا على “غياب الإرادة السياسية لحل هذا المشكل المتجدد؛ لكنه يبقى غائبا عن هواجس وأجندة المنتخبين المحليين”.
وأضاف أوزياد، في تصريح لهسبريس، أن “حطب التدفئة يغيب عن برامج مواجهة البرد والحد من تداعياته وآثاره”، مبرزا “ضرورة التواصل مع الساكنة والأخذ بمقترحاتها في هذا الإطار وكل ما يخص العزلة خلال مواسم البرد، عوض الاكتفاء بالإنصات لمعاناتها دون تفعيل القرارات”.
ولفت الفاعل المدني بإقليم أزيلال إلى أن “الطلب مرتفع سنة بعد أخرى على حطب التدفئة بشكل يتجاوز قدرة الأسر المحلية على اقتنائه رغم كونها تستفيد من برامج الدعم الاجتماعي”، مثيرا في سياق حديثه “إشكالية التراخيص لاستغلال الملك الغابوي العمومي”، مقترحا “برنامجا خاصا لدعم الحطب المخصص للتدفئة خلال مواسم البرد مثلما تم دعم مهنيي النقل أو الفلاحين بخصوص الأعلاف مثلا”..
وختم: “للجبل خصوصية ما فتئنا نلحّ على ضرورة إدماجها في السياسات العمومية، وعدم انتظار الفاعلين المحليين للمبادرة بشكل محدود”، مؤكدا أن “الأولويات التنموية في مناطق الجبل ما زالت بسيطة جدا ما يتعيّن معه أن تتجاوز التدخلات منطق التعامل الموسمي معه أو الاستهلاك الفرجوي”، حسب تعبيره.
0 تعليق